مع بواكير تطبيق الاحتراف في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي برزت أسماء للاعبين كانوا يومها يملأون الأسماع، ويخطفون الأبصار، ويسرقون الأفئدة، ولذلك ظلت عدسات المصورين لا ترمش لها عين بوجودهم، وأقلام الصحفيين لا تفتأ تسجل سكناتهم قبل حركاتهم، حتى إذا ما أعلنوا مغادرة (المستطيل الأخضر) راغبين أومرغمين، أغمضت الكاميرات عيونها، وجففت الأقلام حبرها، فباتوا نسياً منسياً، حتى لكأنهم ما ركضوا في ملعب، ولا زخَّت أجسادهم بقطرة عرق، وما سجل لهم التاريخ لحظة أنهم كانوا هنا، وهو الجحود بعينه، والنكران بكل معانيه. و"دنيا الرياضة" إذ تستشعر المسؤولية تجاه هؤلاء اللاعبين تأخذ على عاتقها إعادتهم إلى دائرة الضوء في هذه الزاوية، لتعبر من خلالها عن الوفاء لما قدموه، وضيفها اليوم قائد فريق الرائد ومدافعه السابق محمد النودلي. * بداية حدثنا عن أحوالك واهتماماتك بعد اعتزال الكرة. - الحمد لله على كل حال أنا متزوج وأب لأربعة أولاد وثلاث بنات، وأهتم بالشؤون السياسية وأتابعها لحظة بلحظة؛ وللرياضة ومتابعتها النصيب الأكبر انساق وراء التقنية والتكنولوجيا وحداثة الأجهزة إذ تأخذ حظا وافرا من الوقت. الرائد أوقف طموحاتي التعليمية وقادني لمركز الرعاية الصحية الأولية!! * أين تعمل اليوم؟. - أنا خريج قسم الصيدلة من المعهد الصحي ببريدة وأعمل حاليا مديرا لأحد مراكز الرعاية الأولية الصحية بالقصيم، وأكتفي بمرتبي الشهري فالحال ميسورة ولله الحمد. * هل أثرت الرياضة سلبا على تحصيلك العلمي؟. - نعم ؛ فبعد حصولي على دبلوم الصيدلة كانت هناك فرص مواتية لتكملة الدراسة العليا، ولكن لارتباطي بالنادي وحبي وإخلاصي واهتمامي بكل ما من شأنه رفعة مسيرة الرائد فضلته على الوظيفة والتحصيل العلمي وبالتالي حال دون حصولي على الشهادات العليا، رغم أنها كانت أمنية قريبة التحقيق. * ما الفرق بين أضواء اللعبة والأجواء بعد افتقادها؟. - الفرق كبير جداً، الشهرة شعور محبب لدى النجم وبالنسبة لي شخصيا بعد اعتزالي اللعب، لم أبتعد عن الرياضة؛ إذ شغلت منصب مدير الكرة بالرائد وكذلك منصب مساعد مدرب حتى هيأت نفسي للابتعاد عن المجال الرياضي والتفرغ للعائلة ولعملي تدريجياً مما كان له الأثر الإيجابي لعدم افتقاد تلك الأضواء فجأة. * التواضع إحدى أجمل صفاتك لاعبا، كيف أثر ذلك إيجابا عليك بعد الاعتزال؟. - ديننا الحنيف يحث على التواضع، نشأنا وتربينا على هذا من والدي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، ولعل التواضع مع الشهرة يزيد رصيد النجم من عشاقه ومحبيه، حتى الفرق المنافسة فإنهم يحترمونه لتواضعه ولا أتخيل نجما مغرورا سيستمر قريبا من قلوب الرياضيين، فإذا انتهى مشواره تأكد أنه سرعان ما تنساه الجماهير. *هل لديك صداقات تبخرت بمجرد هجرك للرياضة؟. - نعم لأنها بنيت على التواجد في المعسكرات والمباريات فقط، ولم تمتد خارج الرياضة، ولي بعض الصداقات التي لم تنقطع. * مصالحك العامة كانت تسير دون توقف بسبب شهرتك كيف هي الآن؟. - الحمد الله لم تتغير معاملة الناس لي فأنا نظامي جدا في تعاملي، ولم أشعر بتغير قبل وبعد، ولم أجعل من شهرتي في المنطقة ذات يوم وسيلة لكسب شيء على حساب شخص آخر. * كيف تقيم الكرة السعودية في الوقت الحالي مع الإمكانات العالية؟. - بصراحة الكرة السعودية ينقصها "المواهب" واكتشافهم وكما تعرف الآن تغير كل شيء ففي السابق كانت الكرة هي المتنفس الوحيد ؛ أما الآن ليس لديهم وقت ولا تشجيع وانا أقولها لك هي فترة انتقالية للكرة السعودية وهنا فرصة لتطبيق "الاحتراف من الأكاديمية" وإذا لم يعمل بها يكون الاحتراف من وجهة نظري ناقصا * ولماذا برأيك هي كذلك؟. - لاندثار ممارسة اللعبة بالحواري وكذلك زوال إقامة الدوريات المدرسية المدعومة من القطاعات الأخرى لتحفز الطلاب والمواهب للتوافد على الأندية. * وهل تتمنى لو أنك من لاعبي الوقت الحالي للاستفادة من الطفرة المالية؟. - الحمد الله على كل حال فأنا راض تمام الرضا بما قسمه الله لي وأولادي من الرزق؛ فنملك مثلا شعبيا دارجا بيننا يقول (لو تركض ركض الوحوش غير رزقك ما تحوش) معناه مهما حاولت وبذلت فلن تحصل على غير ما قدر لك ؛ وثق أن ما نحصل عليه سابقاً كان ربما يوازي ما يحصلون عليه الآن لكون السلع تضاعفت أسعارها ، وبالتالي هي عملية طردية. * لو قدر الله وحصلت على تلك الملايين؛ ماذا ستعمل بها؟. - لو هي من عمل الشيطان؛ وكما قلت أنا راض عن نفسي وحالتي على ما يرام فثق تماماً أن (القناعة كنز لا يفنى) فكل رجل ثري سيرحل ولن يخلف إرثاً له إلا العمل الصالح. *كم هي أكثر مكافأة حصلت عليها أثناء مزاولتك للكرة؟. - عند صعودنا الرائد للدوري الممتاز عام 1412ه تسلمت مكافأة قدرها 20 ألفاً وكانت ثمينة جدا في ذلك الوقت. *وما هي أقل مكافأة ؛ وفي أي مناسبة كانت حاضرة؟. - 200 ريال هي أقل مكافأة فوز تحصلت عليها وكانت في الدرجة الأولى ولا أذكر أي فريق كسبنا. * هل أمَّنت مستقبل عائلتك من خلال الرياضة؟. -لا . . ليس من خلال الرياضة؛ بل تم ذلك بفضل من الله ثم إصراري على الحصول على الشهادة الدراسية التي تعد مصدر الأمان للفرد؛ فمهما حصلت على مبالغ فربما ذهبت أدراج الرياح في أي لحظة؛ المرتب الشهري هو الأمان فأنصح كل لاعب بإكمال دراسته حتى لو عبر الانتساب. * هل الرياضة مجرد هواية؛ ومداخيلها مهما بلغت لا يمكن أن تقود اللاعبين إلى الغنى؟. - نعم، لم أر لاعبا بمجرد اعتزاله الرياضة أصبح رجل أعمال أو تاجرا بارزا؛ فكل ما يأخذه اللاعب من مبالغ يبدو أنه يصرف على الملابس (الإتيكيت) الولائم وأمور هدفها زيادة رصيد الشهرة. * بماذا تنصح اللاعبين في هذا الوقت؟. - أكثر اللاعبين من وجهة نظري لم يجلس مع نفسه ويفكر التفكير السليم، الرياضة الآن هي مصدر رزق وتأمين مستقبل لمن يحسن التعامل معها ويستفيد من مداخيل العقود الكبيرة بالشكل المطلوب؛ لذلك أشاهد مستويات اللاعبين في تدن واضح مرة وفي أخرى مرتفعا، وهذا يثبت أن اللاعبين لا يطبقون الاحتراف بشكل جيد، ومن خلال تجربتي أرى أن اللاعب متى حافظ على نفسه وابتعد عن السهر، وواصل أداء التدريبات على أكمل وجه، وأقنع نفسه بأن هذا مستقبله فحتماً سيكون النجاح حليفه، ومتى تراخى في تطوير مستواه فلن يتقدم أحد للمزايدة في عقده الاحترافي ويكون هو الخاسر الأول وليس النادي. * كيف يستفيد اللاعبون من الملايين برأيك؟. - تأمين المستقبل في تصوري بالاستثمار الجيد وخصوصا عبر بوابة العقار، ولا غيره فهو المربح تماماً ولا يحتاج لمتابعة، ودائماً في تزايد ويقول آباؤنا ( العقار الابن البار). * الكرة السعودية في أي اتجاه تسير؟. - بإذن الله تسير في الطريق الصحيح، ومن وجهة نظري المتواضعة لابد من استشارات أهل الخبرة في هذا المجال، صحيح نحن بحاجة إلا الدماء الشابة والتجديد، ولكنني أجزم بأن الخبرة ضرورية جدا في تطوير ورسم مستقبل رياضتنا فهي معادلة تكاملية تؤكد بأن الخبرة والطاقة والإمكانيات يولدان (العالمية) بكل تأكيد. * أين أنت من مواقع التواصل الاجتماعية؟. - أنا متابع جيد لكل وسائل التواصل الاجتماعية عبر البريد الإلكتروني وكذلك مواقع (فيس بوك) و(تويتر). * مواقع الأندية الإلكترونية تراها إيجابية أم سلبية؟. - هي إيجابية فيما لو استعملت لصالح (الكيان)، وليس لصالح أشخاص معينين لتصفية حسابات ولمصالح شخصية، وهو ما يجعله سلبياً على طريقة (خفافيش الظلام)!!. * تهتم بأدق التفاصيل عن الأحداث التي تصاحب دورياتنا؟. - نعم، ولكن ما يغضبني تلون بعض المحللين عبر وجهات النظر؛ فلو غير القناة للحظة والقناتان تتكلمان في قضية واحدة لسمعت وشاهدت آراء متباينة. * عقب اعتزالك الكرة؛ أأنت مع التدريب أو التوجه للقنوات التلفزيونية أم التفرغ لما كنت غائباً عنه؟. - لا . . لست ممن يؤيد التوجه للقنوات والتحليل فلكل مجاله؛ ومن الممكن التوجه للتدريب، ولكن التفرغ من وجهة نظري أهم منها جميعاً. الرائد لن يسير في غياب أركانه!! *كيف ترى مستوى الرائد بدوري "زين" حاليا؟ - لعل مرور الرائد بمراحل مفصلية أخرى بجولات الدوري العام والذي سبقه وهذا الموسم ، يرسم عنوانا عريضا لتقييمي للرائد. * وحال الرائد الحالي رغم صرف الملايين هل هو مُرضٍ برأيك؟ - رئيس الرائد فهد المطوع عمل ما بوسعه وقدم الأهم وهو الجانب المادي؛ ولكن يبقى التوفيق من الله عز وجل ولن يمر على إدارة الرائد شخصية تصرف من جيبها كما هو المطوع؛ أود أن يستمر في رئاسة مجلس الإدارة لمدة أطول؛ بشرط استقطاب رجالات النادي المعروفين مثل عبدالله السدرة وعبد العزيز المسلم وإبراهيم الراشد وعبد الله المبارك وعبد الله القناص، فأي نادٍ لا يمكن له أن يسير قدما دون أركانه. يهدي أمير القصيم ميدالية الصعود للممتاز 1412 يحتفل مع الرائديين بدرع الدرجة الأولى 1412 النودلي يتحدث للزميل العبيد يتوسط أبناءه خالد والوليد وعبدالإله وعبدالعزيز