ترى ما هو الموقف من دخول الوزارة أو الإدارة الحكومية أو الهيئة على النت والتعليق على مقالات الكتاب بأسماء قراء وهميين. أي إنسان يقرأ بتروّ سيعرف من هو صاحب التعليق. هل هو قارئ يعبر عن رأيه أم أن جهاز علاقات العامة هو من يقف خلف هذه التعليقات. تستطيع الإدارة الإلكترونية في الجريدة أن تعرف وتتحقق من مصادر التعليقات باستثناء التعليقات الصادرة من الإدارات التي تعتمد في جزء من عملها على المتطوعين الباحثين عن الأجر في الآخرة. كيف يحق لهذا الجهاز أن يدخل على النت بأسماء قراء غير موجودين ويمتدح ذاته ويطبل لانجازاته ويصور أن الأمة بثقليها (الجن والإنس) تقف خلفه. ما هو الموقف الأخلاقي من عمل كهذا؟ كيف يكون احترامي لهذا الجهاز أو تلك الإدارة التي تمارس الدعاية بطريقة غير مسؤولة. ما الذي سوف يحدث إذا تفشت هذه الظاهرة؟ صارت كل إدارة حكومية تمارس هذا النوع من الدعاية. شكليا هي أفضل من الرد باسم الإدارة الصريح والمستندات. في هذا النوع الرخيص من الإعلان تستطيع الإدارة أن تشتم الكاتب وتكفره وتجرده من حقوقه الإنسانية إذا أرادت دون أن تتحمل أدنى مسؤولية. وسيلة مميزة للإدارات الفاشلة أو الجانحة أو الإدارة التي لا تملك القدرة للدفاع عن أخطائها لأنها فادحة. تهاجم الكاتب دون أن تضطر أن تعلق على الانتقادات الواردة في مقالته. هذا النوع من الدعاية رسالة على وجهين؛ قمع الكاتب والإساءة إليه، وإظهار الجهاز بصورة المحبوب بين الناس. يتطور الأمر في بعض الأحيان لتشاهد في بعض الأوقات تعليقات متفرقة تحت نفس المقال دفاعا عن مسؤول بالاسم. تنشر هذه التعليقات متفرقة وفي أوقات مختلفة. يوحي هذا التكنيك أن الأمة تدافعت من كل حدب وصوب وقررت الخروج عن صمتها وحيادها وسلبيتها المعهودة وصوتت للدفاع عن هذا البطل الشعبي. الشيء الذي يفضح هذه التعليقات ملاحقتها للمقال. لا تتوقف في مكان النشر الأصلي. تذهب مع المقال أينما نقل في النت. متسمرة فيه كأنها جزء منه. تذكرني هذه التعليقات بحادثة لن أنساها في حياتي. علمتني الشيء الكثير. مرة انتقدت جهازا من الأجهزة الحكومية. كان هذا الكلام في بداية الانفتاح على نقد بعض الأجهزة الحكومية التي كانت في خانة التابو. لم تكن النت حاضرة في المشهد الإعلامي السعودي. (في أواخر التسعينيات تقريبا). بدأت الفاكسات تصلنا. شتم فيني وفي الجريدة والقائمين عليها. كل يوم تزداد نسبتها وكل يوم تأتي من مدينة أو قرية مختلفة. أحسسنا أننا أصبحنا في مواجهة الشعب السعودي بأسره. من القريات من بريدة من الرياض من جدة... الخ. جمعنا الفاكسات وطفقنا ندرسها فاكسا فاكسا فتبينت الحقيقة. النص واحد. اتضح أن مؤلفه شخص واحد أو أشخاص محددون. عشرات الفاكسات التي تأتي من الرياض تأتي من رقمين فقط. أكثر من ست مئة فاكس مصدرها عدد محدود من الفاكسات. بعد سنوات قليلة انتقلت هذه الممارسة إلى المنتديات أيام تألقها، واليوم تنتقل إلى التعليقات على المقالات. ما أشبه الليلة بالبارحة..