سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د.الأحمري: «المسجد والمدرسة» يستطيعان ترسيخ «المبادئ الأمنية» التي تقود الناشئة إلى فهم أدوارهم (القيم الاسلامية) في مؤسسات المجتمع هي التي تكافح الجريمة!!
لكي يحقق المواطن الدور الأمني فإنه يحتاج إلى أن تُغرس فيه مبادئ مكافحة الجريمة، وكيفية الوقاية منها منذ صغره، وتعلُّم تلك المبادئ لا يقتصر على المدرسة وحدها، مع أن المدرسة لم تقم بدورها بعد، وإنما يشترك معها البيت والمسجد، ليستطيع المواطن أن يطبق ما تعلمه كمبادرة منه وليس تكليفا، وسيصبح وقتها العين الأخرى الساهرة على أمن واستقرار مجتمعه. (الرياض)تتناول في هذا التحقيق كيفية غرس مبادئ مكافحة الجريمة في نفوس المواطنين، وما هي هذه المبادئ؟وهل أدى البيت والمدرسة والمسجد دورها في غرسها؟وكيف سيستفيد رجال الأمن من اشتراك المواطن معهم؟وما هو الدور الأمني المطلوب تنفيذه من المواطن البسيط؟. (الأسرة والمدرسة) بوابة تنمية الحس الأمني بداية تحدث الدكتور أحمد النشوان الأستاذ المشارك في قسم التربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عن أهمية التنشئة الأمنية للمواطن في أسرته ومدرسته، يقول: التنشئة الأسرية لدى الفرد هي البوابة الأولى في تشكيل شخصيته وتحديد اتجاهاته الفكرية وتنمية معتقداته، وإذا كانت هذه التنشئة شاملة تغذية وتنمية الحس الأمني لديه، فإن ذلك سينعكس إيجابا على حياته بصفة عامة، وتتضح الحاجة إلى التربية الأمنية من خلال كون التربية والأمن يشكلان حاجات فطرية أساسية للإنسان، لأن الإنسان مدني بطبعه، وهو بحاجة إلى الأصدقاء والعلاقات الاجتماعية، ولا يمكن أن تتم هذه المدنية، ولا أن تستقيم وتنتج إلا في ظلال التربية والأمن معا، - ومن هنا- فالأمن حاجة أساسية للأفراد، كما هو ضرورة من ضرورات بناء المجتمع، ومرتكز أساسي من مرتكزات تشييد الحضارة، فلا أمن بلا استقرار، ولا حضارة بلا أمن، ولا يتحقق الأمن إلا في الحالة التي يكون فيها العقل الفردي والحس الجماعي معا خاليين من أي شعور يهدد السلامة والاستقرار. وأضاف: للمدرسة دور أساسي في تعزيز وتعميق الحس الأمني. دور المواطن الأمني «مهمَّش» في مؤسساتنا كما تحدث الدكتور عبدالله الأحمري أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قائلا: للمواطن أهمية كبرى ودور لا يمكن تجاهله في العملية الأمنية، ولكن إذا تفحصنا وضعنا ووضع مؤسساتنا الاجتماعية لوجدنا أن هذا الدور قد هُمِّش بشكل كبير، وأصبح المواطن يدور في حلقة البحث عن رزقه بأبسط الطرق الممكنة، وليس لديه وقت للتفكير في أمنه، ويمكن أن يعزى هذا الوضع إلى مجموعة من العوامل أهمها، أولا: ضعف الدور الذي تقوم به الأسرة داخل المجتمع، فقد سلبت أهم حقوقها، وهي ترسيخ القيم التربوية في نفوس الناشئة، وأصبح الوالدان يفتقران إلى الكثير من أصول التربية المفعَّلة، ولم يعد هناك أي وجود للقدوة داخل الأسرة، فالمفاهيم غير واضحة لدى الأبوين، وليس لديهما القدرة على ربط المفاهيم الأولية بالواقع الذي يعيشه أبناؤهم، وإنما تقدم لهم مفاهيم وقيم مجردة ليس لها علاقة بالواقع، ثانيا: ضعف دور المدرسة والعملية التعليمية بكاملها، ونحن نعلم أهمية التربية والتعليم في بناء القيم والمفاهيم في نفوس الناشئة وتفعيله في سلوكياتهم، ليس هناك قيم واقعية مرتبطة بالحياة الاجتماعية المعاشة داخل المجتمع، وإنما هناك قيم مجردة ليس لها وجود إلا في نصوص قرآنية أو أحاديث شريفة، دور المدرسة في المجتمع ليس منفصلا عن العملية الاجتماعية والمسئولية الاجتماعية، وسبب تقدم المجتمعات الغربية هو إيجاد قيم ومفاهيم داخل العملية التعليمية، ثم ربطها بالعملية الاجتماعية والمسئولية الاجتماعية، ثالثا: ضعف دور المسجد في المجتمع، المسجد لم يعد له دور إلا لإقامة شعائر العبادات، بالرغم من الدروس التي تقام فيه والتعليم من حلقات التعليم المختلفة، إلا أن هناك غيابا للقيم والمفاهيم المجتمعية، المسجد لا يختلف كثيرا عن المدرسة والعملية التعليمية فيها، في المسجد يتم التأكيد على القيم، ولكن مجردة فقط نتحدث عن: (الصدق والأمانة) كقيم وفضلها فقط، ولكن لا نربطها بحياتنا الاجتماعية بعد المسجد، وفيه وخارجه، في المدرسة والبيت نركز في تعليمنا على العبادات بشكل كبير، وتأخذ من وقتنا الشيء الكثير في تعلمها وتعليمها، وأهملنا الأهم من ذلك وهي المعاملات، ونسينا أن «الدين المعاملة»، العبادات لا تكون إلا في حوالي 5% من وزن الدين، لأن هذه العلاقة بين العبد وبين ربه، ولا يعلم عمق هذه العلاقة إلا الله وحده وفائدتها للعبد فقط. مشاركة المواطن مع رجل الشرطة إيجابية من جهته تحدث الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز اليوسف أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن هناك مبادئ يحتاجها المواطن ليكافح الجريمة. أما عن تقييمه للدور الأمني للمواطن يقول: من الحقائق المسلَّم بها أنه لا يمكن لأي جهاز من أجهزة الأمن أن يتولى أمر مكافحة الجريمة ومنع ارتكابها بمفرده مهما بلغ من القدرة والكفاءة. تتجلى مشاركة المواطن مع رجال أمننا في المحاور التالية: أولا: التبليغ عن الجرائم: حفاظا على سلامة المجتمع وحفظه متكاملا، فقد كان الإبلاغ عن الجرائم- دون استثناء- واجبا على كل مسلم؛لأن معظم الجرائم لا يمكن اكتشافها عن طريق السلطة، بل يكون ذلك عن طريق الجمهور نفسه بإبلاغ السلطات عن ذلك، وعندما يقوم جميع المواطنين بدور الإبلاغ عن الجرائم فإنهم يقومون بمساعدة الشرطة في أداء مهمتها ويكونون العين الثانية الساهرة لحفظ أمن المجتمع واستقراره، ويشعر المخالفون للقانون بأن هناك عيونا تراقبهم وتبلغ عنهم إذا لم تستطع الشرطة كمؤسسة رسمية مراقبتهم، وبالتالي فسوف يرتدعون عن ارتكاب السلوك الإجرامي لأنهم سيكونون مراقبين طوال الوقت من قبل الشرطة والمواطنين. ثانيا: الإدلاء بالشهادة على وقوع الجرائم: الإدلاء بالشهادة على وقوع الجرائم ربما يكون هو الدليل الوحيد للقبض على المجرم وتخليص المجتمع من مشاكله، ويجب ألا يقتصر دور المواطن على التبليغ عن وقوع الجريمة، بل يجب أن يكون لديه الاستعداد للإدلاء بشهادته إذا ما طلب منه في موضوع الجريمة والانحراف؛ذلك أن الإدلاء بالشهادة عن وقوع الجريمة سوف يساعد رجال الشرطة على تتبع المجرم والقضاء على الجريمة وحفظ الأمن والاستقرار للمجتمع. ثالثا: مقاطعة المجرم: عندما تتعذر إقامة العقوبة على شخص ما لأسباب طارئة فعلى أفراد المجتمع محاربة هذا الشخص بمقاطعته؛فلا يطعم ولا يجالس ولا يتعامل معه حتى تضيق به الأرض ذرعا وتقام عليه العقوبة ويعود إلى طريق الصواب. رابعا: إطاعة القوانين والأنظمة: المواطن الملتزم بالقوانين والأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبها والامتثال لتوجيهاتها يحقق هدف الأجهزة الأمنية في أنه شخصيا لا يقوم بالأعمال المخلة بالنظام والأمن العام؛وبالتالي فإنه يترك فرصة مناسبة لرجال الأمن لملاحقة أولئك المجرمين الذين يحاولون الاعتداء على حرمة النظام العام والأمن العام. خامسا: اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع وقوع الجريمة: مما لا شك فيه أن ضحايا الجريمة يكونون سببا في تشجيع المجرم على ارتكاب السلوك الإجرامي؛ولذا فعلى المواطن أن يتخذ الإجراءات الكفيلة بدرء خطر الجريمة عن نفسه وعن أمواله وزوجاته وأولاده، وهي تلك التي تأتي مع الحرص على الأموال والمنازل والانتباه لحيل المحتالين وتربية الأبناء على الأخلاق الحميدة والسلوك القويم، ومراعاة حق الجار وعدم الاعتداء على الآخرين؛حتى لا تكون هناك فتنة تؤدي إلى ارتكاب الجريمة. سادسا: المحافظة على مسرح الجريمة: يترك الجاني عادة مسرح الجريمة بصورة تنبئ عن كيفية ارتكابه الجريمة؛حيث أن الجاني بقصد أو بدون قصد يترك أدلة مادية كثيرة في مسرح الجريمة تدل على علاقته بها، وهذه الأدلة يحرص رجال الأمن والقضاء على العثور عليها، ليستدلوا عن طريقها على كيفية وقوع الجريمة ويتوصلوا في النهاية إلى مرتكبيها، وأي عبث بهذا المسرح سوف يؤدي بالضرورة إلى تغيير الصورة الحقيقية لمسرح الجريمة التي أعقبت وقوع الجريمة مباشرة، وقد أدى هذا التغيير في كثير من الجرائم إلى ضياع ملامح الطريقة التي ارتكبت بها الجريمة، وإلى ضياع كثير من الأدلة المادية المهمة التي كانت من الممكن أن تساعد رجال الأمن على الوصول إلى مرتكبي الجريمة، ولذلك فإن المواطن الواعي يمكن أن يساعد رجال الأمن من خلال الحفاظ على مسرح الجريمة، كما هو حتى يصل رجال الأمن. سابعا: المساعدة في القبض على الجناة: يجب أن تسعى أجهزة الأمن- في إطار حملات التوعية- إلى ترسيخ مقولة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز - حفظه الله- : «كل مواطن هو رجل أمن» في أذهان المواطنين بكل مستوياتهم؛لأن هذه المقولة تضمن أن يسهم المواطن في كل ميادين تحقيق الأمن والاستقرار للمجتمع الذي يعيش فيه، ليس فقط في اتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع وقوع الجرائم والمخالفات، وإنما في مجال تقصي الجناة وإلقاء القبض عليهم وتسليمهم لرجال الأمن.