أكد مختصون وعقاريون أن الاستثمارات النسائية في قطاع العقار لا تتجاوز 10 في المائة من حجم الاستثمارات العقارية، مشدّدين على حاجة السوق إلى وجود المرأة كمستثمر قوي، خاصة في ظل تزايد إقبال السيدات على اقتحام العقار خلال السنوات الثلاث الماضية. ويقول جبران العبيدي نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية في مجلس الغرف السعودية: إن المشاركة النسائية في مجال العقار ضعيفة مقارنة برؤوس الأموال النسائية المجمّدة في المصارف والمدخرات العالية جداً، مرجعاً أسباب الضعف إلى عمل المرأة في القطاع من خلال أشخاص كأقرباء أو وكلاء، وبالتالي لا تكون مشاركتها ظاهرة في السوق بالطريقة العلنية لتغطيتها من قِبل الآخرين. مؤسسات عقارية وقال العبيدي، (لا توجد معوقات أو صعوبات تحد من ممارسة المرأة النشاط العقاري، كما يعتقد، بل إن سوق العقار تحتاج إلى وجود تكتلات نسائية تعمل كمؤسسات عقارية بنسبة 50 في المائة، ولا سيما في ظل دخول الكثير السوق الكبيرة حتى ممّن لا دراية لهم ولا خبرة في المهنة). ونوه إلى أن المرأة تنقصها المعلومة وتنقصها الخبرة في سوق العقار الواسعة، حيث لوحظ من خلال الدورات التأهيلية التي تنظمها الغرف التجارية بالتعاون مع بيوت الخبرة، أن إقبال السيدات لا يتجاوز 15 إلى 20 في المائة مقارنة بالشباب للاستفادة من مثل هذه الدورات في مجال العقار. وعن أسباب إخفاق بعض المكاتب النسائية العقارية وعدم استمراريتها في المنطقة أبان العبيدي أن مسألة فشل بعض المكاتب أو خروجها من السوق ناتج عن القائمات عليها وافتقادهن الخبرة والتأهيل قبل الشروع في العمل، إذ إنهن لم يسعين لعمل مؤسسات عقارية بدلا من المكاتب العقارية التي تبحث عن الأراضي لبيعها وشرائها، وارتكاز مفهوم الاستثمار العقاري في الأراضي والإيجارات مفهوم خاطئ ولا يجذب لهن مردودا ماديا، كما يتصورن، إضافة إلى أن المكاتب العقارية لا يمكنها أن تستهدف وتستقطب رؤوس الأموال المجمدة في المصارف خلاف الشركات والمؤسسات العقارية المتخصصة المشغلة لرؤوس الأموال والمواطنات. ويرى العبيدي أن التكتلات النسائية المنشئة لمؤسسات عقارية ضرورية التواجد في كل مدينة ومنطقة لخلو السعودية منها، خاصة أن الدولة تشجع مثل هذه النشاطات وتدعمها بالقروض والعطاءات لتقوم ببناء وحدات سكنية، ومبان صحية وتعليمية، إضافة إلى تشغيلها للأيدي العاملة من المواطنات، كاشفا عن عدم وجود مبادرات سابقة جادة لجذب الاستثمارات النسائية في مجال العقار لتقصير رجال الأعمال والعقاريين في هذا الجانب، إلا أن هذا لا يعني عدم تحرك المرأة بنفسها دون انتظار تحريك الآخرين لها. أموال نسائية مكدسة من جانبه قال المحلل المالي طارق بن طالب بأن حجم الاستثمارات النسائية في قطاع العقار لا تكاد تتعدى 10 إلى 15 في المائة في أقصى حالاتها، وبالتالي فإن هذه النسبة تعد ضعيفة مقارنة بحجم الأموال النسائية المكدسة في المصارف التي لا يتم تشغيلها لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني، لافتا إلى أهمية أن يبلغ حجم الاستثمارات العقارية النسائية أكثر مما هي عليه بشكل ملحوظ، خاصة أن تفعيل نظام الرهن العقاري الذي أقر أخيرا سينشط القطاع ويذلل الصعوبات. وأرجع ابن طالب أسباب ضعف الاستثمارات النسائية في قطاع العقار بشكل خاص إلى ضعف علاقة المرأة بالقطاع ومعرفتها بالسوق وهو ناتج عن عدم قدرتها بالتحرك الدائم الذي يتطلب متابعة شؤون العمل، إضافة إلى احتياجها إلى وكيل شرعي لإجراء البيع والشراء وبالتالي فإن تخوف المرأة من الاستثمار بواسطة أطراف أخرى وعدم مباشرتها لمهام عملها شخصيا أدى إلى تراجع الكثيرات عن التوجه إليه والانصراف لمجالات أخرى، مضيفا أن عدم سهولة الإجراءات المتبعة وفق لوائح أنظمة افتتاح المكاتب العقارية ساهم في فشل المكاتب النسائية التي أرادت الظهور في السوق. وعن توقعاته لمستقبل العقار في المرحلة المقبلة ذكر ابن طالب أن الأوضاع في طور التصحيح بشكل عام للأسعار المتضخمة ولا سيما تجاه الوحدات السكنية الصغيرة مع تزايد المشاريع الحكومية الإسكانية التي ستنشط السوق ويظهر أثرها الإيجابي على الناتج القومي. وتتفق شروق السليمان رئيس شركة جمارى الدولية العقارية مع رأي سابقها بأن ضعف الاستثمار النسائي في مجال العقار يعود بالدرجة الأولى لانعدام الفرص الاستثمارية بالنسبة إلى المرأة وغياب المعرفة التامة حيال الإمكانات الموجودة مع إحساسها بالخوف من المجهول كون الاستثمار في العقار بمثابة الاستثمار بالمجهول، قائلة: لا توجد لدى المرأة ثقافة استثمارية بشكل عام وعقارية بشكل خاص، إضافة إلى أن عدم وجود مراكز أو شركات مخصصة لمحاولة تقديم خدمة معرفية لهذه الفئة من السيدات الراغبات في دخول مجال الاستثمار العقاري عزز هو الآخر من ابتعاد السيدات عن المجال. وذكرت السليمان أن غالبا ما تدار أمور السيدة عن طريق الرجل وبالتالي فهي لا تكتسب المعرفة الكاملة التي تود الحصول عليها لتكون صاحبة القرار ولا سيما أن الموج أو المحرك للمرأة غيرها وليست هي نفسها، إضافة إلى أن الرجل الذي تعتمد عليه المرأة في نشاطها قد لا تثق به من ناحية الأمان ولا توجد جهات تلجأ لها المرأة بشخصها دون استدعاء من يمثلها من غير جنسها، لافتة إلى أن هناك بعض النساء لا يردن لأحد من أهاليهن وذويهن أن يعرفوا ماذا لديهن وماذا تعمل، وإنما ترغب في أن تكون جل أمورها في سرية تامة وخصوصية تحاشيا لأية عواقب قد تحدث. وشددت السليمان على ضرورة أن تحصل المرأة على استشارة عقارية كاستشارة الطبيب قبل الدخول في المجال وأن يقدم لها التحليل والاختيارات المتعددة والبدائل المتاحة لتكون فيما بعد مطمئنة لما تعمل وواثقة من خطوتها، مشيرة إلى أن إقبال السيدات على قطاع العقار زاد خلال السنوات الثلاث الماضية بنسبة ملحوظة تقارب 20 في المائة، وأن هذه النسبة تعد مشجعة لزيادة الإقبال مستقبلا. من جانبه أبدى رجاء الخالدي عضو اللجنة الوطنية العقارية في مجلس الغرف السعودية فرع الجوف رغبته في دخول المرأة كمستثمرة عقارية في القطاع لتساهم في تحريك النشاط العقاري الذي اتسم خلال الآونة الأخيرة بالركود النسبي، مستدركا أن دخول المرأة كمستثمرة عقارية لا يزال يعد جديدا في سوق العقار ومحدودا وضعيفا في الوقت نفسه، خاصة أن المدن الكبيرة كالرياضوجدة والشرقية تحوي فرصا استثمارية عالية لم يجدن استغلالها مقارنة بالمدن الصغيرة الفرعية التي لا تتوفر فيها مقومات الاستثمار المنشود للسيدات.