دعا منتدى الرياض الاقتصادي إلى ضرورة إعادة النظر في قرار تقييد زراعة القمح في المملكة بهدف المحافظة على مستوى معين للأمن الغذائي ، وبررت دراسة " الامن الغذائي بين الزراعة المحلية والاستيراد والاستثمار الخارجي " دعوتها لارتفاع حجم الخسائر الاقتصادية التي يتكبدها الاقتصاد السعودي نتيجة التخلي عن زراعة القمح ، إذ يتوقع زيادة مقدار الخسارة للقمح من 317 ألف طن، بقيمة تبلغ 329مليون ريال عام 2009م، إلى 2.5 مليون طن، بقيمة تبلغ 2.6 مليار ريال عام 2016م . وقدرت الدراسة التي قدمت في اليوم الثاني من منتدى الرياض الاقتصادي في معرض مناقشاتها حول ارتفاع الأسعار العالمية للقمح مقارنة بتكاليف الإنتاج ، تكلفة توفير الاحتياجات الاستهلاكية من خلال الزراعة المحلية للقمح 361.6 دولارا/طن، في حين تصل إلى 397.4 دولارا/طن في حالة الاستيراد وفقاً لبيانات المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق عام 2011م، وبالتالي يتضح أن تكلفة الاستيراد للقمح تزيد بمعدل يبلغ 9.9% عن الزراعة المحلية . كما أوصت الدراسة والتي ترأسها معالي الدكتور فهد بن عبد الرحمن بالغنيم وزير الزراعة بإنشاء كيان مؤسسي متخصص يتبع مجلس الوزراء للتخطيط والرقابة لإدارة وتكوين المخزون الإستراتيجي للسلع الغذائية الإستراتيجية ،وإعادة هيكلة المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق من حيث المسئولية والاختصاص. مطالبة باستحداث وظيفة «ملحق زراعي» وعزت الدراسة هذه التوصية لعدم وجود كيان مؤسسي مسئول عن الخزن الإستراتيجي للسلع الغذائية بشكل محدد في المملكة إلى جانب وجود تضارب أو عدم تنسيق بين الجهات ذات العلاقة بالإنتاج أو الاستيراد أو الاستثمار الزراعي لهذه السلع فضلا عن ضرورة الحفاظ على مخزون استراتيجي كاف من السلع الغذائية الأساسية حتى لا يتعرض المعروض في السوق المحلي لأي هزات نتيجة انخفاض المعروض عالميا من تلك السلع. وكشفت الدراسة أن أهم العوامل المحلية المؤدية إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية في المملكة تتلخص في محدودية الدعم الحكومي لهذه السلع ، ولجوء بعض تجار الجملة والتجزئة والمستوردين إلى رفع الأسعار ، وضعف الرقابة الحكومية على أسعار السلع الغذائية، وأكدت الدراسة على ضرورة تحقيق الأمن الغذائي لأهم السلع الإستراتيجية من خلال اتباع سياسة تكاملية بين الزراعة المحلية والاستيراد والاستثمار الزراعي السعودي في الخارج . وعرجت على أن المملكة تعاني شحاً في الموارد المائية نظراً لافتقارها إلى الأنهار والأمطار الغزيرة المنتظمة وبالتالي فإن الضغط على الزراعة المحلية لتحقيق الأمن الغذائي لسلع معينة سيكون على حساب الإمكانيات الموردية وأهمها الموارد المائية التي يتطلب الأمر ترشيدها بغرض التنمية المستدامة والحفاظ عليها لمستقبل الأجيال القادمة. ودعت الدراسة للاستفادة من التجارب الناجحة في تحقيق الأمن الغذائي لتأمين الاحتياجات الاستهلاكية الغذائية لمواطنيها ، كما دعت لاستحداث آلية لتوفير التمويل اللازم للاستثمار الزراعي في الخارج وتفعيل دور الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني إلى جانب تطوير نظام صندوق التنمية الزراعية ليقوم بتمويل الاستثمار الزراعي السعودي في الخارج. كما أكدت الدراسة على ضرورة دراسة الفرص الاستثمارية الزراعية في الدول التي يتم اختيارها وتوقيع اتفاقيات ثنائية معها لضمان تأمين رؤوس الأموال السعودية من المخاطر، ومساعدة المستثمرين الزراعيين في الخارج على إقامة جمعيات تعاونية زراعية كفيلة بحل مشاكلهم الزراعية والقانونية والتمويلية إلى جانب إنشاء بنوك تجارية سعودية في الدول المضيفة التي يتم التركيز عليها لتقديم الخدمات التمويلية والائتمانية للمستثمرين الزراعيين في الخارج. ونوهت الدراسة بضرورة استحداث وظيفة ملحق زراعي بالسفارات السعودية وخاصة في الدول المرشحة للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج لكي يعمل على حل مشاكل المستثمرين، ومراعاة التوزيع الجغرافي للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج للحد من المخاطر الطبيعية والاقتصادية والسياسية الممكن حدوثها داخل الدول المضيفة للاستثمار الزراعي. يذكر أن جلسة الدراسة شهدت مشاركة كل من المهندس وليد الخريجي مدير عام المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق ،والدكتور حمد البتال مدير مركز لأعمال للاستشارات الاقتصادية كمحاورين ،فيما تولت الدكتورة موضي الموسي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود إدارة الحوار في القاعة النسائية ،وقدم الدكتور خالد الراجحي الدراسة .