انتقل إلى رحمة الله تعالى في مدينة الملك فهد الطبية في الرياض أثناء تلقيه العلاج الأخ الأكبر علي بن عبدالله بامخشب بالعبيد بعد رحلة مرضية صبر فيها كثيراً واحتسب فلقي وجه ربه راضياً مرضياً، نعاه الكثيرون وشارك في عزائه عدد كبير من اقاربه واحبائه واصدقائه، قصة حياة وكفاح المرحوم بدأها منذ الصغر فقد استقر به المقام في البلد الحرام وأخذ يشق طريقه بعصامية وتحدٍ كبير حتى بدأ يقف على قدميه فاشتهر اسمه في مجاله في مدينتي جدة والطائف، لقد ارتبط المرحوم بإذن الله بعلاقات انسانية واخوية حميمة مع كل ما يقابله، مشهود له بطيب الخلق والأخلاق، وكان مضرب المثل في دماثة التعامل وحسن الجوار ومساعدة الغير من المحتاجين وغيرهم والسعي إلى حل المشكلات والتواصل مع جيرانه، والوقوف مع الجميع. كان رحمه الله مميزاً بخفة دمه ومداعباته للصغار والكبار، وكان لطيفاً في حديثه، والجلوس معه متعة، فكان محدثه لا يشعر بالملل من كلامه، ان حياته رحمه الله صورة من صور الكفاح المشرف، لقد كان يسعى جاهداً إلى توفير الحياة الكريمة لأسرته وأبنائه وبناته وكان حريصاً على تنشئتهم التنشئة الصحيحة الصالحة والأخلاق الحميدة وهيأ لهم سبل التعليم، فهنيئاً له رحمة الله بذلك وهنيئاً لهم بهذه الأبوة المثالية الراقية. رحلت يا أخي الغالي من الدنيا، وأنا أقول رحل الجسد وبقي لنا رمز الفخر إلى يوم اللقاء، رحمك الله يا من تركت بصمة في حياة الكثيرين، فراقك صعب على كل من عرفك وكل من تعامل وعمل معك، لكنني أكتب وأشهد أنك أديت دورك كاملاً كأخ وزوج وأب وجد، حنانك لم يكن له قياس وعطفك لم يكن له حدود، عزاؤنا محبة الناس لك، لقد كنت مدرسة استمرت دروسها حتى بعد مماتك، علمتنا أن السعادة الحقيقية في طاعة الله والاخلاص له في كل ما نتولاه، علمتنا أن الرصيد الحقيقي هو ما نجمعه لاخوتنا، وعلمتنا أنه لا عز لنا إلا بالطاعة، علمتنا أن تكون الدنيا بأيدينا وليست في قلوبنا، علمتنا أن الاخلاص والولاء والوفاء للوطن واجباً على كل من ينتمي لهذا البلد المبارك، علمتنا أن من تواضع لله رفعه، علمتنا أن الصبر مفتاح الفرج، علمتنا أن مساعدة مكروب واغاثة الملهوف ودعاء المريض هو مفتاح التوفيق وبركة في العمر والرزق ودفعاً للبلاء، علمتنا أن بالشكر تدوم النعم، علمتنا أن السيرة الجميلة والذكرى الطيبة والخلق الحسن أجمل ما يورث، علمتنا أن الحياة بلا هدف لا قيمة لها، علمتنا الحرص على صلة الرحم وأن الأقربون أولى بالمعروف، علمتنا الحرص على حفظ العهود والوفاء بها ومقابلة الاحسان بالاحسان ورد الجميل إلى أهله. ليس لي إلا أن أدعو الله أن يتولاك في الآخرة كما تولاك في الدنيا، وأن يحن عليك أضعاف ما حننت علينا، وأن يجعلني واياك في الفردوس الأعلى، وأن يجعلك ممن قال فيهم الرسول «عليه الصلاة والسلام»: «إن لله عباداً اختصهم بقضاء حوائج الناس حببهم في الخير وحبب الخير إليهم هم الآمنون يوم القيامة». أشهد أنك كنت غنياً بأخلاقك ومروتك ونبلك ووفائك وكرمك وصبرك في الشدائد وترفعك عن الصغائر، عطوفاً على الصغير، رحيماً بالكبير، عف اليد، عفيف اللسان، حازماً في الحق. أقول إن القلب ليحزن والعين لتدمع وإنا على فراقك يا أبا محمد لمحزونون. رحمك الله رحمة واسعة، اللهم كما كنت رحيماً ورؤوفاً به في الدنيا فكن رحيماً به في الآخرة، اللهم أنزله منازل الصالحين واجعل قبره روضة من رياض الجنة، اللهم جازه بالحسنات احساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، واربط على قلوب زوجته وابنائه وبناته وكل من احبهم في الله واجبر مصاب أبناء عمومته في فقده، و(إنا لله وإنا إليه راجعون).