وسط التزاحم الفضائي الذي بدأ منذ عدة أعوام مضت.. ظهرت لنا العديد من القنوات الفضائية الشعبية التي جيّرت اهتمامها بالموروث الشعبي وعادات وتقاليد مجتمعية يحكمها امتداد جغرافية هذا الوطن، ومع السباق الفضائي المتعدد الذي حاول إظهار الكثير من خفايا الموروث والحفاظ على بقاياه، إلاّ أنّ هذا التسابق الإعلامي يفتقد التخصص ولازال معظمه بحاجة إلى ترتيب أوراقه المتناثرة التي خلقت نوعاً من التعصب القبلي والمناطقي في فترات ماضية. ويرى كثيرون أنه يجب موازنة تلك الفضائيات فيما تنتهجه من سياسة الاستثمار الفضائي من خلال بوابة الموروث الشعبي، فلم يكن منصفاً إلى هذه اللحظة، وكانت الهرولة خلف المادة سيدة الموقف على شاشات تلك القنوات الذي يفتقد منتجها الإعلامي المعايير التي يجب أن تحترم من خلالها عيون المشاهدين..! في تحقيق "الرياض" طالب البعض بإعادة موازنة قيم ممارسة لمعظم هذه القنوات، ووضع منهجية لدورها الإعلامي الذي اتسم غالبيته بالعشوائية!. علي العكاسي انتقاد المحتوى وقال الإعلامي "علي العكاسي": إنّ الإعلام الشعبي له دور كبير وهام، ومن الجميل أن هذه القنوات يمتلكها مستثمرون سعوديون، ولكن يفترض وجود مظلة رسمية متخصصة لتلك القنوات يتم من خلالها تقييم تلك البرامج والتغطيات التي تقدمها، وأن تسعى ذات الجهة في توجيه المستثمرين الفضائيين لنقل الصورة الشاملة من كافة المناطق، وهذا ما يساعد في تذويب المناطقية التي أصبحت تحاصر الكثير من تلك القنوات التي وقفت على منهجية واحدة في سياساتها طيلة السنوات الماضية. فهد محمد ويرى "عايد سالم العطوي" أنّ التنوع في المخرجات الإعلامية أصبح مطلبا مهما في ظل أن هذه القنوات امتلكت العديد من المتابعين لها والمهتمين بالموروث الشعبي. وقال: "للأسف هناك تجاهل كبير للعديد من الألوان والفنون الشعبية في بعض المناطق؛ نتيجة الرؤية الفردية في التخطيط والتنفيذ معاً". وانتقد "فهد بن محمد" شريط "الشات" الذي يُظهر رسائل المشاهدين ويفتقد المتابعة من قبل العاملين. وقال: إنّ المتابع لبعض تلك القنوات يجد أنّ هناك رسائل تظهر على "الشات" تدعو إلى المفاخرة وربما التقليل من آخرين، كما أصبح البعض من محدودي الفكر يستغلونها في إثارة النعرات القبلية والتعالي والمباهاة أو الانتقام الشخصي بعيداً عن مفهوم أنها تعرض أمام الآف المشاهدين. علي الهازمي ووصف "إبراهيم عبدالرحمن" ما تقدمه بعض القنوات من تغطيات سواء للفعاليات أو المناسبات بأنها عشوائية،وقال: إنّ ما نشاهده الآن في الكثير من القنوات الشعبية من برامج تفتقد التصوير التلفزيوني الاحترافي الذي هو الأهم على قائمة المادة المقدمة، فهناك الكثير من القنوات لا يمتلكون إيادي ماهرة في التصوير على خلاف ما تتعامل به مع مؤسسات خاصة لا تمتلك النوعية الجيدة من الكاميرات، والعاملون عليها يفتقدون أيضاً الحس التصويري وزاوية العمل والوقت المناسب أيضاً، وهذا بحد ذاته أحد المسببات في رجعية ما تقدمه تلك الفضائيات رغم محاولة حفاظها على الموروث. عشوائية البث واستعرض "خالد حمود" ماشد انتباهه من عشوائية البث الفضائي، وقال: إن إحدى القنوات الشعبية يوجد على شاشتها شريط مخصص لصاحب القناة يحلل فيها الأخبار والأحداث اليومية والأوضاع السياسية؛ التي يطلع عليها بصياغة عامية، كما أنه يصدر من خلاله قرارت وتوجيهات وفتاوى تخصه ووصف هذا الشريط ب"سوالف ليل"، إضافة إلى شريط آخر لتلبية الراغبين بالزواج لكلا الطرفين، مشيراً إلى أنّ إحدى القنوات التي أطلت مؤخراً على الشاشة وضعت مبدأها بأنها وطنية شاملة..!، وإذا بها في لحظه تحدد إتجاها وتستهدف منطقة واحدة وكأنها تدعو للمناطقية!. وطالب "فواز العتيبي" برصد تلك المخالفات الإعلامية التي تصدر، ووضع حدود ومفهوم للبث الفضائي الذي لم يعد لدى الكثير من تلك القنوات القدرة في التحكم بما تقوم به من تقديم تلك المواد التي تفتقد كل معايير الإعلام، إضافة إلى عدم إدارتها شريط الرسائل بالشكل الذي يضمن عدم التعدي على حقوق الآخرين، مشيراً إلى أنّ البعض من العاملين في تلك القنوات هم من يثيرون الرسائل لتحقيق مكاسب مالية. وقال "علي الهازمي": كنت أتمنى من الجهات المختصة وضع عين الرقيب على تلك القنوات، وهذا ليس صعباً، فتلك القنوات التي لم تتجاوز العشر، ولكن أثرها قد يكون أكبر من عددها خصوصا مع الأجيال الجديدة والأجيال غير المدركة لتوجهات الإعلام ورسائله غير المباشرة، فبدلاً من الحفاظ على هوية الموروث وصل الحد إلى التفاخر والتعالي والمزايدات!.