الشفافية في أداء أي عمل في المنشأة من أهم أسس التعاملات الإلكترونية - التي من خلالها سوف يتم تطبيق الحكومة الإلكترونية. وأحد عناصر الشفافية هو معرفة مسار المعاملة في أي لحظة حتى يتم الانتهاء منها وتغلق العملية كاملة. ومع مضي عدة أعوام على مشروع الحكومة الإلكترونية بقيادة «يسر» لم يلمس المواطن أي تغيير في نمط التعاملات الحكومية عند متابعته لأي معاملة له في أي إدارة حكومية. وقد اشتد عجبي عندما ذهبت منذ فترة قصيرة وبسبب ضغط من زوجتي لمتابعة معاملة لها في إحدى الدوائر الحكومية، لعلمي بأن خطأ وقع من قبل هذه الإدارة الحكومية، وكان في اعتقادي أنني مجرد أن أبلغهم بذلك الخطأ، فسوف يبذلون كل جهدهم بالاعتذار عن ما بدر منهم من تقصير وتصحيح الخطأ بشكل فوري. ولكن ما حصل فعلاً هو أنه كان علي إصلاح الخلل الذي حصل بين إدارة شؤون الموظفين وإدارة الشؤون المالية. وبعد معرفة خطئهم، وضعوا الخطأ عليَّ شخصياً لأنني لم أتابع المعاملة بشكل مباشر ووعدوني بتصحيح الخطأ بعد شهرين، ولو لم أتابع هذه المعاملة لكانت معاملة زوجتي في درج الموظف إلى ما لا نهاية. هل يستطيع القارئ الكريم أن يتخيل أن هناك إداراتين متقابلتين في مبنى واحد وفي طباق واحد ويتبعان مديراً واحداً (مدير عام الشؤون الإدارية والمالية) لا يوجد لديهما إجراءات عمل واضحة، بحيث لا يضطر المواطن لمتابعة المعاملة بنفسه أو حتى أخذ أوراق المعاملة من مكتب إلى مكتب (علماً بأن هذا الإجراء كان نصيحة أحد الموظفين رغم علمه بأن الأنظمة تمنع ذلك). كنت أتمنى من مشروع «يسر» أن يركز على عملية توثيق إجراءات العمل وعمل هندسة لهذه الإجراءات كخطوة أولى للجهات الحكومية لكي تسهل معرفة مسار أي عملية إدارية وبالتالي مساءلة الموظف المقصر ومحاسبته. إن الخطوة سوف تقضي - حتماً - على الكثير من بيروقراطية العمل التي يحتاجها مشروع الحكومة الإلكترونية لنجاحه. ولكن إلى أن تنجز «يسر» مهمتها، يحقٌّ لنا أن نسأل: من سيحمي المواطن من بيروقراطية العمل الحكومي ومن سينصف المواطن من إجراءات عمل عقيمة في بيئة لا يتقبل المسؤول بها الخطأ ولا يحاسب المخطئ؟ وهل سيكون رب العمل متفهماً عندما يغيب أحد موظفيه لأيام عديدة بسبب مراجعته لإحدى الدوائر الحكومية أم أن المواطن سيعيش مشتتاً بين إرضاء رب العمل وإنجاز معاملاته المتعثرة بسبب سوء التنظيم الإداري؟