تتواجد على حدود ساحة الحرم المكي الشرقية إحدى أقدم المكتبات في قبلة الدنيا «مكتبة مكةالمكرمة»، والتي تمثل ثقلاً علمياً كونها تحتضن كتباً ومخطوطاتٍ نادرة، هناك تحاصرك بقايا الكراسي والدواليب العتيقة، والتي تتلاصق داخل مبنى ضيق، تفوح من بين زواياه رائحة الغبار والأتربة، وكأنك داخل مستودعٍ لتخزين الكتب. ولكن المشهد الذي يفجعك هناك هو تمديدات الكهرباء، والتي تمت بطريقة عشوائية، حيث إنّها تتدلى بين فتحات حديدية، وبأطوال تصل إلى (50م)، وبعضها يأتي من عدادات مكشوفة في العراء بمنطقة مكتظة. وبيّن العميد «جميل أربعين» -مدير إدارة الدفاع المدني بالعاصمة المقدسة-: أنّ ما رصد في مكتبة مكةالمكرمة يعد مخالفة لتعليمات السلامة، ويشكل خطورة على المارة والمترددين، مشيراً إلى أنّه سبق مخاطبة الجهة المسؤولة ولا تزال المتابعة مستمرة. جميع النوافذ في المكتبة محكمة الإغلاق ورفض «يسلم باصفار»-أمين المكتبة- التعليق على ما رصدته «الرياض»، وسؤالها عن ما إذا كانت هناك جهود لتغيير وضع المكتبة، ورد بأنّه غير مخوّل بالحديث. وكان مما رصدته «الرياض» أيضاً انتهاء صلاحية عدد من طفايات الحريق، وعدم وجود جهاز إنذار، بل ولا يمكن استخدام أي منفذ للهروب، فجميع النوافذ التي يزيد عددها عن (17) نافذة محكمة الإغلاق، اضافةً إلى غياب مخارج الطوارئ. وتقع مكتبة «مكةالمكرمة» على حدود شعب «بني هاشم» الشهير، ووسط جبال «قيقعان» و»خندمة» و»أبي قبيس» التاريخية، وقد بناها الشيخ «عباس قطان» عام 1371ه، وتحوي نوادرٍ من الكتب القيّمة، والتي أوقفها ال(21) عالماً ومفكراً من أشهرهم الشيخ «حسين عرب»، والشيخ «حسن مشاط» والشيخ «ماجد كردي»، وتضم المكتبة (170) ألف عنوان منها كتب نادرة مثل؛ كتاب «عمدة المحتاج في علمي الأدوية والعلاج»، كما تحتضن (2500) مخطوطة نفيسة؛ منها مخطوطة «فتوح الحرمين»، وشرح قوانين «ابن جزئي»، وهي في مجلدين ضخمين كتبها «محمد حسين المالكي» المتوفي في عام(1376) ه. بعض أسلاك التمديد مكشوفة في الخارج ويفد على المكتبة طلبة العلم وطلاب معاهد الحديث والقرآن الكريم، ولكن أشهر الزائرين لها والذي ظل (23) عاماً يتردد عليها بشكل أسبوعي هو عضو هيئة كبار العلماء «د.عبد الوهاب أبو سليمان»، وبمجرد الدخول إلى بهو المكتبة التي لا تزيد مساحتها عن (350م)، يعني العيش في جو يعبق بالعلم والبحث، في داخل قطعة من أرض المسجد الحرام، ويتجمع أمام المكتبة بائعو مياه زمزم، وسائقو سيارات الأجرة و»الكدادة» ساعين وراء رزقهم، ولكن تصرفات البعض منهم تزعج مرتادي المكتبة.