تايبه - أ ف ب - في عز انصراف الفنان التايواني تشين فورنغ شين الى الرسم والحفر، يحتاج الى التروي والى استخدام عدسة مكبرة لأن المواد التي يشتغل عليها ليست سوى جدائل من الشعر وأمعاء النمل وحبات السمسم. أنتج تشين (54 سنة) قطعاً تنتمي الى ما يعد أكثر الفنون دقة في العالم حالياً ذلك انه خط كتباً منمنمة تزن أقل من غرام ونحت حيوانات أصغر من خرم الابرة. ويقول خلال وجوده في محترفه في ضواحي تايبه: «يروقني الفن المنمنم لأنه أكثر الأنواع إثارة للتحدي وأكثرها تحديثاً». وصار هذا الفن أشبه بالهوس الشخصي، وبات تشين يمضي وقت فراغه في محله حيث تتوزع مجموعة من العدسات المكبرة وإبر الحفر وريش الرسم الرقيقة كمثل شعر الرأس. ويعمل نهاراً في مصنع لسك العملات تابع للمصرف المركزي وهو أنهى للتو رسم جناحي تايوان والصين في معرض شانغهاي الدولي على حبة رز. ويعود فن المنمنمات الى آلاف السنوات في الصين، غير ان شعبيته بلغت ذروتها ابان سلالة مينغ (بين عامي 1368 و1644) عندما بدأ النبلاء يجمعون القطع العاجية الصغيرة ومحفورات الجوز. ويقول تشين: «افتتنت بالتحف النادرة الدقيقة التي شاهدتها في المتاحف» ليشرح كيف انتهى به الامر، وهو خريج كلية الفنون المهنية، الى الشغف بالمنمنمات التي تعول على تقاليد عمرها آلاف السنوات. انه مسار مستهلك للوقت لا ريب وقد دأب على تحسين حرفته خلال ثلاثة عقود ولم يبتكر على مرها سوى 120 قطعة. وهو أنجز أخيراً تمثالاً صغيراً من صمغ الصنوبر المصنع يمثل نمراً وقد تطلب منه انهاؤه ثلاثة أشهر ويبلغ حجمه 1.2 ميلليمتر. أما مفخرة تشين فنجاحه في صناعة عشر تحف أدبية بنسخ مصغرة من بينها «300 قصيدة من سلالة تانغ» الصيني الكلاسيكي، فضلاً عن مؤلف «لو بتي برانس» (الأمير الصغير) الفرنسي الاثير. ويقول تشين: «تطلب إنجاز الكتاب الشعري سنتين، ذلك ان كتابة حروف دقيقة الى هذا الحد مسألة شاقة، لقد أنهكت حقاً وكنت على وشك التخلي عن المشروع». ويروق للفنان اختبار مواد غير مألوفة، لا سيما الحشرات المتوافرة بكثرة في الحديقة الخارجية لمحترفه. حفر تشين أحد أبيات الشاعر البريطاني وليام بلايك حيث يرد «من أجل رؤية عالم كامل في حبة رمل» بالأحرف الصينية وعلى حبة رمل، وقام أيضاً بكتابة حروف صينية معقدة ومتكتلة على النمل وعلى أجنحة النحل واليعاسب. ورسم على رأس عود الثقاب الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون والمتدربة في البيت الابيض مونيكا لوينسكي بهدف الهزء من العلاقة الشهيرة الشائنة في احالة الى قول «الخشب الجاف يؤجج النار» الصيني الشعبي المستخدم للدلالة على العلاقات الجنسية السرية.