في العدد ( 12857) من صحيفة الجزيرة الصادر بتاريخ الثاني من شهر ذي الحجة من العام الهجري 1428 ، أوضح وزير التعليم العالي د.خالد العنقري في تصريح صحفي أن: "وزارته ستنتهي خلال شهرين من دراسة حول الاعتراف والاعتماد للعديد من المؤسسات التي تقدم برامج للدراسات العليا عن طريق الإنترنت من خلال لجنة المعادلات بوزارة التعليم العالي منوهاً أن الوزارة ستقوم بإعلان أسماء المؤسسات المعتمدة والبرامج المعترف بها عبر مواقع وزارة التعليم العالي على الشبكة العنكبوية قبل نهاية العام الهجري الحالي " .. الآن مضى على هذا التوضيح المتضمن وعداً صريحاً بأن الوزارة ستعلن أسماء المؤسسات التعليمية المعتمدة لتقديم الدراسات العليا عن بعد أكثر من اربع سنوات ، ولم تحقق الوزارة شيئاً من هذه الوعود بل إنها نسيت الموضوع بأكمله ولم نقرأ او نسمع تصريحاً آخر حول هذا الموضوع ، وفي الثاني عشر من شهر رمضان المبارك المنصرم أعلن وزير التعليم العالي د.خالد العنقري عن " موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس التعليم العالي - حفظه الله - على قرار مجلس التعليم العالي الخاص بإنشاء الجامعة السعودية الإلكترونية موضحًا بأن الجامعة ستوفر بيئة تعلم إلكترونية مبنية على تقنيات المعلومات والاتصالات وتقنيات التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، وأن الجامعة ستمنح شهادة البكالوريوس والدراسات العليا حسب المرحلة، وسوف تعمل الجامعة على حصولها على الاعتمادات الأكاديمية داخلياً وخارجياً بما يساعد على رفع جودة مخرجاتها ". وبين التوضيحين لمعالي وزير التعليم العالي تبرز الاسئلة والاستفهامات حول آلية وإجراءات سير العمل في الوزارة ، فالأخذ بالجديد والتوسع في أوعية التعليم العالي منهج تنموي استراتيجي تتبناه القيادة العليا في المملكة ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهد الامين حفظهما الله ، وموافقة خادم الحرمين الشريفين على إنشاء الجامعة السعودية الالكترونية يأتي في ظل منظومة متكاملة من مؤسسات التعليم العالي في انحاء المملكة ، وإذا كانت الوزارة لم تستطع الوفاء بوعدها في ما يتعلق بإعلان اسماء المؤسسات التعليمية الخارجية المعتمدة التي ستقدم برامج الدراسات العليا لأبناء وبنات المملكة الطامحين في استكمال دراساتهم وبحوثهم في مجال تخصصاتهم العلمية وخبراتهم العملية فإن الفرصة الآن امامها متاحة للاستفادة من الجامعة الالكترونية لتقديم برامج للماجستير والدكتوراه عن بعد وبنظام الانتساب حتى ولو كان بمقابل مادي رمزي ، والواقع انه لا يوجد مبرر منطقي للتأخر في البدء ببرامج الجامعة الالكترونية ، فموافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله على انشاء الجامعة جاءت بناء على قرار مجلس التعليم العالي الخاص بإنشاء الجامعة السعودية الإلكترونية ، ما يعني ان مجلس التعليم العالي قدم المشروع كاملاً بكل متطلباته المادية والمعنوية ، وان موافقة الملك عبدالله بن عبدالعزيز ايده الله تتضمن تذليل الصعوبات وإتاحة الموارد المالية للبدء في برامج الجامعة ، وأظن ان وزارة التعليم العالي في ظل المخصصات المالية الكبيرة التي تصرفها الدولة لها ليست بحاجة الى اكثر من رؤية تنفيذية صادقة تترجم موافقة الملك عبدالله الى واقع يفتح الامل والرجاء أمام آلاف من السعوديين والسعوديات الذين يطمحون ويأملون في استكمال دراساتهم سواء الجامعية او العليا ، وإذا كان امام الراغبين في دراسة البكالوريوس فرصاً متعددة من خلال برامج الانتساب والتعليم عن بعد التي تطرحها الجامعات السعودية فإن الراغبين والطامحين في استكمال دراساتهم العليا ليس امامهم بعد توفيق الله إلا الجامعة الالكترونية او تحقيق الوعد الذي قطعه وزير التعليم العالي على وزارته بإعلان أسماء المؤسسات التعليمية الخارجية المعتمدة والبرامج المعترف بها . إن من الغريب وغير المبرر المنهج المتشدد الذي تتبناه وزارة التعليم العالي ومن ورائها الجامعات السعودية في تقديم البرامج التعليمية للراغبين في استكمال دراساتهم العليا ، فبرامج الدراسات العليا المطروحة في الدول المتقدمة التي أخذنا منها نظام التعليم العالي تبدو سهلة وميسرة اجرائياً وأعني انها سهلة وميسرة من ناحية القبول والإجراءات الادارية بينما تظل محتفظة بمعايير عالية في الجودة التعليمية ، بل إن تلك الدول تقدم تسهيلات متعددة للراغبين في استكمال دراساتهم العليا ايماناً منها بأن هؤلاء سيقدمون للمجتمع ومؤسساته العلمية الكثير من البحوث والدراسات المختلفة في شتى الحقول والمجالات ، والواقع ان التشدد في شروط الدراسات العليا يطرح الكثير من الاسئلة في هذا المقام فمتطلبات من نوع الحصول على درجة عالية في اختبارات قدرات اللغة الانجليزية أو "التوفل" للراغبين في دراسة الماجستير في تخصص اللغة العربية والتخصصات الانسانية يوحي بأن وزارة التعليم العالي لا تريد تطوير وتنمية جانب الدراسات والبحوث في المجتمع السعودي ، ومن المفارقات الغربية ان المبتعثين ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للدراسة في دول تعتمد لغاتها المحلية في الدراسة وليست اللغة الانجليزية لا يطلب منهم الحصول على درجة عالية في اختبارات "التوفل"، وإنما يكملون متطلبات اجادة اللغة المحلية للبلد الذي يدرسون فيه، فلماذا لا يُكتفى بإجادة اللغة العربية في المملكة. إن الحديث عن برامج الدراسات العليا في المملكة يثير الألم والحزن فمنذ سنوات والشكاوى تتزايد ليس من الصعوبة العلمية للبرامج فهذه للأسف تبدو على العكس من ذلك وأعني انها تخضع في الغالب لمعايير علمية متواضعة وإنما لصعوبة شروط ومتطلبات وفرص القبول ما جعل الكثير من ابناء الممكلة يلجئون الى الخارج للحصول على فرص الدراسات العليا بمبالغ كبيرة ، وأعتقد ان امام وزارة التعليم العالي الآن وفي ظل الثورة الاتصالية والتقنية التي القت بظلالها على وسائل وطرق التعليم والتعلم فرصة كبيرة للتماهي والتواكب مع الاهتمام الرسمي بتوفير التعليم الجامعي وما فوق الجامعي لأبناء وبنات المملكة وأن تتجاوز اخضاع هذا النوع من التعليم للدراسة واللجان وتشرع بشكل عاجل في فتح فرص التعليم العالي لأبناء المملكة ، فالدراسات العليا وأيّا كانت اهداف ومقاصد الدارسين فيها تؤدي الى تنمية وتنشيط الجانب البحثي والتطبيقي في الحقول المعرفية وهذا ما تحتاجه المملكة في كثير من القطاعات.