قبل أيام وبالتحديد في يوم الجمعة الموافق 4/3 تلقيت نبأ وفاة أخ وفي وزميل عزيز، أحد أبناء هذا الوطن المخلصين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه -إن شاء الله-ألا وهو سمير المقرن مدير معهد الادارة العامة بالمنطقة الشرقية نتيجة حادث مروري مؤلم، وقد كان الأمر كالصاعقة التي هزت كياني وزلزلت وجداني، ولمفاجأة الخبر فقد كان رحمه الله في كامل صحته وأوج عطائه وقمة أدائه، تفاجأت واضطربت الأمور أمامي واتصلت بعدد من الأخوة والاصدقاء املاً أن يكون الخبر غير صحيح والمعلومة مغلوطة، ولكن كان قدر الله الذي لا مرد له، تلقيت الخبر بإنا لله وإنا اليه راجعون بقلب المؤمن الصابر المحتسب إن شاء الله، فأنا لست الوحيد الذي فقد هذا الرجل فهو فقيد للوطن بالدرجة الأولى قبل اقاربه ومعارفه فهو من الرجال القلائل الذين تميزوا بحب وطنهم وقوة ولائهم له، عرف عنه اخلاصه وكفاءته في عمله وتفانيه في أداء واجباته الوظيفية، وقدرته على تأهيل وتدريب ابناء وطنه في منطقة عزيزة علينا جميعاً، ليشاركوا في مسيرة النماء والتطوير التي يقودها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الامين، رحل رحمه الله وهو يشق طريقه بنجاح نحو المرتبة التي يستحقها وتليق به بإجماع من عرفوه، فقد كان مؤهلاً لخدمة الدولة والوطن من موقع أفضل ومكان أعلى، فهو الشخص المؤهل علماً وعملاً خسره الوطن قبل أهله وذويه، فقد كان يضرب به المثل في عمله في حسن الأداء والنزاهة والانضباط والقدرة على الادارة والتخطيط والتطوير، يدرك معطيات المرحلة ويستشرف المستقبل، يتوج ذلك كله خلق حسن وسجية طيبة، أعطى وقته وجهده لعمله، مع قدرة عجيبة على التوفيق بين عمله الرسمي وحياته الخاصة فهو قريب من اسرته وأولاده الصغار الذين فارقهم وهم في حاجة اليه لرعايتهم والعناية بهم وتوجيههم ومتابعة تعليمهم فأكبرهم لايزال طالباً، واصغرهم طفل قد لا يدرك، كان رحمه الله رؤوفاً رحيماً، لطيفاً ودوداً في تعامله معهم يتابع امورهم وتفاصيل حياتهم، لم ينشغل عنهم بأمور الحياة والعمل الذي اعطاه تفكيره واهتمامه وجهده، بل استطاع بقدوة المدير الناجح والاب المربي الودود أن يوفق بين أدائه المتميز وحرصه على تحقيق اهدافه، وسعادة عائلته وتربية ابنائه وراحتهم، وقبل هذا وذاك كان نموذجاً للعبد الصالح -إن شاء الله- مخلصاً لدينه مؤدياً لواجباته تجاه ربه عز وجل، واضعاً مخافته سبحانه وتعالى نصب عينيه في كل أمور حياته العملية والاجتماعية، عرفته رجلاً نموذجاً واعداً ينتظره مستقبل زاهر لم يمهله أجله للوصول إلى ما يستحقه أو قطف ثمار جهوده وافكاره، أو رؤية ابنائه الذين غرس فيهم مكارم الاخلاق، وحب العمل والتفاني في خدمة الوطن وقد طرقوا أبواب النجاح وتحققت أمانيه فيهم. فما اصعب لحظات الفراق يا ابا عبدالرحمن على عائلتك ومحبيك ومجتمعك، غادرت الحياة وقد اعطيت نموذجاً نادراً للإنسان الصادق المخلص الوفي، الذي يؤكد للناس اجمع أن الانسان لا بماله ولا بمنصبه بل بما يزرعه في الناس من حب ووفاء واخلاص وحسن خلق وسمعة طيبة لا تفنى مع الزمن ولا تزول مع الموت، لست أدري كيف أودعك وقد غادرت هذا الحياة الزائلة وقدمت إلى رب كريم رؤوف رحيم، اسأله سبحانه أن يجزيك بالحسنات احساناً وبالسيئات مناً وغفرانا، وان يلهم عائلتك ومحبيك الصبر والسلوان، وأن يجمعنا بك وبهم في جنان الخلد في مقعد صدق عند مليك مقتدر مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا وإنا لله وإنا اليه راجعون. * وكيل وزارة الداخلية