حققت المرأة السعودية نجاحات كبيرة في مختلف المجالات، لكن هناك بعض المعوقات التي ما زالت تقف أمام تفعيل مشاركتها في نهضة مجتمعها، لا شك أن وضع المرأة السعودية يشهد حراكاً متجدداً فكرياً، اقتصادياً، واجتماعياً، ممّا يعتبر مؤشّراً للوعي بأهمية دورها وتأثيره في تنمية المجتمع، والرغبة في مواصلة دعم دورها وتعزيزه للمشاركة في بناء الوطن. وتفضل النساء السعوديات - في العادة - إلى الاستثمار في العقارات باعتبارها - من وجهة نظرهن - الأفضل كونه استثمار آمن من جميع النواحي، ويأتي الاستثمار في الأسهم من الدرجة الثانية بعد العقارات لما لهما من عوائد ربحية سريعة ومرتفعة، إضافة إلى أن مخاطرهما قليلة مقارنة بالمجالات الأخرى. وعلى الرغم من حجم الاستثمارات النسائية الكبيرة، التي قد تفاجئ البعض، إلا أن عوائق كثيرة تمنع دخول المزيد من السيدات في المجال الاستثماري والتوسع فيه، وتدفعهن إلى الإبقاء على أرصدتهن ورؤوس أموالهن مجمدة كودائع بنكية. وتطمح المرأة السعودية لأن يكون عملها في المجال العقاري منتظماً ومدروساً من خلال شركات عقارية كبرى تدار بكوادر نسائية، ولكن تواجهها المعوقات ذاتها التي تواجه الرجل التي تكمن في طول الإجراءات لدى بعض الإدارات الحكومية. وقدر عقاريون حجم الاستثمارات النسائية (الفعلية) في جدة ما بين 8 و10 مليارات ريال، في حين ذكرت إحصاءات غير رسمية أن حجم الاستثمار النسائي في المجال العقاري يصل إلى 120 مليار ريال، تتمثل في استثمارات أراضٍ سكنية وتجارية وعمائر ومنازل استثمارية وخلافه، مشيرين إلى أن المرأة السعودية تفضل الاستثمار في المجال العقاري، خصوصاً أنه من المجالات الآمنة بالنسبة إليها لعدم حاجتها لوكيل شرعي ينوب عنها في أعمالها. وقالوا «إن حجم الاستثمار العقاري النسائي في تزايد مستمر، إذا يتوقع أن يتراوح حجم استثمارات السيدات في هذا المجال ما بين 8 و10 مليارات ريال في جدة وحدها»، لافتين إلى إن الإقبال متزايد من المرأة للاستثمار في هذا المجال، خصوصاً أنه من الأسواق الواضحة الرؤيا وتستطيع أداء عملها بشكل مباشر من دون وسطاء ما يقيها عمليات النصب من الوكلاء الشرعيين». وتستثمر المرأة أموالها في المجال العقاري بشراء الأراضي في بعض المخططات الجديدة، ومنهن من يستفدن من أموالهن في شراء وبيع العمائر والمنازل السكنية، ولا يتطلب عمل المرأة في العقار الاختلاط المباشر، إذ تستطيع المرأة مزاولة نشاطها في المجال العقاري من منزلها أو مكتبها، ولا يتطلب خروجها إلا مرتين في الصفقة الواحد، مرة عند البيع وأخرى عند الشراء. ويتوقع تزايد إقبال المرأة للاستثمار في المجال العقاري خصوصاً ان غالبية السيدات يطمحن في استثمار أموالهن بدلاً من تجميدها في البنوك، حيث يتوقع كذلك أن تشهد السنوات المقبلة إقبالاً كبيراً من السيدات للدخول في مجال الاستثمار العقاري، خصوصاً في جدة التي تشهد حركة كبيرة في هذا المجال. وأكدت سيدات أعمال ان العقارات من أفضل القطاعات التي يمكن أن تساهم فيها المرأة بفاعلية كبيرة بالاضافة الى كونه قطاعا خصبا للعمل في ظل حجم الطلب الضخم على المساكن والمنتجات العقارية المختلفة في الحاضر والمستقبل مشيرات الى ان طرق وتقنيات التسويق وآلياته تساهم بشكل كبير في دخول المرأة بشكل أكثر فعالية في هذا القطاع إلا أن ذلك يتطلب مساندة كبيرة لدور المرأة من قبل الدولة والمجتمع وتوفير وتقنين وتشريع البيئة العلمية والتدريبية والتأهيلية لتناسب عمل المرأة، إضافة إلى الارتقاء بمستوى المرأة العقاري عن طريق الملتقيات والمؤتمرات والندوات الاستثمارية والعقارية التي تشارك فيها المرأة بفعالية كبيرة. وتقول الدراسات ان الاستثمار العقاري يعد ثاني أكبر مجال استثماري بعد النفط في المملكة، ويتميز بحركة نشطة وتطور ملموس، ولما له من دور فعال وحيوي في عملية التنمية والتطوير الاقتصادي، فقد جذب الكثير من المستثمرين الى هذا المجال ومن ضمنهم المرأة السعودية التي أصبحت لها حصة فعالة وناشطة ومساهمة قوية في جميع مجالات العمل العقاري، وهناك ما يقرب من 30 ألف سيدة في مجالات الأعمال والاقتصاد من بينهن عدد كبير يستثمرن في مجال العقار اما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مشيرة (الدراسة) الى ان ازالة المعوقات وزيادة الآليات التي تسهلان دخول المرأة لقطاع العقار ستسمح بدخول أعداد أكبر من السيدات في هذا القطاع الحيوي المناسب للمرأة، وهو ما يفسر النسبة المرتفعة لانخراط المرأة في هذا القطاع على مستوى العالم. وتطور طرق التسويق وتقنياته ووسائله جعل المرأة قادرة على التسويق والإدارة والاستثمار وتقديم الاستشارات وهي في منزلها بواسطة وسائل الاتصال المختلفة، كما أصبحت المرأة كذلك محركة للسوق، وتتركز معظم أعمالها في القطاع العقاري على الوظائف الاستثمارية والتسويقية، وحيث ان دور المرأة كان محل صراع اجتماعي فقد استطاعت تذليل العقبات والصعوبات لتأخذ مكانها الى جانب الرجل ودون اي اخلال بالقواعد الشرعية. ومن أهم المعوقات التي تواجه المرأة في مجال الاستثمار العقاري هي ضعف الوعي بالثقافة العقارية لدى المرأة خاصة فيما يتعلق بالأنظمة والقوانين والإجراءات الرسمية اللازمة لأي مشروع تود الإقدام على تنفيذه وكذلك ضعف إقبال المرأة على حضور الندوات والمحاضرات والدورات التثقيفية التي تقام بين الحين والآخر بسبب ظروف مختلفة من بينها شخصية وأخرى اجتماعية، وضعف وسائل الإعلام في نشر التوعية العقارية المطلوبة وعدم وجود فرص تمويلية تسهم في دعم المشاريع الاستثمارية النسائية، بالإضافة الى نظرة المجتمع للمرأة على أنها غير مؤهلة للمجالات الاستثمارية المختلفة ومن بينها القطاع العقاري بزعم نقص الخبرة وغياب الخلفية الاستثمارية. وفي ظل الطفرة العمرانية التي تشهدها المملكة في الوقت الحاضر فقد ظهرت أنماط جديدة من الشركات العقارية المحترفة التي تعمل على تقديم رؤى مختلفة وجديدة في التعامل مع السوق العقارية، وظهور جيل جديد من العقاريين الذين أحدثوا وأدخلوا أساليب أكثر احترافية من خلال تسويق المشاريع وتنظم المعارض العقارية بطرق عصرية ومتطورة، فقد اندفعت المرأة في مجال الاستثمار العقاري بشكل محدود، وعملت شركات الاستثمار العقاري على توظيف المرأة في أقسامها النسائية للعمل في مجال التسويق العقاري، وهذه خطوات تدعم دخول المرأة في هذا المجال، ولكنها في تقديرنا خطوات أولية وتجارب محدودة تحتاج الى الدعم لتصبح الممارسة النسائية في هذا المجال أكثر نضجا وأكثر وعيا. وقالت بعض الباحثات في العقار إنه من الضروري تكريس الثقافة العقارية للمرأة والاستعانة بالتكنولوجيات المتطورة لتدريبها وتمكينها من المنافسة، وبخاصة بعد انضمام المملكة إلى منظمة التجارية العالمية، وكذلك تنظيم دورات متخصصة لهن تعنى بأساسيات صناعة العقار من خلال معاهد ومراكز تدريبية تعمل على تأصيل وارساء قواعد علمية ومهنية لصناعة العقار للمرأة، أهمها تدريبها على اللوائح والأنظمة العقارية المعمول بها، وكيفية تأسيس مشروع عقاري، وإجراءات شراء وبيع العقار وتوجيه المستثمرات للاستثمار الأمثل عقاريا، ويلي ذلك الاهتمام برفع مستوى الممارسة المهنية العقارية من قبل الفاعلين في القطاع، والتعاون بين القطاع الخاص والجامعات، ومراكز الدراسات الأكاديمية والبحث العلمي لتنظيم برامج مشتركة بهدف رفع مستوى الممارسة والوعي العقاري من خلال البحوث العلمية المتميزة، وبذلك فإننا سنسهم في تطوير جزء منهم من العاملين في القطاع العقاري كصناعة ليعطي قيمة مضافة عالية للاقتصاد الوطني.