برزت الأكلات الشعبية أثناء فعاليات المهرجان الشتوي الرابع الذي أقيم في القرية التراثية بجازان، والتي تعددت في أشكالها وطرق تحضيرها؛ لتنوع مصدرها سواءً ما يأتي من خيرات الجزء الساحلي، أو منتجات اللحوم والعسل والسمن من الجبال، أو ما تنتجه الأرض من حبوب وخضروات، وكل ذلك كان له الأثر في تنوع المائدة الجازانية وتعدد أصنافها. ولاقى «المغش» استحسان الكثير من زوار المهرجان، وهو وعاء أسطواني الشكل مصنوع من الحجر، ويطلق الاسم أيضاً على الأكلة التي تعد فيه، وتتكون في الغالب من اللحم الذي أضيف إليه الماء والملح والبصل والبهارات والهيل وبعض الخضار، ويقدم مع الأرز أو «الخمير». ذات الأمر كان بالنسبة ل»الخمير»و»الزلابية»، وهو خبز يصنع من حب الذرة ويسمى أيضاً «العيش»، حيث يوزع العجين المخمر بشكل أرغفة مستطيلة الشكل، ثم تخبز في التنور، وتؤكل مع أيّ نوع من الإدام، ولا تزال العديد من الأسر في الأرياف تستهلك الخمير في الوقت الحاضر، وتصنع «الزلابية المالحة» من عجين «الخمير» بعد تخميرهما خلال فترة الليل، وفي الصباح الباكر تشعل النار تحت المقلاة المعدنية، ويوضع فيها الزيت ويترك حتى يغلي، ثم ترمى فيه «الزلابية» بشكل قطع صغيرة شبيهة ب»اللقيمات» المعروفة. وجذبت «المرسة» محبيها، والتي اشتهرت بها منطقة جازان، وهي حلوة الطعم مصنوعة من خبز دقيق البر، وجاء اسمها من طريقة تحضيرها؛ لأن إعدادها يحتاج إلى تفتيت الخبز وهرسه مع الموز، ثم يضاف إليه السمن البلدي والعسل أو السكر، ويتم تناولها أولاً ويليها تناول الأكل المالح، ولايزال السلوك الغذائي في تناول «المرسة» حتى الوقت الحاضر، وهي موجودة في معظم مناطق المملكة وتحمل اسماً آخر «المعصوب». أكلة شعبية تجذب زوار المهرجان وشهدت «المفالت» إقبالاً وهي نوع آخر من المأكولات الشعبية حلوة الطعم، وتتكون من قطع صغيرة من عجين الذرة، ويتم إسقاط هذه القطع في الحليب المغلي، ويضاف إليها بعد أن تنضج السمن والسكر، وتوضع في إناء مصنوع من الفخار ويسمى «حيسية»، وأيضاً حرص الزوار على تذوق «المرزوم» الذي يصنع من خبز الدخن المفتت بشكل جيد، ويغلى في اللبن، ويطبخ حتى يتماسك، وتضاف إليه البهارات، وبعد نضجه في المقلي يقدم على «صحن» الحجري، ويحفر وسطه؛ ليصب فيه السمن. وكان «المحشوش» من المأكولات المعروفة في منطقة جازان ويصنع من لحوم الأضاحي، ويشبه إلى حد ما «القديد» و»المقلقل»، ويقطع اللحم قطعاً صغيرة، وتوضع معاً في قدر كبير من الحجر، ويتم تقليبها باستمرار حتى يذوب الشحم «الصليل»، ثم يضاف عليه الهيل والقرفة والملح، ويفرغ بعد ذلك في قدور حجرية أصغر حجماً، ويترك حتى يبرد ويجمد «الصليل» ويصبح أبيض اللون، وأهم ما يتميز به «المحشوش»؛ هو عدم تعرضه للعفن، ولا تنتهي فترة صلاحيته شريطة عدم تعريضه للماء، ويعد «المحشوش» بالنسبة إلى الكثير في الماضي الطريقة الأفضل لتناول اللحم على فترات طويلة، ولا يزال الأهالي في الريف يتناولونه ليس للسبب السائد قديماً، وإنما لاعتباره ذا علاقة بمناسبة مباركة.