جغرافية محافظة «جدة» واسعة، ومتنوعة البيئات، ومتعددة التراكيب السكانية، وتتفاوت أحياؤها ومناطقها من الناحية الاجتماعية، ومستوى المعيشة، إلى جانب تعدد جنسيات السكان وأنشطتهم وسلوكياتهم، وغير ذلك من مظاهر التفاوت والتنوع الاجتماعي الذي تتسم به حياة المدن الكبيرة.. لكن ما يميز «جدة» منذ عقود طويلة هو أن معظم الجنسيات مقيمة بها؛ مما انعكس على الجانب الأمني بها، وتحديداً في أنواع الجرائم المنتشرة ومجالات تصنيفها، وفي المقابل له أثره على طبيعة الدور والجهد والأداء الذي تقوم به الجهات الأمنية بها.. ومن أبرزها «الشرطة». «الرياض» التقت «اللواء محمد الغامدي» -مدير شرطة محافظة جدة- للحديث عن أهم ما يتصل بالجريمة، وأنواعها، وتعامل «الشرطة» معها، وكيفية مكافحتها، وفيما يلي نص الحوار: مواقع الجريمة! * ما مدى صحة ما يقال عن تركّز الجريمة في أحياء معينة بجدة؟ - لا يوجد أحياء بعينها يمكن وصفها بأنها أحياء جريمة، وما يذكره البعض من تركز الجريمة في أحياء معينة بجدة أو ارتكابها من قبل ذوي جنسية معينة، فكلامه غير دقيق من الناحية العلمية، ومن خلال واقع رصد الجرائم، لكن الثابت هو أن الجريمة لا تعرف حياً بعينه، ولا تعرف عمراً محدداً، أو جنسية، بل هي مرتبطة بمجرم، وضحية، وجرم، ودوافع. فقد يوجد بعض ضعفاء النفوس من المجرمين بحي ما من الأحياء، وينفذون جريمة بحي آخر يتواجد فيه ضحاياهم، وقد توجد جريمة معينة ما متكررة في نطاق جغرافي معين، ولا توجد إلاّ بقدر بسيط أو منعدم في مكان آخر. عوامل مؤثرة * ما العوامل التي تؤثر في السلوك الإجرامي؟ - بيئة التربية الأسرية والبيئة الاجتماعية، وما يتصل بهما من ظروف، وما يطبع به كل ذلك السلوك الإنساني من طبائع وصفات وميول وأنماط شخصية واتجاهات هي أهم العوامل المؤثرة بوضوح في صناعة السلوك الإجرامي، والبيئة التي ينشأ بها الفرد خاصة في المراحل المبكرة من عمره، تعد مؤثرة بدرجة كبيرة في سلوكه، فهناك من الأحداث الذين نشأوا في بيئة مزعزعة دون متابعة للوالدين، وارتكبوا حوادث يندى لها الجبين، سواء بشكل منفرد أو منظم، وبيئة بعض الأشخاص الذين نشأوا في غير وطننا وأعني هنا دولاً أخرى صنعت منهم مجرمين هناك، وجاءونا مطبوعين بذلك الطبع، فيمارسون السلوك الإجرامي هنا، وإن كانت المعطيات والطرق مختلفة هنا. إنشاء قسم للجرائم الالكترونية لمواجهة التعدي على حقوق الغير أساليب إجرامية * معروف أن الأساليب الإجرامية تتطور باستمرار، إلى أي مدى تواكبون ذلك التطور؟ - نعم، الأساليب الإجرامية تتطور، كما أن الخبرات والمعارف الإيجابية تنتقل من مكان لآخر بسرعة في عالم اليوم فإن الخبرات السلبية كذلك، كما أن الأساليب الإجرامية تبعا لذلك تشهد تطوراً متسارعاً مصحوباً بتعقيد يوائم السلوك الإجرامي وممارسته، ولذا فإن أهم التحديات التي تواجهنا هي تطوير أساليب الوقاية والحماية. وسائل اتقاء * ما أهم الجهود والإجراءات المتبعة من قبلكم في مكافحة الجريمة والحد منها؟ - من أهم ما نحرص عليه من أساليب مكافحة الجريمة «أساليب الوقاية منها»، وجهودنا في هذا تتركز على دراسات مستمرة، وعلى تخطيط علمي؛ يمكننا من استباق الجريمة ومنعها قبل وقوعها، ونحن في هذا المجال نعمل وفق خطط مكافحة مهنية عالية سُخّر لها عديد من رجال الأمن، ممن تدربوا وتم تأهيلهم على أفضل الخبرات والمعلومات في مجالات اتقاء الجريمة ومكافحتها والتعامل معها إن حدثت، إضافة إلى الحرص على التدريب المستمر أثناء العمل، والإمكانات المادية الهائلة.ومن الأساليب التي نتبعها ونستخدمها في اتقاء الجريمة وتفادي حدوثها، وفي التعامل معها في الوقت نفسه، هي الدوريات السرية متمثلة في شعبة البحث الجنائي، وأيضاً الدوريات الظاهرة من دوريات الأمن المنتشرة في جميع مربعات المحافظة، على مدار الساعة؛ للحفاظ على الأمن واستتبابه. معدلات منخفضة * ماذا عن مؤشرات ودلالات إحصاءات الجرائم بحسب نوعها وتصنيفها في مدينة جدة؟ - معدلات الجريمة ولله الحمد في انخفاض، وها نحن في السنة الثالثة على التوالي نحقق بتوفيق من الله انخفاضاً واضحاً وملموساً لمعدل الجريمة بكافة أنواعها، وخاصة ما يتعلق بالسرقات والاعتداء على الأموال، والانخفاض الذي سجل لهذا العام ملحوظ وواضح والحمد لله. عصابات منظمة * هل صحيح أن تطور أساليب الجريمة تمثل تحدياً لكم؟ وماهي وسائلكم في التعامل معها؟ - نعم نحن نعاني من الجريمة بكافة صورها التي أخذت تنتشر مؤخراً وفق تشكيلات عصابية للنصب والاحتيال والسرقة، أو النشل أو سرقة السيارات، وهي بتوفيق الله عز وجل تحت السيطرة، وكما ذكرت نحن نتطور بتطور معطيات الجرائم بل نسبقها وقاية، ومكافحة. جرائم إلكترونية *من الجرائم التي تتعاملون معها الجرائم الالكترونية، ما جهودكم في هذا الجانب؟ - أيضا الجرائم الالكترونية هي محل المتابعة الحثيثة، حيث تم إنشاء قسم للجرائم الالكترونية بشعبة التحريات والبحث الجنائي لمكافحة الاعتداءات الالكترونية والاختراقات، وأيضاً التعدي على حقوق الغير، سواء من خلال العمليات الالكترونية كالبريد الالكتروني وغيره، أو من خلال التعديات والأساليب المحظورة والمعاقب عليها والتي تتخذ طابع الاعتداء على الغير وعلى حقوقهم، وكذلك المخالفات التي ترتكب الكترونياً، وذلك يأتي ضمن منظومة أمنية معلوماتية، ونحن في هذا الشأن المهم ننسق مع جهات الاختصاص، بحكم الاختصاص والمرجعية للوصول، وهناك نتائج مبهرة ولله الحمد في هذا الجانب. شرطة جدة تطيح بعصابة سرقة سيارات وعدد من المخالفين مواجهة التحديات * ما هي المجالات التي يتم التركيز فيها على التطوير، وتحديداًً على المدى الزمني القصير؟ - التطوير مستمر في كافة قطاعات «وزارة الداخلية» وفي «الأمن العام» وفي شرطة جدة تحديداً قائم على قدم وساق ولا تتوقف عجلته، سواءً من حيث الكوادر البشرية وأساليب العمل والتعامل مع المعطيات الأمنية، أو من حيث الامكانات المادية اللازمة لذلك، مثل توفير أحدث التقنيات والتجهيزات المتطورة التي من شأنها مواءمة الواقع الأمني، والوفاء بمتطلباته، ومواجهة تحدياته والتعامل معها. بقاء المقيم * يقال إن بقاء الأجانب ممن يرتكبون جرائم بعد انتهاء محكومياتهم، أنهم من أهم أسباب استمرار الجرائم؟ - نحن كشرطة يقتصر عملنا في تقديم الشخص المذنب للعدالة؛ لمحاكمته وتنفيذ محكوميته، وبالنسبة للأجانب بعد انقضاء المحكومية؛ فإن جهات الاختصاص ومنها السجون والجوازات معنية بإنفاذ ما يتقرر عليه من واقع الحكم سواء بالترحيل أو الإبعاد، ولا توجد لدينا مشاكل في هذا الجانب والحمد لله. * كلمة أخيرة. - أمانتنا ورسالتنا تتلخص في حفظ أمن الوطن والاضطلاع بدورنا في ذلك بتوفير الأمن والاطمئنان والرخاء للمواطن والمقيم على ثرى بلادنا الحبيبة، تلك مسؤوليتنا أمام الله وأمام ولاة الأمر -حفظهم الله- ونحو مواطني وطننا العزيز والمقيمين على ثراه الطيب، وأملنا أن نقوم بهذه الأمانة وننهض بأعبائها ومسؤولياتها، وأن نحقق رسالتنا العظيمة ذات الالتزامات الجسيمة.