عدد كبير من المستثمرين الذين يهتمون بحركة المؤشر وأسعار الأسهم لا يشترون أو يبيعون إلا بعد معرفة اتجاهات أسعار النفط. انهم يبحثون بإصرار يوم الاثنين عصراً بالتحديد عن سعر برميل النفط، كما يتضح من افتتاح الأسواق العالمية كمؤشر لوضع سوق الأسهم، بحيث يصعد السوق إذا ارتفعت أسعار النفط والعكس صحيح. إذا حدثت هذه العملية عدة مرات ونجحت التوقعات في كل مرة يتخمر في أذهان المتعاملين أن هناك علاقة طردية وثيقة تجمع مؤشر السوق وأسعار الأسهم بأسعار النفط. قد يكون التاريخ القريب والبعيد قد رسخ قوة هذه العلاقة فأصبحنا في وضع يسمى (catch22) بمعنى أن أية دراسات أو تحليلات تستطلع هذه العلاقة سوف تكون نتيجتها تأكيد وجود علاقة طردية والسبب انه استقر في أذهان المتعاملين في السوق عبر الزمن والتجارب وجود علاقة طردية مع أن هذه العلاقة قد لا تكون موجودة أصلاً!! المتخصصون الذين استشرناهم حول العلاقة بين أسعار النفط ومؤشر السوق وأسعار الأسهم يتفقون على الحاجة إلى اختبار ودراسة العلاقة بشكل علمي حتى يمكن الحصول على إجابات منطقية ولكن هل في سوقنا شيء منطقي أساساً حتى تتم دراسته؟ هذا هو السؤال؟ ويؤكدون على دور العوامل النفسية في الربط بين حركة المؤشر وحالة أسعار النفط وهذه عبارة أصبحت كمثل الشمس في رابعة النهار حيث يتأثر سوق الأسهم بالحالة النفسية أكثر من العوامل الأساسية أو التحليل الفني. وقد عرضنا القضية على د. تركي الزميع أستاذ الإدارة المالية في جامعة الملك سعود، ود. عبدالله الباتل أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك سعود من خلال الحوار التالي الذي استهليناه بالسؤال التالي: ربط واقعي ٭ «الرياض»: كثيراً ما يتم الربط بين أسعار النفط ومؤشر الأسهم، هل هذا الربط حقيقي أم مصطنع؟ - د. الزميع: هذا الربط واقعي وكما ذكرنا كثيراً من قبل أن ارتفاع أسعار النفط تعتبر من المؤشرات الأساسية (إن لم يكن المؤشر الأساسي الأكثر تأثيراً) على الوضع الاقتصادي في المملكة وبالتالي حينما يكون الوضع الاقتصادي في حالة جيدة فسوف ينعكس على مؤشر الأسهم ولكن الخطورة هنا عندما تنخفض أسعار النفط لمدة متوسطة أو طويلة نسبياً لا قدر الله (ماذا سيحصل للمؤشر)؟ لا بد وانه كذلك سوف ينخفض لعلاقة ذلك بالتوقعات حول الوضع الاقتصادي. بل ارتباط غير واضح - د. الباتل: العلاقة بين أسعار الأسهم والتغيرات في أسعار البترول غير واضحة، إلا أنه يمكن القول إن زيادة أسعار البترول تؤدي إلى زيادة الدخل للمجتمع وهذا بدوره يؤثر على تصرفات المتعاملين في الأسهم بأن دخلهم سيرتفع ولهذا فإنهم يوجهون جزءاً من هذا الدخل للاستثمار والذي بدوره قد يذهب إلى التعامل في الأسهم. من جانب آخر فإن التوقعات بزيادة السيولة في المجتمع بسبب الزيادة في أسعار البترول والذي أدى بدوره إلى زيادة دخل الحكومة قد يكون عاملاً آخر غير مباشر في وجود علاقة بين أسعار الأسهم وأسعار النفط. لأنه من المعروف أن زيادة السيولة بيد الجمهور تؤدي في الغالب الى زيادة الاستهلاك وبما ان حمى الأسهم هي المسيطرة على تصرفات المجتمع فإن ذلك قد يكون مسبباً لهذا الارتباط. ومن هنا فإن العلاقة بين أسعار النفط ومؤشر السوق قد يكون لها أساس من الصحة لكنها غير مثبتة اقتصادياً أو مالياً وانما قد يكون العامل النفسي هو الذي أدى إلى توقع وجود مثل هذه العلاقة. الحاجة ماسة لمحللين للقطاعات ٭ «الرياض»: يتأثر سعر سهم سابك مباشرة بأسعار النفط ومن ثم يكون التأثير على المؤشر، هل لسابك علاقة حقيقية بأسعار النفط؟ - د. الزميع: لا شك أن سابك من كبريات شركات العالم للبتروكيماويات ومن أكبر الشركات في المملكة، وحينما يرتفع أو ينخفض سعر النفط لا شك أن سابك سوف تتأثر بهذا الارتفاع أو الانخفاض (كما ذكر في السؤال الأول).. النقطة الهامة هنا لماذا يتأثر سهم سابك ارتفاعاً مع ارتفاع أسعار النفط مع أنه حسب علمنا أن المواد الخام لمنتجات سابك هي مواد نفطية في الدرجة الأولى والتحليل المنطقي يقول حينما ترتفع تكلفة المواد الخام سوف تقل الأرباح.. لكن الجواب على هذا السؤال ليس بهذه السهولة فلمعرفة أثر أسعار النفط على سعر سهم سابك فيجب أن نعرف تأثير النفط على تكلفة المواد الخام لشركة سابك وكذلك وربما هذا الأهم أثر ارتفاع أسعار النفط على اقتصاديات الدول التي تصدر لها سابك. وبالأخص أثر ارتفاع أسعار النفط على الحركة الاقتصادية في البلاد المستوردة لمنتجات سابك وهل هذا يؤثر على حجم استيراد منتجات سابك وأكثر من ذلك يجب معرفة أثر ارتفاع أسعار البترول على اقتصاديات الدول التي تستورد المنتجات النهائية من هذه الشركات التي تستورد المواد المصنعة من سابك. هذا السؤال يوضح لنا كم هي الحاجة الماسة إلى وجود محللين ماليين للقطاعات وليس كما هو موجود حالياً من وجود محللين ماليين بشكل عام. من ناحية أخرى إذا عرفنا أن دورة أسعار البتروكيماويات تختلف عن دورة أسعار النفط فربما لا نجد علاقة بين التغير في أسعار النفط وربحية سابك على المدى الطويل. الميزة النسبية تبرز هنا - د. الباتل: بالنسبة للعلاقة بين سعر سهم سابك وأسعار النفط قد يكون أقرب إلى الواقع الإقرار بوجود هذه العلاقة. فارتفاع أسعار النفط بكل تأكيد يؤدي إلى زيادة الإنتاج من البترول وبما أن جزءاً من الغاز الذي تستخدمه سابك يكون من الغاز المصاحب فإن زيادة إنتاج البترول تؤدي إلى زيادة الإنتاج من هذا الغاز المصاحب مما يعني أن سابك ستحصل على الوقود الذي تحتاجه لمنتجاتها بشكل أسهل وأسرع وبغزارة وربما كذلك بأسعار أقل حسب معادلات الميزة النسبية المعروفة. لهذا فإن هذه العلاقة تكون صحيحة. وبالإضافة إلى ما تم استعراضه في الجواب السابق من وجود عوامل نفسية وتوقعات مستقبلية لزيادة الدخل والسيولة كلها تؤدي إلى إحداث تغييرات في أسعار سابك. أيضاً من المعروف أن شركة سابك لها دور كبير في تقلبات المؤشر وربما أسعار الأسهم الأخرى. تأثر بعوامل السوق ٭ «الرياض»: هناك أسهم عديدة لا يبدو ظاهرياً أن لها علاقة بأسعار النفط ومع ذلك تنخفض أسعارها بمجرد انخفاض أسعار النفط، لماذا يحدث هذا برأيك؟ - د الزميع: هي في الغالب شركات تبدو مهزوزة كما أن وضعها المالي والتشغيلي ليس بذلك القوة، ولذلك فهي تتأثر بعوامل السوق بشكل كبير ففي حالة ما إذا كانت الأسعار جيدة فهي تتغير نحو الارتفاع وتبدو وكأنها شركات ممتازة أو جيدة. ولكن في حالة ما إذا كان الاقتصاد ليس على ما يرام (بسبب انخفاض أسعار النفط) أو تأتي أسباب أخرى فإن وضعها سوف ينقلب إلى الأسفل بشكل كبير للغاية. علاقة طردية - د. الباتل: أسهم الشركات الأخرى التي ليس لها علاقة ظاهرية بأسعار النفط تتأثر بوجود علاقة غير مباشرة. حيث إن هناك ما يعرف بالعلاقة الطردية بين أسعار الأسهم نفسها فإذا ارتفعت أسعار بعض الأسهم فإن أسعار أسهم الشركات الأخرى قد تكون لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالأسهم المرتفعة سوف تتأثر بهذا التغير في الأسعار ومن هنا فإن التأثر قد يكون سلباً أو إيجاباً حسب العلاقة بين أسعار أسهم الشركات ذات العلاقة وأسهم الشركات المرتبطة سلباً أو إيجاباً فإذا كان هناك علاقات «تعامل» بين الشركات فإن العلاقة ستكون إيجابية أما إذا كانت العلاقة تنافسية أو تبادلية فإن العلاقة ستكون سلبية وهكذا فربما لا تكون العلاقة مباشرة وانما غير مباشرة وهذا قد يكون بسبب زخم السوق، حيث يزيد الطلب على أغلب أسهم الشركات بأنواعها في حالة ارتفاع الأسهم القيادية والعكس صحيح.