يوسف خميس لاعبٌ سابق شهير، ومحلل رياضي معروف ، يقول في أحد تحليلاته الرياضية : إن أي فريق لا يمتلك لاعب محور مميزاً ، ولديه القدرة على (إنكار ذاته) بحيث يلعب لصالح الفريق أكثر مما يلعب لصالح اسمه ، فلن يتمكن من التغلب على منافسيه .. وبما أن السياسة تشترك مع كرة القدم في فنون التكتيك من منطلق أنها في النهاية لعبة ، إلا أن الأولى لعب بالكرة ، بينما الثانية لعب بالنار.. لهذا يمكن أن تنسحب رؤية الكابتن يوسف - وإن لم يُرد ذلك - على الشأن السياسي. ففي نظام مبارك في مصر ، وقبله السادات ، كان هنالك لاعب محور مميز هو الدكتور أسامه الباز .. كان الرجل يشغل منصب وكيل وزارة الخارجية ، وبنفس الوقت مستشار الرئيس للشؤون السياسية ، قبل أن تزيحه السيدة سوزان ثابت من موقعه لوقوفه ضد مبدأ التوريث ، وكان النظام إلى ذلك الوقت متماسكا بوجود صانع لعب سياسي محترف ، إلى أن دخلتْ السيدة سوزان لتحتل هذه الخانة ، ما أدّى بالنتيجة إلى خلخلة النظام ومن ثم انهياره . وفي تونس حدث الشيء ذاته عندما أصرّتْ السيدة ليلى الطرابلسي على شغل هذه الخانة التي لا يُجيدها سوى ساسة من طراز نادر ، يملكون قدرات خاصة لإنكار ذواتهم لصالح تماسك النظام .. أما في ليبيا فالأمر مختلف تماما ، فالعقيد الأخضر لم يكن يؤمن أصلا بعمل الفريق ، لأنه يرى أنه بمفرده فريق قائم بذاته ، معتمداً على اللعب دائما وعن طريق الهجوم في ملاعب خصومه ، أو من يظنهم كذلك ، ومن الطُّرف التي تروى عنه أنه أوقف ذات مرة مباراة في كرة القدم كان قد حضرها ، لأنه كان يرى أن المفروض هو أن الجماهير هي التي يجب أن تلعب عوضاً عن (22) لاعباً ، وكان حينها يعاني من هبّة الاشتراكية ! لكنه حينما اضطر لاستخدام لاعب محور ، وصانع ألعاب ، كان الوقت قد فات ، فلم يجد أمامه سوى ابنه سيف والذي كان عديم الموهبة ، ما عجّل برحيل نظامه . أما علي عبدالله صالح ، فقد كان يعتمد على لاعب محور ، لم يكن يُشارك مباشرة في الملعب ، وإنما كان يجلس على الخط ، ويدير اللعبة بإتقان وهو الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر ، وما أن انتقل الرجل إلى رحمة الله حتى بدأ النظام يتهاوى وبسرعة . بشار الأسد ، وبحكم منطق المقاومة والممانعة ، استغنى تماما عن لاعب المحور ، بعدما ظنّ أنه دعّم مرمى فريقه بالسيد نجاد ، ووظف رأسيْ حربة خارج ملعبه أحدهما في جنوب لبنان ، والآخر احتفظ به بالقرب منه ، وعبأ منطقة الوسط بالأشقاء ، وأبناء العمومة والخؤولة أمثال ماهر ، وقاصف شوكت وشاليش ومخلوف وغيرهم ، على اعتبار أنهم قادرون على سدّ مسدّ لاعب المحور ، فورطوه بالخطة الأمنية التي يتجرع منها المرّ اليوم . هل وجدتم أن ما يجري في ملاعب كرة القدم ، يُمكن أن يجري على الملاعب السياسية ، خاصة عندما يغيب لاعبو المحور المنكرون لذواتهم ، والقادرون على إدارة الأمور بشيء من التعقل ، ليحتل خاناتهم قليلو الموهبة ، وممن يتوهمون قدرتهم على تسديد الأهداف فيما هم يُسجلونها في مرمى أنظمتهم ؟!