استعرض منتدى الرياض الاقتصادي في جلسته الرابعة مساء الأحد 18 ديسمبر 2011 دراسة " الأمن الغذائي بين الزراعة المحلية والاستيراد والاستثمار الخارجي " التي رأسها معالي وزير الزراعة الدكتور فهد بن عبدالرحمن بالغنيم ، بمشاركة معالي مدير عام المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق المهندس وليد بن عبدالله الخريجي ، ومدير مركز الأعمال للاستشارات الاقتصادية الدكتور حمد بن سيف البتال كمحاورين ، فيما تولت عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود الدكتورة موضي بنت عثمان الموسى إدارة الحوار في القاعة النسوية. وبين الدكتور خالد بن سليمان الراجحي في دراسته إلى ضرورة إعادة النظر في قرار تقييد زراعة القمح في المملكة بهدف المحافظة على مستوى معين للأمن الغذائي من ناحية وحمايتها من الضغوط السياسية والاقتصادية التي قد تلجأ إليها بعض الدول المحتكرة لإنتاج وتصدير القمح في العالم من ناحية أخرى. وبررت الدراسة ذلك بارتفاع حجم الخسائر الاقتصادية والاجتماعية التي يتكبدها الاقتصاد السعودي نتيجة التخلي عن زراعة القمح، إذ يتوقع زيادة مقدار الخسارة الاجتماعية للقمح من 317 ألف طن، بقيمة تبلغ 329 مليون ريال عام 2009م، إلى 2. 5 مليون طن، بقيمة تبلغ 2.6 مليار ري العام 2016م، بالإضافة إلى قيام بعض الدول المصدرة بفرض الحصص التصديرية وإيقاف التصدير في أوقات معينة. وبينت الدراسة أن ارتفاع الأسعار العالمية للقمح مقارنة بتكاليف الإنتاج، إذ قدرت تكلفة توفير الاحتياجات الاستهلاكية من خلال الزراعة المحلية للقمح 361. 6 دولار/ طن، في حين تصل إلى 397.4 دولار/ طن في حالة الاستيراد وفقاً لبيانات المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق عام2011م، وبالتالي يتضح أن تكلفة الاستيراد للقمح تزيد بمعدل يبلغ 9.9% عن الزراعة المحلية، مما يؤكد عدم التخلي عن زراعة القمح في التركيب المحصولي للزراعة السعودية. كما أوصت الدراسة بإنشاء كيان مؤسسي متخصص يتبع مجلس الوزراء للتخطيط والرقابة لإدارة وتكوين المخزون الإستراتيجي للسلع الغذائية الإستراتيجية ،وإعادة هيكلة المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق من حيث المسئولية والاختصاص. وعزت الدراسة هذه التوصية لعدم وجود كيان مؤسسي مسئول عن الخزن الإستراتيجي للسلع الغذائية بشكل محدد في المملكة إلي جانب وجود تضارب أو عدم تنسيق بين الجهات ذات العلاقة بالإنتاج أو الاستيراد أو الاستثمار الزراعي لهذه السلع فضلا عن ضرورة الحفاظ على مخزون إستراتيجي كاف من السلع الغذائية الأساسية حتى لا يتعرض المعروض في السوق المحلي لأي هزات نتيجة انخفاض المعروض عالميا من تلك السلع. وكشفت الدراسة أن أهم العوامل المحلية المؤدية إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية في المملكة تتلخص في قلة الدعم الحكومي للسلع الغذائية ، ولجوء بعض تجار الجملة والتجزئة والمستوردين إلى رفع الأسعار ، وضعف الرقابة الحكومية على أسعار السلع الغذائية. وأكدت الدراسة على ضرورة تحقيق الأمن الغذائي لأهم السلع الإستراتيجية من خلال اتباع سياسة تكاملية بين الزراعة المحلية والاستيراد والاستثمار الزراعي السعودي في الخارج . وقالت : إن المملكة تعاني شحاً في الموارد المائية نظراً لافتقارها إلى الأنهار والأمطار الغزيرة المنتظمة وبالتالي فإن الضغط على الزراعة المحلية لتحقيق الأمن الغذائي لسلع معينة سيكون على حساب الإمكانيات الموردية وأهمها الموارد المائية التي يتطلب الأمر ترشيدها بغرض التنمية المستدامة والحفاظ عليها لمستقبل الأجيال القادمة. ودعت الدراسة للاستفادة من التجارب الناجحة في تحقيق الأمن الغذائي لتأمين الاحتياجات الاستهلاكية الغذائية لمواطنيها ، كما دعت لاستحداث آلية لتوفير التمويل اللازم للاستثمار الزراعي في الخارج وتفعيل دور الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني إلى جانب تطوير نظام صندوق التنمية الزراعية ليقوم بتمويل الاستثمار الزراعي السعودي في الخارج. كما أكدت الدراسة على ضرورة دراسة الفرص الاستثمارية الزراعية في الدول التي يتم اختيارها وتوقيع اتفاقيات ثنائية معها ، ومساعدة المستثمرين الزراعيين في الخارج على إقامة جمعيات تعاونية زراعية كفيلة بحل مشاكلهم الزراعية والقانونية والتمويلية إلى جانب إنشاء بنوك تجارية سعودية في الدول المضيفة التي يتم التركيز عليها لتقديم الخدمات التمويلية والائتمانية للمستثمرين الزراعيين في الخارج.