من المعروف أن الأدب الشعبي هو التعبير الفطري الصادق في المجتمعات عن أحلامها وآلامها وآمالها وهو التعبير الحقيقي عن كل ما يدور في فكرها. وكما هو معروف أن الأدب الشعبي يتم تداوله بشكل شفاهي منذ القدم، ويعد متوارثاً جيلاً بعد جيل، ويشمل كثيرا من الأنواع كالحكاية الشعبية، والأغاني الشعبية، والنوادر، وغيرها، والمجتمع العربي منذ القدم اهتم بالأدب الشعبي واستخدمه في كافة تعابيرة خصوصاً في الشعر، ولعل الشعراء القدامى قد أبدعوا في تعابيرهم القولية بما يقولونه من قصائد تصور معاناتهم الصادقة التي يستمدون إبداعهم فيها من بيئتهم. منذ القدم والمجتمع يهتم بأدبه الشعبي الذي لايزال متداولا حتى وقتنا الحاضر، فهم يحاكون به واقعهم ومعيشتهم، فشعراؤهم يحاكون أفكارهم ورؤاهم وتعابيرهم بالشعر بمعناه الذي يرديونه، ولذلك وجدنا إبداعهم وتألقهم فيه حتى أن قصائدهم وصلت إلينا وقرأناها بما تحويه من إبداع وروعه. وعندما يأتي الأدب الشعبي وهو يحكي تراث المجتمع بمختلف أنواعه، فهو يجسد صورة حياة ذلك المجتمع بما فيه من عادات وتقاليد، ومن هنا فهو يمتاز بالعديد من السمات لعل من أهمها اللغة التي يقول عنها إيليا الحاوي بأنها ألفاظ عامية مشبعة بروح الريف ومتداولة بشكل يومي. ثم يأتي الموضوع الذي هو موضوع الأدب الشعبي الذي يمس كل فرد من أفراد المجتمع، وهو أيضاً خاص، بحيث يحس كل فرد بأنه موضوعه الشخصي الذي يهمه وحده لذلك فالأدب الشعبي يتناول كل موضوع، أو أي موضوع، له اتصال مباشر بالمجتمع. ثم تأتي سمة الشكل إذ يعتبر الأدب الشعبي قمة الوعي الفني، فهو لا يحدد لنفسه شكلاً معيناً، وبالتالي نجد سمة الوسيلة حيث يتم استخدام الأدب الشعبي كل الوسائل المتاحة، مثل وضع المفهوم المعين في أسطورة، أو ملحمة، أو سيرة، أو دراما، للوصول إلى تحقيق المضمون والغاية. وفي النهاية نصل إلى العفوية والتلقائية، فالأدب الشعبي يساير الفطرة أكثر من الأدب الرسمي، وتتجلى هذه الفطرة في حَبْك الأدب، وطريقة إبداعه المتغيرة، من بيئة لأخرى، ومن زمن لآخر، كما تتجلى الفطرة والتلقائية في لا منطقية السرد، والربط بين الأحداث، بعكس الأدب الرسمي، الذي يعتمد على الربط والمنطقية. يبقى القول بأننا يجب أن نتابع وباهتمام أدبنا الشعبي ونستعرضه دائماً لاكتساب مافيه من خبرات ونتأمل مافيه من جماليات أبدع فيها مجتمعنا قديماً. أخيراً: أبا أسألك وأنتي بعيدة.. بأي مينا ياعنيدة.. تعبت معاكِ لهفتي.. أبا أحترق كلي تعب.. ياراحله عني بعيدة.. خافي من الله