دعا المشاركون في مؤتمر "الأدب في مواجهة الإرهاب" إلى تبني تحرير مفهوم الإرهاب ودلالاته في الجانب الثقافي والأدبي والنقدي، مؤكدين على ضبط مفهوم الحرية في الفكر والأدب بالقيم الإسلامية، داعين لإنشاء مركز لرصد النتاج الأدبي المسهم في مواجهة الإرهاب. التوصية بتضمين المناهج الدراسية النصوص الأدبية التي توضح خطورة الإرهاب جاء ذلك في الجلسة الختامية للمؤتمر مساء أمس الذي نظمته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود –حفظه الله- واستمر يومين، حيث رفعوا شكرهم لمقام خادم الحرمين ولسمو ولي عهده الأمين -حفظهم الله-، ووزير التعليم العالي، ومدير جامعة الإمام على إقامة هذا المؤتمر. وتلا التوصيات رئيس قسم الأدب نائب رئيس اللجنة العلمية الدكتور محمد بن سليمان القسومي، بحضور عميد كلية اللغة العربية رئيس اللجنة العلمية الدكتور محمد بن علي الصامل. ودعت التوصيات إلى حث الأدباء العرب والمسلمين على تبني قيم التسامح في نتاجهم الإبداعي وفقاً للمفهوم الإسلامي وضوابطه ونشر ابداعهم سعياً إلى توضيح الصورة الحقيقية للأديب العربي المسلم، وتحرير مفهوم لمصطلح الإرهاب ودراسة دلالاته في الجانب الثقافي بصورة عامة والأدبي والنقدي بصورة خاصة. ودعت التوصيات إلى ضبط مفهوم الحرية في الفكر والأدب وتحديد أطرها المنضوية تحت تعاليم الإسلام والقيم الاجتماعية في الوطن العربي والإسلامي، كما دعت إلى صياغة ميثاق ادبي تتبناه جامعة الإمام دعماً لأثر الأدب في معالجة الإرهاب وتجفيفاً لمنابع الفكر المنحرف. وأوصى المشاركون بدعوة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني لتبني موضوع مواجهة الأدب للإرهاب، وأكدوا على أهمية الحوار الأدبي الرفيع المعتمد على قوة الحجة ونصاعة البيان في سبيل مواجهة الفكر المنحرف، وترجمة النصوص الأدبية العربية المعالجة لظاهرة الإرهاب إلى اللغات الاخرى لتسهم في نشر الوعي الإيجابي عن العرب والمسلمين. ودعا المشاركون إلى انشاء مركز خاص برصد وتوثيق النتاج الأدبي والنقدي المسهم في مواجهة الإرهاب ومقره جامعة الامام وله فروع في الجامعات العربية والإسلامية، و السعي إلى أن يكون مفهوم الامن شاملاً الأمن الثقافي الذي ينبثق منه الأدب، مشيرين إلى ضرورة تبني اختيار النصوص الأدبية التي توضح خطورة الإرهاب وتضمينها المناهج والمقررات. وأشارت التوصيات إلى دعم الانشطة الادبية التي تسهم في الحد من ظاهرة الارهاب، وأهمية العناية بإكتشاف المواهب الأدبية ورعايتها وتشجيعها، والاهتمام بالبرامج التي تقدم للاطفال بوسائل الإعلام، والعناية بالمسرح الادبي لعرض القيم الرفيعة. ودعا المشاركون في توصياتهم إلى تخصيص جائزة سنوية على مستوى الدولة تعنى بالإبداع الأدبي المتخصص في التصدي للظواهر السلبية كظاهرة الارهاب، واقامة المسابقات الادبية التي تعزز التسامح والوسطية بين الطلاب، وعقد المؤتمرات والندوات الأدبية في الجانب الأدبي، ودعوة وزارات الثقافة والإعلام في الدول العربية والإسلامية لتحصين وسائل الإعلام من الأفكار المحرضة على العنف. وأشارت التوصيات إلى رغبة المشاركين في عقد المؤتمر بصفة دورية، وتكوين لجنة بجامعة الامام لمتابعة تنفيذ ما ورد في توصيات هذا المؤتمر. وكان الباحثون في الجلسة الثامنة قد تناولوا المحور الخاص بالأدب وآثار الإرهاب على التنمية وتحدث الدكتور علي خذري أستاذ التعليم العالي بقسم اللغة العربية من جامعة باتنة الجزائرية عن "الإرهاب في الكتابة الروائية الجزائرية" ناقش من خلاله ظاهرة الإرهاب وما انبثق عنها من نتائج كارثية تتمثل في الجانب المعنوي عبر فتاوى التكفير والتحريم والجانب الجسدي عبر القتل وإهدار الدم بغير وجه حق وبناء على ذلك تم منع بعض الكتب من التداول في الدول العربية، كما تطرق إلى ذكر ابرز الروايات التي فضحت هذا الفكر نتيجة اكتواء كتابها بنار الإرهاب. وشارك الدكتور محمد عمار أستاذ قسم الأدب في جامعة الإمام في الجلسة من خلال طرحه لديوان "كلا" للشاعر العشماوي كنموذج للشعر السعودي في مواجهة الإرهاب فتحدث عن الدلالات اللغوية لغلاف الديوان وما يحمله من الرفض والاستحضار، كما تناول شيئا من الأبيات الشعرية التي استشهد بها. وتناولت الدكتورة خولة الوادي أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية في جامعة الدمام ما يتجسد به أدب غسان كنفاني وخاصة قصصه القصيرة وقالت: هناك تمثيل مطابق لعاطفة الانتماء المقرون بالعلاقة التبادلية بين الفرد ووطنه ولعاطفة الكراهية التي تنطوي على الفكر المقاوم. وفيما يتعلق بطرح الإرهاب والتطرف في الرواية العربية تناولت الدكتورة علا حسان من جامعة الإمام بعض الأمثلة لأبرز الروايات العربية التي أظهرت نوع من الشجاعة في تناول الظاهرة والعوامل الدافعة إليها ومبرراتها من القمع الفكري والنفسي وسلب حقوق المواطنة وأضافت: إن الرواية العربية كانت إرهاصا واعيا بظاهرة التطرف الديني وقاربت ظاهرة الإرهاب في سياقاتها المتعددة من منطلق الدور الفاعل الذي تمثله الرواية في إظهار خفايا وسلبيات المجتمع. ثم تناولت الجلسة التاسعة محور (الأدب وثقافة المواطنة) ورأسها الدكتور محمد بن عبدالله المفلح، الأستاذ المشارك في قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي في كلية اللغة العربية بالجامعة، وتحدث الدكتور عادل بن عبدالله الفلاح، وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت، بورقة عنوانها: قواعد حضارية في معالجة الأدب للإرهاب، سعى من خلالها إلى التأصيل لمجموعة من القواعد الحضارية في تعامل الأدب مع ظاهرة الإرهاب. وأكد على الدور التواصلي للأدب، وذلك أن الأديب مسؤول إزاء ما ينتج، وإزاء نفسه، ومجتمعه، وربه مشيرا إلى أن إسهام الأدب في مواجهة الإرهاب ليس بدعاً ، فتاريخ الآداب هو تاريخ البحث عن الحرية والإنسانية والأمن والسلام، وهو تاريخ التصدي للعنف والصراع. تلا ذلك ورقة بعنوان: أدب الخطابة في مواجهة الإرهاب: المضمون في خُطَب الملك عبد الله بن عبد العزيز أنموذجًا (بين عامَي 1415-1432ه)، للدكتورة الجوهرة بنت بخيت آل جهجاه الأستاذة المساعدة بقسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي في كلية اللغة العربية بالجامعة، التي حللت في دراستها مضمون التعبير الخَطابي في خطب خادم الحرمين خاصة التي ألقاها في أعقاب الحوادث الإرهابيّة وتطوراتها في مرحلة ولاية العهد ومرحلة ولاية الحُكم، بوصف مضمونها أُنموذجًا للخطاب السياسيّ القياديّ في المملكة الموجَّه إلى الشّعب السعودي بخاصّة، وإلى الأُمم العالميّة بعامّة، وإلى الفئات الإرهابيّة على وجهَي الترغيب والترهيب معًا في قالبٍ أدبيٍّ خطابي بعدها شاركت الدكتورة وفاء بنت إبراهيم السبيل، الأستاذة المساعدة في قسم الأدب بكلية اللغة العربية بالجامعة ببحث بعنوان الأدب وثقافة المواطنة: دراسة للنصوص الأدبية في مناهج التعليم العام، ذكرت فيه أن المواطنة مصطلح يشير إلى الانتماء إلى أمة أو وطن، أما الوطنية فهي تعبير قومي يعني حب الشخص وإخلاصه لوطنه، ويشمل ذلك الانتماء إلى الأرض والناس، والعادات والتقاليد، والفخر بالتاريخ والتفاني في خدمة الوطن. ويتسع معناها ليشمل الحب المخلص، والدعم، والدفاع عن البلد الذي ينتمي إليه المرء أو هي الولاء للوطن. وفي ختام موضوعات الجلسة قدم الأستاذ الدكتور سعيد فكرة، عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية والعلوم الإسلامية بجامعة الحاج لخضر في الجمهورية الجزائرية، ورقة بعنوان: أدب الهوية الوطنية وأثره في مواجهة الإرهاب: الأدباء الجزائريون أنموذجاً، ذكر فيها أن للهوية الوطنية التي تتمتع بكل صفات الإنسانية أثراً كبيراً في القيام بالمسؤوليات الفردية والاجتماعية والوطنية تجاه الخالق والإنسان والدنيا والآخرة.