قبل يومين من اجراء الجولة الثانية من الانتخابات التي ستجرى الاحد في مناطق الجنوب ، تغيب هذه الانتخابات عن الواجهة او تكاد لمصلحة المعارك الانتخابية المتوقعة في جبل لبنان وفي الشمال بعد اسبوع على جولة الجنوب . ففي ظل ائتلاف حركة « امل » برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري و« حزب الله» الذي يطيح عادة اي فرصة لبروز اي مرشح خارج هذا التحالف ومع فوز كل من مرشحي صيدا من الطائفة السنية ، وهما النائبان بهية الحريري واسامة سعد وفوز مرشحي منطقة جزين من المسيحيين بالتزكية ايضا ، يصعب تحفيز الناس على الانتخاب وتبدو الانتخابات باهتة كليا . وفي حال وجدت حماسة لذلك فانها ستقتصر على المواطنين الشيعة باعتبار انهم وحدهم المعنيون بانتخاب نوابهم من جهة وباحداث فارق ملموس بين الفريقين الشيعيين الاساسيين اي « امل » و«حزب الله» . اذ رغم ان لا خلافات ظاهرة بين الجانبين فان في الافق اكثر من استحقاق خصوصا اذا شاء الحزب دخول باب العمل السياسي من بابه الواسع . فالاكثرية الشعبية في الانتخابات ستفرض حسم رئاسة مجلس النواب خلال ولاية مجلس النواب الجديد . ومع ان بري دخل بقوة على خط التسويات مع الاكثريات المرتقبة في المجلس ، اي كتلة نجل الرئيس الشهيد رفيق الحريري سعد وكتلة النائب وليد جنبلاط من اجل العودة الى رئاسة المجلس النيابي الجديد ، فان الغالبية في حال رست في مصلحة « حزب الله » او رست في مصلحة احد النواب الشيعة من كتلة بري بالذات بحيث ينال اصواتا اكثر منه يمكن ان تؤدي الى خلط في الاوراق . فحتى الان ليس مطروحا او واردا ان يأتي رئيس لمجلس النواب من « حزب الله» وليس معروفا اذا كانت الدول الكبرى المعنية بالشأن اللبناني تقبل بذلك ، الا ان الباب سيكون مفتوحا على كل الاحتمالات خصوصا اذا قرر الحزب السير قدما نحو الدخول في الحكومة الجديدة التي ستتألف بعد الانتخابات على ما هو متوقع . وهو دخول لن يلقى اعتراضا خارجيا في ضوء تشجيع الحزب على التخلي عن سلاحه والانخراط في الحياة السياسية العامة . لذلك فان معركة الجنوب تكاد تدوركما دارت معركة بيروت على حصد الاصوات في غياب اي تنافس من اي نوع كان . وفي هذا الاطار يجهد الفريقان الشيعيان الرئيسيان من اجل حض المواطنين على الانتخاب يوم الاحد وهما يرفعان لذلك شعارات تكاد تكون واحدة في التأكيد على حق المقاومة في البقاء ورفض القرار 1559 الذي ينص على نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية بما فيها « حزب الله» . ولذلك يعمل الحزب بقوة على تأمين خلفية شعبية قوية تدعم قوته العسكرية التي قال الامين العام للحزب اخيرا انها تتخطى ما هو متداول عن امتلاك الحزب ما يزيد على 12 الف صاروخ من اجل ان يشكل قوة رافضة وقادرة على مواجهة القرار الدولي . وبذلك تبدو معركة الحزب والحركة اقرب الى معركة طواحين الهواء حيث لا عدو او خصم فعليا في الداخل بل هو في الخارج ، علما ان كل الشعارات على ما تقول مصادر مطلعة تؤدي في حال استمرت الاجواء الدولية على تصميمها في تنفيذ القرار 1559 في تحسين وتحصين الاوراق التفاوضية للحزب . والنسبة الكبيرة في الاصوات التي تعني محض الطائفة الشيعية ثقتها للحزب معطوفة على زيادة في عدد النواب نتيجة تخلي حزب البعث عن مرشحه عاصم قانصوه ضمن لائحة الحزب في بعلبك الهرمل ، هي رسالة سياسية واضحة من جانب سوريا انها لا تتدخل في لبنان حتى في ترشيح من يمثل الحزب الحاكم في سوريا وانها تركت الامور تأخذ مجراها من خلال الافساح امام الحزب لتوسيع نطاق نفوذه . على خط اخر، احتدمت الاجواء الانتخابية في ما خص انتخابات منطقة الجبل خصوصا في منطقة عاليه بعبدا التي تدور فيها معركة انتخابية حادة بين جنبلاط من جهة ومعه « حزب الله » الذي زار الزعيم الاشتركي امينه العام من اجل ضمان اصوات الحزب في مواجهة لائحة مدعومة من قائد التيار الوطني الحر ميشال عون . وتترتب على المعركة في هذه الدائرة اهمية كبيرة باعتبار انها ستشكل مفصلا في تحديد حصة عون في الانتخابات اذ هي منطقة قوته وشعبيته الكبيرة،كما في تحديد ما اذا كان جنبلاط سيستمر ممسكا بها كما في كل الانتخابات التي اجريت فيها بعد اتفاق الطائف . ولهذه الغاية تقوم حملات اعلامية شرسة تهدف الى تهديم الخصم على عتبة هذه الانتخابات وقد بلغت درجة من التأزم حد اشارة مجلس المطارنة الموارنة في بيانه الشهري الى هذه المسألة محددا ان الانتخابات هي منافسة ديموقراطية وليس اثارة خصوم وعداوات فضلا عن اشارته الى الانتخابات التي حصلت في بيروت والتي لم تكن في المستوى المطلوب من المشاركة لعلة في قانون الانتخاب على ما قال البيان . وتفاعلت اجواء الجبل في ضوء تسريب معلومات عن لوائح ستعلن في الساعات المقبلة من الجانبين . على خط اخر لفتت زيارة وفد من الكونغرس الاميركي بيروت وزيارته سعد الحريري لتهنئته بفوز لوائحه في انتخابات العاصمة يوم الاحد الماضي . وهي تهنئة تعقب اتصالات تهنئة متعددة للحريري الى جانب الاشادة الدولية من كل جانب بالجولة الاولى من الانتخابات .