لم يكن خروج المنتخب السعودي الأول لكرة القدم من الدور الأول من تصفيات كأس العالم 2014 المقبلة في البرازيل مستغرباً، فالخبراء والمدربون الذين مروا على الكرة السعودية من خلال إشرافهم على الأندية والمنتخبات حذروا قبل فترة من تراجع الكرة السعودية، وأن منافستها على الصعيد الآسيوي فيه من الصعوبة الشيء الكثير، وطالبوا اتحاد الكرة بوضع خطط طويلة الأجل. يوم الأربعاء كان الموعد الذي حذر منه الخبراء فكان الخروج المر الذي صدم فيه الشارع السعودي بهزيمة تاريخية كشفت الواقع المرير الذي تعاني منه الرياضة السعودية منذ سنوات طويلة كنا خلالها نكابر ونستخدم المسكنات ونضحي بالأسماء الكبيرة في عالم التدريب دون أن نكلف أنفسنا بتقييم واقعنا الرياضي بشكل علمي، ونتخذ القرارات التي تساهم في عودة الكرة السعودية للواجهة. الخبراء والمدربون كشفوا أن علة الرياضة السعودية تكمن في عقلية اللاعب السعودي، وعدم انضباطيته داخل الملعب وخارجه، وهذه هي الحقيقة التي تغيب عن الجميع، وحذر منها الخبراء، وكبار المدربين فاللاعب السعودي لم يقتنع حتى الآن بأنه لاعب محترف مطالب بمضاعفة جهده داخل الملعب وخارجه، والانضباط التام في حياته بشكل عام فعمره الرياضي محدود جداً، وإي خلل في ذلك سيؤثر سلبياً على حياته الرياضية، ويجعله عرضه للإبعاد والعقوبة؛ فالبقاء داخل الملعب سيكون للاعب الجاهز فقط، وهذا هو عالم الاحتراف الحقيقي الذي لانطبقه للأسف الشديد بمباركة من مسيري الأندية الذين رضخوا لمساومات أشباه لاعبين بالتوقيع معهم بمبالغ خيالية جداً على حساب مداخيل الأندية دون النظر من العائد الذي سيجنيه النادي من هذا اللاعب. مضى على تطبيق الاحتراف أكثر من خمسة عشر عاما وهي المدة التي يسجل فيها مؤشر الكرة السعودية التراجع على المستوى الآسيوي فبعد أن كنا أبطالا للقارة وأحد ثلاثة فرق مرشحة للوصول ل"المنديال" بلاعبين هواة أصبحنا نخرج من الدور الأول وبهزائم ثقيلة، ونسجل الغياب الثاني عن المحفل الرياضي الكبير بلاعبين عقودهم في أرقام الملايين، وخلال هذه الفترة لم نكلف أنفسنا بتقييم هذه المشكلة، والعمل على إيجاد حلول عاجلة لتدارك المأزق الذي وضعنا أنفسنا فيه عندما طبقنا الاحتراف بدون تخطيط دون أن نهيئ الأندية لمثل هذه القرارات التي تحتاج إلى أندية تدار بفكر اقتصادي تعطي كل لاعب المبلغ الذي يستحقه ويوازي الفائدة التي سيجنيها من اللاعب. قرار استقالة رئيس وأعضاء اتحاد الكرة، وحتى إلغاء عقد المدرب لن يكون الحل، فالكرة السعودية تعاني بشكل كبير، وتحتاج إلى علاج شامل يبدأ بتأسيس الأكاديميات الكروية، والتركيز على بطولات البراعم والشبان وتشجيع الأندية على جلب مدربين عالميين للفئات السنية، وتعويد اللاعبين الصغار على الانضباط داخل الملعب وخارجه، وقبل ذلك بناء المنشآت ومقرات الأندية وتجهيزها بأحدث الأجهزة. خلال العشرة أعوام الماضية كم لاعب سعودي تلقى عرضاً جدياً للاحتراف الخارجي؟ متى ما كانت الإجابة أكثر من عشرة لاعبين فإننا نكون قد عدنا للواجهة وأصبحنا ننافس على بطولات القارة ونعبر للمحفل الدولي الكبير بسهولة.