كثر الحديث عن فقر الدم بأنواعه والمضاعفات المترتبة عليه ولكن ماذا عن زيادة عدد خلايا الدم الحمراء الحاملة للأوكسجين ؟ هل تؤدي لصحة أفضل؟. إن من نعم الله علينا أن خلقنا في توازن تكويني ووظيفي بديعين فهو القائل سبحانه :( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم). فمرض زيادة عدد خلايا الدم الحمراء الأولي (البوليسيثيميا فيرا) هو اضطراب تكاثري في نخاع العظم ينتج عنه تزايد مفرط في إنتاج خلايا الدم الحمراء بدون سبب ثانوي واضح وبدون تأثير هرمون الإريثروبويتين المحفز لإنتاج خلايا الدم الحمراء. هذا الخلل ينتج عن طفرة جينية في الحمض النووي(DNA) الموجود في نويات خلايا النخاع العظمي/أمهات خلايا الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية، مما ينتج عنه فرط في إنتاج خلايا الدم الحمراء. وقد تم اكتشاف إحدى الطفرات الجينية المرتبطة بهذا المرض وسميت ب (JAK2-V617F) عام 2005م ، حيث تزامن حدوثها في أكثر من 95٪ مرضى البوليسيثيميا فيرا. بل وصنفته منظمة الصحة العالمية عام 2008م بأنه أحد الأورام السرطانية التكاثرية التي تصيب نخاع العظم وأكثرها شيوعاً، وإذا ما أهمل علاجه يؤدي لمضاعفات مرضية جسيمة ثم الوفاة. فعلى سبيل المثال أكدت دراسة عام 2005م تضاعف معدل الوفاة عند مرضى البوليسيثيميا فيرا مما يعني زيادة الاحتمال للضعف مقارنة بالوفيات الطبيعية. وقد لوحظ إصابة أحد أفراد الأسرة بنفس المرض في عُشر الحالات 10٪ مما يؤكد العامل الوراثي لهذا المرض. نسبة حدوث المرض: عالمياً يصيب هذا المرض ثلاثة أشخاص من كل مائة ألف من السكان ولوحظ زيادته في اليابان عشرة أضعاف هذه النسبة . ويصيب الرجال أكثر بقليل من النساء ومتوسط عمر الشخص عند الإصابة ستون عاماً ولكنه قد يصيب جميع الأعمار غالباً فوق سن الثلاثين. الأعراض: لا يشتكي بعض المرضى من أعراض واضحة, ولكن يصاحب هذا المرض أعراض عديدة منها: * احمرار الوجه أو الوجنتين. * الصداع * الإحساس بالدوران والإجهاد العام * تضخم الطحال وما ينتج عنه من آلام في الجزء الأيسر العلوي من البطن * ارتفاع حمض البوليك وبالتالي الإصابة بداء النقرس . * احمرار وحكة في الجلد خاصة بعد الاستحمام الساخن. * تخثر الدم في الأوردة العميقة ويحدث في حوالي 40٪ من الحالات. * نزيف متكرر بدون سبب واضح ويحدث في حوالي 20٪ من الحالات. وعلى عكس المتوقع فإن نسبة الحديد في الدم تكون طبيعية أو منخفضة مما يؤدي في بعض الحالات لنقص الحديد. التشخيص: يلزم على الطبيب أخذ التاريخ المرضي بشكل مفصل وإجراء الفحص الإكلينيكي لاستبعاد وجود الأمراض والعوامل الثانوية والمؤقتة لزيادة كريات الدم الحمراء مثل: التدخين، أمراض الرئة، أمراض القلب، أمراض الكلى، بعض الأورام السرطانية، اضطرابات النوم والعيش بالأماكن المرتفعة والتي تؤدي لنقص الأكسجين المزمن في الدم (ما يعرف بالبوليسيثيميا الثانوية) وهي تزول بزوال مسببها. وضعت منظمة الصحة العالمية عام 2008م شروطاً رئيسية وثانوية لتشخيص المرض ومنها: * أن يزيد هيموجلوبين الدم عن 19.5جرام | ديسيليتر للرجال وعن 16.5جرام | ديسيليتر للنساء. * أن تزيد كتلة الخلايا الحمراء أكثر من 25٪ عن متوسط القيمة العمرية المتوقعة. * العثور على طفرة ( (JAK2 –V617F بواسطة المختبر الجزيئي أو مثيلاتها. * أخذ خزعة من نخاع العظم تؤكد وجود تكاثر مفرط في أمهات الخلايا الحمراء أو البيضاء أو الصفائح الدموية. * انخفاض هرمون الإيثروبويتن (EPO) في الدم عن معدله الطبيعي. ومن هنا يتضح لنا صعوبة تشخيص هذا المرض خاصةً عند عدم الاشتباه به لتنوع الأعراض والمضاعفات من مريض لآخر.. في الختام أسأل الله العلي العظيم أن يشفي جميع مرضى المسلمين وأن يوفق جميع الأطباء لما فيه خير العباد. * قسم أمراض الدم وزراعة الخلايا الجذعية للبالغين