«والله تعبت ماني عارفة إيش أسوي، قضيتي إرث ب 100 مليون ريال ضد خالي، وما حصلت أي تجاوب من المحكمة». هكذا قالت لي سيدة تقف أمام باب المحكمة في جدة، وشرحت بأنها تطالب خالها بإرث تركة والدها «لكن المحكمة لم تستجب لطلبي، وماني عارفة فين أروح ولمن أشتكي؟». هذه حالة واحدة من حالات نساء منتظرات في المحكمة الشرعية في جدة، وقالت امرأة كانت تجلس في صالة انتظار السيدات «رفعت قضية على طليقي لإلزامه بالنفقة الشرعية على أولاده مني»، فيما تحدثت أخرى «طلبت من المحكمة إثبات رعاية لأطفالي من زوجي المتغيب منذ سنوات»، وثالثة تقدمت بشكوى للقاضي لإلزام زوجها بتأمين مسكن مستقل لها، كما تحدث رجل كبير في السن عن أنه يراجع المحكمة منذ أربعة عشر شهرا في قضية طلب خلع لابنته. وفي المحاكم، تستحوذ القضايا التي يكون فيها النساء طرفا مثل الخلع والطلاق والميراث والخلافات الزوجية على ما يقارب 30 في المائة من القضايا التي تنظرها المحكمة العامة والجزئية ومحكمة الضمان والأنكحة في جدة، وتجمع سيدات على طول فترات مدة التقاضي التي يكون فيها النساء طرفا، ولا يعرفن سببا لذلك. السيدة أم عبدالله، قالت إنها تراجع المحكمة في ثلاث قضايا زوجية، الأولى اتهام طليقها بسرقة عفش البيت، والثانية مطالبتها باحتضان أطفالها الذين لم ترهم منذ 3 سنوات، والثالثة قضية نفقة، وصدر لها حكم باحتضان الأطفال، لكنها لم تتمكن من تنفيذ الحكم حتى الآن، وتقول «طليقي اتهمني بالجنون وثبت للمحكمة أنني سليمة تماما، وكل المشكلة أن طليقي يرواغ ويتهرب من تنفيذ الأحكام وحضور الجلسات». كما التقيت المواطن قاسم عبدالله، وهو رجل في العقد السادس من عمره قال إنه يراجع المحكمة لاستخراج صك طلاق ابنته منذ أربعة أشهر، وعن سبب التأخير قال إن طليقها يتغيب عن الجلسات ولايحضر. وتعج استراحات النساء داخل المحكمة بقصصهن ومعاناتهن في التأخر والمماطلة للحصول على حقوقهن في دعاواهن المرفوعة أمام القضاء «معاناتنا في المحاكم تتضاعف، وبعض القضاة لا يعطينا الفرصة لإبداء وجهة نظرنا أو الاستماع لنا كما يستمعون للرجل». لكن مصدرا في المحكمة رد على اتهام النساء قائلا «على النقيض، هناك من يتهم المحكمة بمحاباة النساء والتسريع في قضاياهن عكس الرجال، وتبقى الأمور وجهة نظر، نعم، قد تحتاج بعض القضايا إلى التريث، مثل بعض الخلافات الزوجية وقضايا الخلع وخلافه والتي تحال للجان الصلح لمحاولة رأب الصدع، ما قد يؤخر أحيانا بعض القضايا، ولكن يظل الجميع سواسية». من جهته، أبلغ مدير مشروع الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء المهندس ماجد العدوان «عكاظ»، أن الوزارة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة تواصل عملها فيما يتعلق بتنفيذ مشروع تطوير القضاء، واستطرد العدوان «تسمية محاكم الضمان والأنكحة سيحيل ما لا يقل عن 40 في المائة من حجم القضايا الأسرية الواردة للمحاكم العامة مثل قضايا الخلع والطلاق والنفقة والحضانة والعضل وخلافه إلى المحكمة الجديدة (الأحوال الشخصية) كمسمى بعد صدور نظام المرافعات الشرعي الجديد، مشيرا إلى أن من حسنات تسمية محاكم الأحوال الشخصية إبعاد القضايا الأسرية وعزلها عن قضايا السجناء وتوفير سقف من الخصوصية وتسريع التقاضي في تلك المحاكم التي تنظر في جميع مسائل الأحوال الشخصية ومنها إثبات الزواج، الطلاق، الخلع وفسخ النكاح، الرجعة، الحضانة، النفقة، الزيارة، إثبات الوقف، الوصية، النسب، الغيبة، الوفاة وحصر الورثة والإرث، وقسمة التركة بما فيها العقار إذا كان فيه نزاع أو حصة وقف أو وصية أو قاصر أو غائب، وإثبات تعيين الأوصياء وإقامة الأولياء والنظار، والإذن له في التصرفات التي تستوجب إذن المحكمة، وعزلهم عند الاقتضاء والحجر على السفهاء ورفعه عنهم، وإثبات توكيل الأخرس الذي لا يعرف القراءة والكتابة، وتزويج من لا ولي لها، أو من عضلها أولياؤها، كما تختص بالنظر في الدعاوى الناشئة عن مسائل الأحوال الشخصية والدعاوى المرفوعة لإيقاع العقوبات المنصوص عليها في نظام الهيئة العامة لأموال القاصرين ومن في حكمهم». أيضا أكدت فريال مصطفى المستشارة القانونية ل «عكاظ»، أن قضايا النساء في المحاكم تتأخر بشكل ملحوظ وكبير إلى مدد قد تصل لأربع سنوات «وهذا عائد إلى أن بعض القضاة يرتب على المرأة ما لا تتحمله»، وروت قصة سيدة ضربها زوجها، فطلب منها ناظر القضية إحضار شاهدين على أن زوجها ضربها رغم وجود تقرير طبي لدى السيدة ومحضر بالواقعة من الشرطة، لكن القاضي رفض ذلك وأصر على طلب الشهود، ورغم أن السيدة أوضحت للقاضي أن زوجها ضربها في منزلها ولا يمكن إحضار شهود على الوقعة «إلا أنه تمسك بضرورة إحضار الشهود، ثم صرف النظر عن الدعوى».