اليوم 14 فبراير تحتفل الأوساط الثقافية باليوم العالمي للقصة ، فبين الرواية و(ق.ق.ج) نصبت القصة القصيرة أرجوحتها.. وكانت الطفلة المدللة بينهما تنقل حكايات قطفتها من شبابيك العشاق.. من أمسيات وشهادات الناس من همومهم وأفراحهم.. خيباتهم وانتصاراتهم على الحياة.. قصص ربما تروينا بكل تفاصيلنا... لذلك آثرنا أن نرصد من خلال هذا التحقيق طموحات وأمنيات القاصات السعوديات في هذا اليوم. تقول القاصة شيمة الشمري: القصة بأنواعها فن جميل عظيم يستحق الإشادة والاحتفال بتجدده في دماء الكتاب. القصة توجز وتختصر وتوصل وذلك اتكاء على لغة لطيفة لماحة قد لا تخلو من شعرية آسرة تتغلغل بيسر في ذواتنا لتعطي نتائج أكبر من المتوقع ! وكما نرى في مشهدنا الثقافي القصة بدأت تسعى وبجد لتأخذ مكانتها مقارنة بالشعر الذي مازال يحتل الصدارة بالنسبة للأندية الأدبية والدراسات النقدية , وكقاصة أطمح إلى مزيد من الضوء على هذا الفن السردي الجميل من خلال الأنشطة الأدبية المختلفة , وأن يكون هناك أكاديميون ومبدعون قائمون على هذا الأمر , وذلك للتمييز بين الغث والسمين ؛ فقد اختلط الحابل بالنابل في الآونة الأخيرة ! وبرأيي أن الكاتبة والقاصة السعودية لا تختلف كثيرا عن قريناتها العربيات والعالميات , ربما نجد من يقول اننا نختلف قليلا في مساحة الحرية , ولكن هذا لا يعني عدم وجودها وإلا لما كتبنا حرفا واحدا . وأتمنى حقيقة أن نقرأ الإبداع ك " إبداع " لا ك " مبدع " كما هو الحاصل , لنبتعد عن شخصنة الأعمال الأدبية , ولنرقى بكتاباتنا فهي تمثلنا وتمثل حضارتنا التي بأقلامنا إما أن تندثر أو تزدهر . أما القاصة حنان الرويلي فتقول: أنا دائما حريصة على الظهور من خلال الصحراء ذات الأبعاد الساحرة في الذاكرة العالمية لأصل بها وتصل بي خارج نطاق المحلية فالصحراء بعيون أهلها ستأتي أجمل وأصدق من الصورة النمطية التي رسمها المستشرقون فأمنيتي تبقى في إكمال مشواري هذا من خلال وجود النقد الهادف الذي لا يتعدى حدود النص إلى صاحبته كذلك أشعر بعقبة النشر ومحدودية التوزيع رغم رغبة الأندية الأدبية التي تأتي عادة مجرد رغبة صادقة تنقصها الأدوات اللازمة في ظل عدم الاستقرار الإداري لهذه الأندية التي تستنفد طاقتها عادة في مقاومة موجات فكرية أخرى فتبقى الآمال والرغبات مجرد أحلام تحاول أن تصل إلى قدر مرضٍ لتضحيات دولة قدمت الغالي والنفيس لأبنائها كي تعلمهم حروف الهجاء وهم في الخيام لا ينقصنا عن اقراننا في أي بقعة إلا الثبات على تقديم ما يرقى أتمنى أن يصل إبداع أبناء هذا الكيان بكل طريقة تحفظ لنا هويتنا وتاريخنا الخاص. وترى القاصة منى العبدلي: في ظل سيطرة الرواية على بقية الأجناس النثرية الأخرى وتهافت الكاتبات السعوديات على الخوض في هذا الحقل وتهميش القصة إلا أن الأخيرة رغم أنها اكتفت بمساحتها الصغيرة ما تزال الفن الثري المتنوع والشائك حيث استطاعت أن تحافظ على مكانتها التي تحاول الرواية اختلاسها وأن تبقى سيدة الأجناس الأدبية القادرة على التفاعل مع إيقاع العصر السريع ومتطلباته. إنني أطمح إلى أن تولي القاصة السعودية المزيد من الاهتمام بهذا الجنس الأدبي الجميل ولدي شبه يقين بالقصة النسائية ستفرض نفسها وتثبت ذاتها على الساحة الثقافية المحلية إن هي تخلصت من الترهل الحاصل فيها. وهذا هو ما اطمح له كقاصة سعودية مؤمنة بما لديها من قدرات وإمكانات لا تقل عن شقيقتها في العالم العربي إذ لا ينقص الكاتبة والقاصة السعودية شيء لتكون مثل أختها العربية. فهي تملك الأدوات المعرفية اللازمة لذلك وتمتلك القدرة. أمنيتي هي تخصيص انطولوجيا للقصة النسائية المحلية ترصد فيها مراحل نمو وتطور هذا الفن البديع. في حين ترى القاصة تهاني إبراهيم أن القصة القصيرة نغمة منفردة تعزف حالة إنسانية على أوتار اللغة والومضة الحدث. وهي تسعى إلى استخلاص آثار حميمية وتعقيد اللحظة الإنسانية من لجة الروح وعكسه على مرايا التفاعل مع المحيط الإنساني والاجتماعي لرسم تصور مشهدي كامل لكل المواقف الحياتية وفق رؤية الكاتب / ة وبعد تشكل اغلب أبجدياتها والتي تتباين تكويناتها من كاتب لآخر، ورغم ما يعاب عليها أحيانا من استخدام الرمزية أو الغموض إلا أنها لم تعد مبعثرة على أرصفة القراء العابرين ، بل تمكنت من حجز مقعد متميز لها بين فنون السرد لتكون وجبة منتظرة من متابعيها وتعتبر فنا يحاكي هموم المجتمع الآخر ويتناسب مع إيقاع العصر السريع ، فتكون لغة للحياة بتنوع فصولها واختلاف تضاريس خريطتها الوجدانية تحاكيها وتبحث في حيثياتها بكل شفافية وإنسانية. في حين تقول القاصة تركية العمري بأن طموحها كقاصة سعودية: أن أحقق لي وجودا ثقافيا متميزا في المشهد الثقافي العالمي ، يؤصل فكر الحب والسلام والتسامح للإنسانية ، وأنا أسعى لذلك ، ففي الماضي ربما عانت الكاتبة السعودية من قيود اجتماعية ، ولكن الآن نحن لا ينقصنا شيء كمبدعات ، فالكاتبة السعودية والحمد لله بدأت تظهر بقوة في المشهد الثقافي المحلي ، والعربي ، والعالمي (من خلال الترجمة ) وترسم مسارا لسردها ولنقدها ، ولرؤاها الثقافية ، وأمامنا مساحات شاسعة لنبدع، وعن أمنياتها قالت: هي أمنيات عدة أتمنى أن تفعل المؤسسات الثقافية والأندية الأدبية لدينا في المملكة المناسبات العالمية من خلال أنشطة مكثفة تفتح لنا عوالم إبداع ، وتتسم بالتنوع والتشويق. وأتمنى أن تنشط حركة الترجمة في المملكة من قبل الأدباء أنفسهم وتساهم في إيصال أدبنا إلى الآخر حيثما كان ، كما أتمنى أن يترأس المؤسسات الثقافية أدباء حقيقيون لتتوهج الثقافة وتزدهر ، وأن نكرم رواد ورموز أدبنا الراحلين فهم من فتحوا أمامنا جهات الفكر.