جهل الكثير من المواطنين بالأنظمة والتعليمات عطّل مصالحهم ومعاملتهم، وهو جهل يتحمل المواطن (المراجع) جزءاً منه؛ بسبب عدم إطلاعه على كثير من الأنظمة التي تخصه، ويتحمل الجزء الأكبر منه الأجهزة الحكومية لعدم تعريف مراجعيها بالإجراءات النظامية التي يلزم المواطن معرفتها قبل قدومه للدائرة الحكومية ليختصر الوقت والجهد، علماً أنّ بعض الأجهزة الحكومية لها جهود مشكورة في ذلك، خاصةً الدوائر التي تكون لها صلةٍ مع الجُمهور كإدارة المرور والبلدية والشرطة والأحوال المدنية والجمارك والجوازات والنقل والأمانات والبلديات وغيرها. وبالطبع إذا ما نظرنا إلى مجتمعنا المحلي نجده يعاني بعمومه من الجهل بالأنظمة، كما تعاني الأنظمة من التجاهل وسوء التطبيق في كثير من الأحيان، ولعل المراقب يلاحظ التناقض في عدد منها، بل والازدواجية، فهل مطلوب من الجميع البحث في المراجع الاختصاصية؟، بالطبع لا، ولكن لابد من توفير مكان لتعلم مبادئ القانون العامة، كما يمكن علاج المشكلة من خلال التنسيق بين الوزارات الحكومية لإيجاد نقاط التقاء بين أنظمتها، وأن تضع كل وزارة، وكل وحدة تابعة لها نظامها عند مدخلها الرئيس، ليطلع عليها المواطن، وأن يفقه القائمون على تطبيق القوانين كيفية التعامل معها. المشكلة الكبرى ليست في الأنظمة أو تنفيذها بقدر ما هي في تعريف المواطن بها، ثم الحزم في تطبيقها..فالحزم في تطبيق الأنظمة يؤدي إلى ثقافة احترامها، وهنا تقترح "الرياض" تبني حملة توعية تثقيفية تشارك فيها الجهات ذات العلاقة، كوزارة التربية، والتعليم العالي، والثقافة والإعلام، والداخلية، والأوقاف، ويوفَّر الدعم المالي اللازم لها؛ لبيان أهمية الأنظمة والقضاء على الجهل بها. ضياع الوقت بداية قال المواطن "سعيد الشمراني": ذهبت لأنجز مُعاملة في إحدى الدوائر الحُكومية فتوجهت للمكتب المُختص فقال لي: إن مُعاملتي أرسلت للمكتب الآخر فذهبت إلى ذلك المكتب فلم أجد أحداً مع أن هناك أربعة مكاتب خالية والساعة تقترب من نهاية الدوام بنصف ساعة، فقال لي أحد العاملين إن معاملتك ليست لدينا، وعليك الذهاب إلى الدائرة المختصة، ويضيف: تمنيت لو أن هناك لوحة إرشادية تبين لنا أنظمة الجهات حتى لاتضيع أوقاتنا في معرفة الجهات الخاصة بمعاملاتنا. تشابه الأنظمة أما المواطن "محمد العسيري" فيرى أن تشابه الأنظمة في الجهات يجعلهم لا يعرفون لمن يتجهون لتقديم معاملاتهم.. فالشئون الاجتماعية مشابهه لنظام التقاعد والضمان، قائلاً: تقدمت بمعاملة لدى الشؤون الاجتماعية وقالوا لي إنّ معاملتي لدى مؤسسة التقاعد وعلي إكمالها من هناك، حتى يتم التعامل مع معاملتي بالشكل الصحيح. شرح الآلية وفي اتصالنا بأمين منطقة عسير المهندس "إبراهيم الخليل" قال: هناك بعض الدوائر الحكومية التي يعاني فيها المسؤول والمواطن أيضاً، من تعطيل المصالح حيث يتسبب المواطن بجهله لنظام الإدارة المراجع فيها بالتكدس بالمعاملات وتعطيل المراجعين الآخرين، ويؤخر عمل المسؤولين لاضطرارهم بشرح آلية نظام الدائرة، مضيفاً: بالنسبة للأمانة فلسنا نعاني من هذا الأمر؛ لأنّ الجميع على علم بأنظمة الإدارة، ولا يأتي لنا إلاّ من كانت له حاجة ومعامله. احترام النظام وقال "محمد السلمي" -مدير الأحوال المدنية بمنطقة عسير- إنّ المراجعين على نوعين، فهناك من يجهل النظام ويأتي ليتابع معاملة ليست لدينا بالأصل وليست من اختصاصنا، وذلك بالغالب يصدر من كبار السن ومن يسكنون بالقرى، فنحتاج لإيضاح الصورة لهم وتحديد الجهة المختصة بمعاملاتهم، والنوع الآخر هم من يأتي وهو على علم بالنظام وملتزم به، ويحترمه، مضيفاً: من واجبنا التعامل مع كافة الشرائح، وتوضيح النظام من خلال الشرح، ولكن مسألة تعليق لائحة بنظام العمل صعب؛ لأنّ اللائحة متضمنة أكثر من 75 مادة وبعضها لاتهم كثيرا من المواطنين. أخطاء بالمسمى وقالت الأستاذة "لطيفة سليمان أبو نيان" -المديرة العامة للإشراف النسائي بوزارة الشؤون الاجتماعية بالرياض-: إنّ بعض المراجعات يكون لديهن لبس بالمسمى فيعتبرن مسمانا الإشراف الاجتماعي مماثلا للإشراف التربوي؛ فيأتون إلينا على أننا نتبع وزارة التربية والتعليم، وهناك أخطاء تكون في التوجه للوزارة كجهات صرف، بينما نحن مختصون بإعانات المعاقين، وأحيانا تقوم المراجعة بالتقديم على إعانات وهذا ليس من اختصاص المكتب فنقوم بتحويلها للجهة المخولة بذلك وهي مكتب التأهيل. المعاملات الورقية أما عن المعاملات الورقية فتقول "لطيفة أبونيان": غالبيتها تأتي عن طريق البريد والتي نجد بأنها غير مناسبة نقوم بالإشارة عليها وإرجاعها، مضيفة:"بحكم أننا نتبع للشؤون الاجتماعية فنتلقى بعض المراجعات كوننا مختصات اجتماعيات ونتقبل شكاواهن ونتابع معاملاتهن كطلب المساعدات ونحولهن على الضمان الاجتماعي". أما عن مسألة لوحات مخصصة توضح الأنظمة فتقول الأستاذة "لطيفة" لدينا توضيح بلائحة الإعانات للمعوقين ومواعيد الصرف وفئات الصرف، وغالبية الأخطاء تأتي من الأناس البسيطين الذين يحتاجون للمساعدة ولا يعرفون إلى أين يتجهون، ونحن نقوم بخدمتهم بالبحث الاجتماعي؛ لأنّ الشؤون الاجتماعية تشتمل على أكثر الخدمات وليست كأي وزارة أخرى. خلط بالمهام وأوضحت الأستاذة "هيفاء عبدالعزيز الحسيني" -مديرة عام الإدارة النسائية بمجلس الغرف التجارية- أنّ اللبس يكون في مهام مجلس الغرف التجارية ومهام الغرف التجارية نفسها، فتأتينا اتصالات متعددة من سيدات أعمال أما لفتح سجلات تجارية أو تصاديق، أو معاملات خاصة هي بالأساس من مهام الغرفة التجارية وليس مجلس الغرف. وتبين "الحسيني" أن الفرق بين المجلس والغرفة التجارية أن المجلس يهتم بالأقسام النسائية للغرف التجارية،والتي تضم 28 فرعا بكافة مناطق المملكة وتهتم بدعم الاقتصاد الوطني، ونهتم أيضا باللجان بالغرف وربطها بالمجلس التنفيذي وخطط الغرف وإنجازاتها ومهامها،ونوفر الاتفاقيات لتأهيل ودعم سيدات الأعمال بالتضامن مع الغرفة التجارية، بينما الغرفة التجارية تدعم سيدات الأعمال مباشرة من خلال فتح السجلات وإنهاء المعاملات والتراخيص والتصاديق والاشتراكات. تصنيف المعاملات وأشار "د.فهد الخضيري" -العالم بالأبحاث الطبية بمستشفى الملك فيصل التخصصي- إلى أنه دائماً يواجه معاملات ضائعة بين عدة جهات منها وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء، وحماية البيئة والتجارة والجمارك، وذلك لإنهاء إجراءات معاملة بعض المواد المسرطنة أو التعامل مع أدوية محظورة أو منتهية الصلاحية. واقترح "د.الخضيري" أن يكون هناك مكتب لاستقبال المعاملات وتصنيفها حسب التخصص لإنهاء إجراءاتها بأسرع وقت ولا تضيع مع كثرة الدوائر، ويكون الموظفون قد خضعوا للتدريب والتأهيل لمثل هذه التصنيفات، وأيضا يجب أن يكون هناك مكان بارز لكتابة الأنظمة واللوائح لتكون كالسجل الذي يعتمد عليه المراجع والموظف وبذلك نقلص إعداد الأخطاء وننقذ أرواحاً قبل أن تهلك ،وهي مازالت تبحث عن الجهة المعنية بمعاملتها. استقبال المراجعين وتوجيههم أفضل وسيلة للتعريف بالأنظمة والإدارات المختصة