هكذا وصف ( دي موشيه ) الإنسان دون صبر. إليكم حكاية اليوم: " كان شاعر الصين الأعظم (لي باي) تلميذا كسولا لا يحب الدراسة فحدث أن مر برجل ينحت قضيب حديد فسأله عمّ يصنع ؟ أجاب : أصنع إبرة . فارتاع (باي) وسأله كيف تصنع إبرة من قضيب حديد؟ فقال: أنحت كل يوم شُطيطة منه. واصبر عليه أياما وليالي وشهورا حتى يستدق ويصير في قُطر الإبرة. رجع (باي) إلى منزله وقد تغير فكره كلياً وانكب على الدراسة حتى صار أعظم شعراء الصين ". باختصار من كتاب (المُستطرف الصيني للكاتب هادي العلوي منشورات المدى) على طريقة الكتب المدرسية لدينا أسأل ماذا نستفيد من هذه القصّة ؟؟ ليسمح لي القارئ الكريم بطرح مثل هذا السؤال الساذج فوعي المتلقي اليوم أرفع بكثير من هكذا اسلوب لكنني أحاول كسر النسق المعتاد في تسطير هذه الزاوية. كبارهم هكذا يعملون ويعلّمون صغارهم. كبارنا يُكرّسون ثقافة ( جلدي ، جلدي ) أي بسرعة ، ومن ثم ينشأ صغارنا حتى في طعامهم على مفهوم ( فاست فود ) أي سريع التحضير والأكل صعب الهضم مُضرّ بالصحّة . هل هناك جهة يمكن تسميتها تُعنى بتنمية وبناء شخصية الطفل. أرجو ألاّ يأتي أحد باسم وزارة التربية والتعليم فهي مازالت تعمل بمسماها القديم وزارة (المعارف) . دعونا نقولها بكل صراحة ان أطفالنا يربيهم (التلفزيون) والشارع. لا يوجد اليوم ما يُسمى بالنموذج أو القدوة غير لاعبي كرة القدم ونجوم الفن ، وهؤلاء مع احترامي الشديد لهم يندر بينهم من نتمنى أن يكون قدوة لصغارنا. هل من سبيلٍ إذاً لمثل ذلك الرجل الذي علّم الصغير الصيني وبكلمات محدودة كيف يصبح من أعظم شعراء الصين ؟ إذا كان التلفزيون هو المعلم الأول فلماذا لا ننتقل من مرحلة التعليم التلقيني لمرحلة التعليم بالترفيه أي بالوسائل الحديثة. هل تنقصنا المادة ومؤسسة التعليم تحظى بنصيب كبير من المليارات في الميزانية كل 12 شهرا ؟؟ السراج دون زيت لن يُضيء أبداً والبشر دون صبر لن يُتمّوا أعمالهم بالشكل المتقن النافع. كيف نُعلّم أولادنا إذاً قيمة الصبر؟ هذا هو السراج. أقصد السؤال.