قابلتها في مكان ما على ظهر هذه البسيطة،جلست بقربي تنتظر دورها وتُحملق بعصبية ظاهرة في تلك الساعة المتهالكة المُعلقة على حائط ذلك المكان،والتي توقفت عقاربها منذُ زمان وكفت عن الدوران،ولم يكلف أحد نفسه أحدٌ نفسهُ في ذلك المكان بإصلاحها أو استبدالها،أو حتى تغيير بطاريتها، وتركت هكذا كديكور لا أكثر ولا أقل! جلستُ أقرأ في كتاب معي لأقطع به الوقت،وكانت بين لحظة،وأختها تنظرُ إليّ وإلى الكتاب الذي بين يديّ،نحيتُ الكتاب جانبا ونظرتُ إليها بابتسامة وبادرتها بقولي: أيعجبك الكتاب لاعليك سأتركه لكِ إن أردتي ذلك؟ نظرت إليّ وإلى الكتاب الملقى بجانبي، وهي تتنهد،وتزفرُ زفراتٍ حرّى؟ سألتها ما بالك سيدتي ماالذي يضايقك؟ لكنها تركتني وسؤالي وسرحت في عوالم أخرى، وبعد دقائق عادت للنظر إليّ وتوجيهِ أسئلة عن اسمي ودراستي وعملي، وغيرها فأجبتها فأطمنت لما قلتهُ عن نفسي! سألتها، لما أنتِ هنا فأخبرتني، ثم أردفتُ بسؤالي لها بما تُحبين أن أناديك قالت باسم آخر عنقود في حياتي وعمرهُ خمس سنوات؟ نظرتُ إليها قائلة ولم هو آخر عناقيدك وأنتِ مازلتِ شابة؟ عندها أخبرتني بقصتها : هي إنسانة بائسة محطمة القلب حزينة تزوجت منذ تسع سنوات زواجا أثمر عن طفلة في السابعة وآخرُ في الخامسة لما يزل؟ قصة زواجها كانت عادية جدا من أحد معارفها والذي أخبرها بعدالزواج بأشهر بأنه كان مغصوبا عليها وأرغمه على ذلك والدهُ ووالدته وأنهُ حاول مرارا التملص من الموضوع لكن والدهُ قال له سأغضب عليك وأحرمك الميراث فرضخ للأمر المحتوم؟ تقول: حاولت بكل الطرق أن أكون زوجة مطيعة لكن لافائدة كان لايطيقني ويتعامل معي مثل أي كنبة داخل المنزل، ويردد على مسامعي أقسى العبارات ويعيرني بتعليمي البسيط حيث لا أملك سوى شهادة الكفاءة،بينما هو يحمل أعلى الشهادات ويحضر للدكتوراه،وطالما ردد على سمعي بأنه كان يحلم بإنسانة تتوافق مع فكره وتعليمه وتشاركه نجاحاته وأطروحاته؟ حتى أنه دوما يهددني بالزواج من أخرى وبالطلاق قائلا: لولا خوفي من غضب والدي وهذين الطفلين لكنت في بيت أهلك من سنوات؟ واتفقنا أن نبقى تحت سقف بيت واحد ونمثل أمام الناس أننا زوجين ونحن في حقيقة الأمر مجرد أجساد بلا روح أو عاطفة أو مشاعر،ومازلت إلى الآن صابرة من أجل أطفالي بل إنني تأقلمت مع الوضع وهو كذلك تأقلم ومازال يعد العدة للزواج بأخرى ولا اعتراض لديّ طالما أنه سيتركني أعيش مع أبنائي ؟ ياه كم كان قاسيا ما حكتهُ لي وكم تألم قلبي وأنّ وبكى حزنا على حالها المرير،ولم يسعفني الوقت لسماع المزيد فأصرت على أخذ رقمي لتسمع مني المشورة والتوجيه أو المساعدة ووعدتها بالاتصال بها للدعم و مساعدتها على تطوير نفسها والتجديد والبحث عما يفتقده الزوج فيها سواء أكان في التعليم والثقافة أو أشياء أخرى لتطور من أدواتها وتكون كما يريد زوجها وإن وصل الأمر لإكمال تعليمها. مشكلة تلك الإنسانة مرت عليّ مرارا وتعاني منها زوجات وأزواج يعيشون تحت سقف بيت واحد تلك هي مشكلة الطلاق ا النفسي؟ فالطلاق النفسي هو وجود حالة من الجفاف العاطفي والانفصال الوجداني بين الزوجين، وبعد كل منهما عن الآخر في أغلب أمور حياتهما عادة بمرحلة منتصف العمر. وقد يكون الطلاق على خطورته البالغة أسهل من الطلاق النفسي الذي لايرجى برؤه وكأن الزوجين المطلقين نفسياً جثتان تعيشان مع بعض وبالجسد فقط وكأن حياتهما الزوجية ميتة وهي عرفاً على قيد الحياة.ويميز المحللون النفسيون بين نوعين من "الطلاق النفسي"، النوع الأول هو الذى ذكرناه فى السطور السابقة، حينما يكون الطلاق النفسي صادر عن وعي وإرادة الطرفين في العلاقة الزوجية وبعلمهما الكامل، أما النوع الآخر، هو أن يكون "الطلاق النفسي" قائماً من أحد الطرفين فقط دون علم أو وعي الآخر، وهو عندما يشعر الطرف الأول بعدم الرضا لاستمرار علاقته مع الطرف الثاني لكنه يصبر على هذا الشعور ويكبته خشية الوقوع في براثن الطلاق، وهذا النوع غالباً ما تكون فيه المرأة هي الطرف الواعي لحالة الطلاق النفسي دون علم أو إدراك زوجها.ويكون الطلاق النفسي في كثير من الحالات عن طريق طرف واحد ، في حين أن الآخر يجهل ذلك كلياً ، وإذا كان الطلاق النفسي عن طريق المرأة فإن العلاج يكون أصعب خاصة إذا وصلت المرأة الى قناعة بعدم أهلية زوجها للقيام بدور الرجل في حياتها، لأن هذه القناعة تعني بصورة آلية حدوث الطلاق النفسي مستقبلاً حتى ولو استمرت في زواجها بشكل طبيعي وإن أنجبت.أما عن أسباب الطلاق النفسي بين الزوجين فهي" الاختلاف الثقافي الكبير، اختلاف الأعمار بشكل كبير، عدم تكيف كل طرف مع رغبات الآخر، ويؤدى شعور أحد الطرفين أو كليهما بعدم التكافؤ مع شريكه سواء في المستوى الاجتماعي أو المادي أو التعليمي أو في الطموح أو في الميول والرغبات والقناعات إلى إبتعاده عنه شيئا فشيءآثار الطلاق النفسي على الزوجين: غياب الاحترام واللين والرفق بين الزوجين، وعدم الاشتراك في أنشطة مشتركة، وشيوع السخرية والاستهزاء والإهمال والأنانية واللامبالاة باحتياجات ومتطلبات ولآلام كل طرف، اللوم المتبادل والأكل والشرب بشكل منفصل، والهروب المتكرر من المنزل أو جلوس الزوجين في أماكن منفصلة داخل بيت الزوجية وتبلد المشاعر وجرح مشاعر الطرف الآخر بكلمات مؤذية وشيوع الصمت وضعف التواصل. "ومن الحلول التي طرحها المختصون:- زيادة الصراحة والوضوح والمرونة في العلاقة الزوجية، وإتاحة المجال لكل منهما ليقول مالديه مع ضمان استماع الطرف الآخر ...- على الزوجة تعلم فن الدبلوماسية مع زوجها، واللجوء الى المديح والثناء وفي كل الأمور بدءاً من شكله وطلعته الى طريقة كلامه وتعاملاته، والجميل في كيل المدائح أنها معدية فتنتقل الى الزوج ويرد الجميل. وبرأيي يجب على المرأة أن تجهر وتعبر عن حبها، لأن الرجل يكون من النوع الصامت الذي لايعرف كيف يعبر عن مشاعره ..