المزادات العقارية التي نشطت حركتها بعد توقف المساهمات العقارية توحي بأن هناك نشاطا عقاريا وحركة في السوق. ماذا استفاد المواطن الباحث عن سكن من هذه المزادات؟ لا شيء سوى الأماني، فالذي يحصل في معظم هذه المزادات أنها تنتقل من ملكية تاجر أو مستثمر عقاري إلى آخر أصغر أو أكبر وبسعر بعيد عن متناول المواطن. لا اعتراض على هذه المزادات فأصحابها أحرار لكن المشكلة في أسلوب التعاطي معها والتصريحات الصحفية الرنانة التي يطلقها ملاك هذه المخططات ومطوروها ومسوقوها بأنها ستسهم في حل مشكلة الإسكان وترفع نسبة المعروض من الأراضي وأن السعر الذي يتم تداوله منطقي ويخفف من الضغط ويسهم في استقرار السوق حتى لو كان المزاد يحوي أجزاء صناعية أو مستودعات! وعندما تراجع الوقائع تجد أن البيع تم بالجملة وأن السعر تجاوز القدرة الشرائية لدى المستفيد النهائي. المتعارف عليه أن المزادات تقام لتصفية مساهمة أو لبيع عقار عائد لورثة أو تنفيذ أمر قضائي من محكمة مختصة، لكن أن يكون المزاد هو محاولة إيهام المواطن بأن هناك حركة في منطقة معينة أو بهدف إحياء منطقة ميتة وأن الأسعار مناسبة للفئة المستهدفة فهنا يجب التوقف. ما أشبه اليوم بالبارحة عندما كانت تطرح المساهمات العقارية ويفرد لها صفحات إعلانية ومساحات بالمعارض ثم يغطى جزء منها من قبل المساهمين الأفراد والباقي يتم تغطيته من قبل القائمين عليها أو المستفيدين منها ويتم الإيحاء بأنها تغطت بالكامل في فترة وجيزة والنتيجة أن معظمها تعثر ولا زالت معلقة إلى اليوم، وبنفس الأسلوب كانت تقام المزادات على الأراضي من خلال البيع بالجملة بلوكات أو مفردة وعندما لا تصل إلى السعر المناسب يتم إيقاف المزاد أو شراؤه من قبل المساهمين والملاك! إن من يحضر هذه المزادات تزداد قناعته بأن الهدف من إقامة معظمها هو استغلال السوق لتصريف بضاعة بائرة لم تجد من يشتريها من خلال تدويرها بين مجموعة من التجار وأنها مجرد إيحاء لمن يحتاج أرضا بأن الأسعار عند حدود المزاد وأنها فرصة يجب اقتناصها. بلادنا تحتاج إلى مشاريع سكنية حقيقية وضمن قدرة المواطن وحاجته، لذا فإن الأمل أن تبادر شركات التطوير لحل مشكلة توفر المساكن أو أن تعمل على تطوير أراضي بيضاء وتجهيزها بالخدمات وبيعها للمستفيد النهائي كأضعف الإيمان وليس السعي لتدويرها بهدف تضخيم قيمتها. المواطن السعودي وحتى البسيط أصبح واعيا ويستطيع أن يقيم الأمور ويتعامل مع مشكلة المسكن بحذر، لذا فمثل هذه الأساليب التسويقية لن تجدي خصوصا أن الأسعار عند سقف لا يمكن بلوغه لغالبية المواطنين بمن فيهم أصحاب الدخل المتوسط.