شهد "معرض الفن الإسلامي المعاصر" الذي افتتحه معالي نائب وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالله الجاسر مساء يوم الاثنين الماضي بحضور الدكتور ناصر الحجيلان وكيل الوزارة للشؤون الثقافية ، وأقيم في مركز الأمير فيصل بن فهد للفنون التشكيلية بمعهد العاصمة النموذجي بالرياض، تحت إشراف وتنظيم وزارة الثقافة والإعلام نقلة نوعية في التجارب التشكيلية المطروحة، فقد شارك في المعرض عدد ( 128 فنانا وفنانة) بما يقارب (322 عملا تشكيليا)، تم قبول (75 عملا تشكيليا) للعرض. ويأتي "معرض الفن الإسلامي المعاصر" الذي يرتبط بتراث الفنون الإسلامية العريقة بهدف الحفاظ على تراث الفن الإسلامي، وعلى الهوية الثقافية والبعد عن التغريب في الفن المعاصر، والى إثراء الفنون البصرية وتقديم أعمال مبتكرة من خلال استلهام تراث الفن الإسلامي في الفن المعاصر، مع الاستفادة مما هو متاح من وسائط وخامات للانطلاق نحو آفاق جديدة في الطرح، وإتاحة الفرصة للفنانين من الجنسين لعرض تجاربهم في الفن الإسلامي المعاصر. وبهذه المناسبة ثمّن الدكتور ناصر الحجيلان وكيل الوزارة للشؤون الثقافية مشاركة الفنانين التشكيليين واهتمامهم في هذا المعرض بالمستوى الذي يعكس إبداعهم الفني الإسلامي المعاصر..وأشار إلى أن الفن التشكيلي يلعب دوراً مهماً في التعبير عن رؤية الإنسان للعالم، ولهذا فانه احد المظاهر المرئية للحضارات الإنسانية لدلالته على ثقافة الإنسان في زمان ومكان معين. ويضيف أن الفن الإسلامي من الفنون التي تركز على أسس مثالية في البحث عن كوامن الأشياء ومواطنها،ويكشف هذا الفن من خلال الإبداع عن جوهر عناصر الطبيعة وليس مجرد محاكاتها شَكلياً. وفي قراءة للدكتور صالح حسن الزاير أستاذ كلية التربية - قسم التربية الفنية- جامعة الملك سعود لأهم الأعمال الفنية المقدمة في هذا المعرض وقبل الشروع أشار الزاير إلى ضرورة توضيح بعض الجوانب الاصطلاحية التي ترتبط بهذا المعرض والمفاهيم التي ربما التبست على المشاهد في رحلته مع محتوياته، فيقول: "الفن المعاصر والفن الإسلامي: يبدو من الوهلة الأولى أن المصطلحين يشتركان فقط في الكلمة الأولى وهي «الفن »، وأن الاختلاف في الزمن والتاريخ الذي ينتج فيهما، فالأول في وقتنا الحاضر والثاني في وقت قد مضى، او ما اصطلح على تسميته «فنون الحضارة الإسلامية » في أوج انتشارها وعظمتها بداية من القرن الثامن حتى الثالث عشر الميلادي على اقل التقديرات، وان كانت فترها الذهبية كما يرى المؤرخون كانت بين القرن الرابع عشر والخامس عشر". الحجيلان: المعرض يعكس مستوى الفن الإسلامي المعاصر ويضيف الزاير أن الفن الإسلامي كان ولا يزال ذا رسالة إنسانية حضارية، كما أن الإسلامي يربط بين الفن والنفعية ونشر الجمال في كل ما نراه وما نستخدمه، وهي مبادئ يمتاز بها الفن المعاصر، إما شمولية الفنون وتداخلها فإن المثال الأكبر لذلك في فنون الإسلام هو المسجد، الذي يضم كل الفنون، السمعية والبصرية والأدائية، ولا بأس من ان يوظف المسلم المعاصر الأساليب الفنية كفن التجهيز في الفراغ، وفن الميديا، والمفاهيمية في الإعمال التي يقدمها، إضافة إلى إشكال يستقيها من الفنون الإسلامية. عمل «الخيل» للفنان مساعد الحليس وحول قراءاته لبعض الأعمال تجاه عمل " اسلاميات " لأمل باقر النمر، يقول الزاير: يعد فن المنيمال )الاختصارية( احد فروع المعاصر وأكثرها اهتماما بالعناصر الجمالية في العمل الفني، كما انه عادة يوظف العناصر التجريدية من خطوط ومساحات وألوان، ولكن الهدف منه تسليط الانتباه والإحساس بالفراغ في العمل الفني واثره على حياتنا، وقد استخدمت الفنانة في هذه اللوحة الخطوط والألوان في تكوين مترابط موظفة الكولاج والكتابات التي جاء بعضها في عبارات متكررة في ابتهالات وتسابيح. أما عن عمل " قروية "محمد إبراهيم الرباط قيقول: الزخارف الإسلامية والخط العربي هما من الخصائص الإسلوبية للفن الإسلامي، وقد وظف الفنان في هذه اللوحة التي استخدم فيها تقنيات تنفيذية متنوعة العناصر الزخرفية والكتابية في فضاء اللوحة لتأكيد الوحدة بين عالم الشكل والمعنى. ويري في عمل أمل حسين فلمبان " ليالي رمضان" أن اهتمام الفنان المسلم بالمظاهر والمناسبات الإسلامية وبالاخص في المساجد، جعل من هذا الموضوع ملهما للعديد من الفنانين، فالفنانة في لوحتها هذه واءمت بين العناصر المعمارية والكتابة والعناصر البشرية التي يحتويها المسجد في لحظات الدعاء والصلوات التي ترتفع في داخل المسجد وخارجه. ويقول عن لوحة الفنان عبد العزيز الناجم " رموز السلام " إن الفنان يأخذنا إلى عالم برئ أشبه بعالم الطفولة، حيث نرى الأشكال والألوان المتناثرة في فضاء اللوحة، في هذه الثلاثية ننتقل إلى منازل ومبان ومساجد بنيت من إشكال هندسية بألوان فاقعة وخربشات على جدران الذاكرة، طيور في السماء تحلق فوق المآذن تدعونا للتحليق في عالم الفنان الخيالي. عمل « رموز السلام» للفنان عبدالعزيز الناجم أما عن عمل " تكوين " ليوسف عبد القادر إبراهيم فيقول: يعود الفضل للكتابة في حفظ تراث الحضارة الإسلامية، وكذلك في تقديم لغة فنية ربطت بين الجمال واللغة المتوائمان في الذاكرة الجمعية للمجتمع الإسلامي من خلال المثال الإلهي للتنزيل، وفي هذا العمل صاغ الفنان تكوينات من الحروف المتداخلة والمتراكبة في شبكات يبرز بعضها عن السطح والبعض يرى كالنقوش، تحاكي نسيج التوريق )ارابسك( التي تظهر في تكوينات الزخارف الإسلامية. ولأن الفنون المعاصرة جعلت القيم الجمالية في العمل الفني في مرتبة اقل من الفكرة، ولكن فن المنيمال أعطى اهتماما اكبر بالجوانب الجمالية والاختصار في الأشكال لإيصال الفكرة بشكل سلس، فيرى الدكتور الزاير ان الفنانة مشاعل الكليب بعملها " روحاني " وظفت الأشكال المجردة والمساحات اللونية المحدودة والخطوط لإيصال فكرتها والجو العام للعمل. هذا ولم يغب التجريد واستخدام الرموز عن مفردات الفنان، ذلك أن الحضارة الإسلامية قد استخدمت التجريد والاختزال في الأشكال لتحقيق قيم جمالية من دون المقارنة بالعناصر المرئية، بينما يريد الفنان المعاصر أن يوصل رسالة ثقافية أو اجتماعية موجهة للمشاهد، وهذا ما استخدمه الفنان عبده أحمد ياسين من خلال عمله" رسالة" من رموز الشعبية المختزلة والكتابات المرتبطة بالمسلم وأضفى على عليها من الألوان وعناصر من الزخرفة الإسلامية لتزيد من ترابط اللوحة والرسالة معا. عمل يوسف ابراهيم ولأن الخط العربي من الفنون التي نالت حظا كبيرا في الفنون الإسلامية وبمداد الخطاط يكتب الفنان المسلم في كل بقعة من ارض الإسلام الذكر الحكيم ليصوغه تذكرة للعالمين، فقد صاغت إيمان محمد الجشي من خلال عملها "تكوين" اللوحة من الحروف ترانيم امتزجت فيها الأحرف بالألوان والمعاني بالملامس والإيقاعات والترديدات للترابط موسيقى اللوحة في منظومة واحدة. وأشار الدكتور الزاير أن الفنان مساعد حليس من خلال عمله " تكوين" يستلهم معطيات فنه من مخزون الذاكرة البصرية والموروث الثقافي لمحيطه لصياغة لغته التشكيلية مضافا اليه وعيه مضافا إليهما التطلع إلى عوالم الأخرى، ومن هذا المزيج صاغ الفنان هذا العمل بتقنيات متنوعة وترديدات من حروف متداخلة باللونين الأسود والأصفر الذهبي، مع تداخلات الأبيض بين إرجاء المساحة التعبيرية للعمل. من أعمال مهدية آل طالب من أعمال قصي العوامي