من الصعب أن يبهرك أداؤه من النظرة الأولى، لكنك ما إن تنتبه للحرية المرعبة التي يمنحها لزملائه حتى تدرك بأنه لاعب استثنائي، لكن البرازيلي فرناندو ميغانزو لا يحتاج مقدمة تزخر بعبارات المديح، إذ يستعيض عنها بسجل كروي حافل بالمنجزات، تشهد على أن هذا اللاعب كان دائماً محط أنظار الأندية الكبيرة. تجربته تؤكد ذلك، فعلى رغم كونه انطلق مع نادي «يوفينتود» البرازيلي المغمور إلا أنه سريعاً ما لفت أنظار القائمين على نادي «غريميو»، عام واحد هناك كان كفيلاً بنقله إلى الدوري الإيطالي، إذ مثل في تجربته الأولى هناك «سيينا» ليعار في النصف الثاني من الموسم لنادي كتانيا الإيطالي الذي أمضى معه موسمين، من هناك انطلق نحو الدوري الفرنسي على سبيل الإعارة لنادي بوردو الفرنسي موسم (2005-2006) نجاح التجربة قاد النادي لشراء عقده. وعلى رغم التجربة الطويلة في أقوى المنافسات العالمية إلا أن فرناندو في حديثه ل«الحياة» يبدي سعادته الكبيرة بالوجود في الدوري السعودي، مؤكداً أن علاقته بلاعبين الشباب سهلت مهمته، مشدداً على الدور الكبير الذي لعبه مدرب فريقه في رسم قوانين صارمة وواضحة للاعبين كافة. فإلى تفاصيل الحوار... حققت أهم الألقاب مع نادي بوردو الفرنسي، وذاع صيتك هناك، بعيداً عن الديبلوماسية، هل دفعك تقدم السن إلى الاحتراف في السعودية؟ - مكثت مع بوردو ستة أعوام، لكن المتابع للنادي الفرنسي يدرك أن الفريق فقد أهم لاعبيه في الأعوام الأخيرة فهبط أداؤه، ومن الطبيعي أن أبحث عن فرصة للاحتراف في مكان آخر، ووجدت في العرض الشبابي ما يناسبني فاخترته. المنتقلون من الدوريات الأوروبية إلى البطولات الخليجية لا يعودون مرة أخرى، والأمثلة كثيرة، إلى ماذا ترجع ذلك؟ - اتفق معك، طريقة اللعب هنا مختلفة، وبالتالي من الصعب الحكم على اللاعبين، الحكام هنا لا يمنحون اللاعبين فرصة للعب المستمر، وأقصد أن اللعب كثيراً ما يتوقف، كما أنهم برأيي يخطئون في الحكم على الالتحامات الطبيعية بين اللاعبين، بينما في أوروبا يجد الالتحام القوي قبول الحكام، لذا يمنحون اللعبة فرصة الاستمرارية وقليل ما يطالب الحكم بإيقاف اللعب إلا إن دعت إصابة أحد اللاعبين، لذلك كل هذه المتغيرات تصعّب تقويم اللاعبين خلال مشاركتهم في الدوري السعودي، وبالتالي تقلل من فرصة انتقالهم أو عودتهم إلى أوروبا. بالتأكيد تدور أحاديثك مع المقربين منك من المقيمين في البرازيل حول الحياة هنا، ما هي انطباعاتك التي تنقلها لهم عن السعودية والرياض تحديداً؟ - الأجواء هنا ممتعة، لم يتطلب الأمر مني مدة طويلة قبل التأقلم، أنا لاعب كرة قدم وأعرف جيداً أن التنقل والترحال جزء من حياتي، أبرز ما لفتني هنا هو الود الذي قوبلت به من الجميع، سواء من الرياضيين كلاعبين أو إداريين أو حتى مَن أقابلهم خارج النادي من جماهير ومهتمين، لكنك لن تتخيل علاقتي اليوم بزملائي في الفريق ففي الأسبوع الأول لوصولي في فترة المعسكر، كنا نجتمع في غرف الفندق وعبر المترجم كان اللاعبون يحدثونني عن كل شيء كنا نمازح بعضنا، وكنت أذهب لغرفة عمر الغامدي وفيصل السلطان ونرقص هناك «السامري»، وهي الرقصة التي علماني إياها سريعاً، هذه السعادة بتفاصيلها الصغيرة هي ما أنقله لكل من يسألني عن تجربتي هنا، خصوصاً أن اللاعبين في أوروبا منغلقين ومتحفظين عكس اللاعب السعودي المرح دائماً. على رغم الأجواء وما توفر لك من سبل الراحة إلا أنك تأخرت في التأقلم مع الفريق كلاعب محترف، فهل يعود السبب في ذلك لفترة الإعداد، أم أن دورك داخل الملعب بحكم أنك محور متأخر يقوم بمهمات دفاعية صعّب عملية التأقلم؟ - من يقوم بأدوار دفاعية يحتاج في الغالب فترة أطول للتأقلم وهذا أمر طبيعي، على اللاعب أن يركز داخل الملعب والأيام كفيلة بوصوله لمستواه الحقيقي وهو ما حدث، أنا لم أتأخر في التأقلم، فالفترة التي قضيتها مع الشباب لا تزال قصيرة. زميلك السابق في الدوري الفرنسي ولاعب نادي الاتحاد السعودي السابق البرازيلي ويندل، عاش تجربة معاكسة لوضعك مع الشباب، فبعد أن بدأ متألقاً في بداية الموسم قل عطاؤه هذه الأيام، بحكم معرفتك باللاعب هل تعتقد أنه يعاني من مشكلات معينة تسببت في غياب حضوره الفني؟ - ويندل سجل أكثر من هدف في مبارياته الأخيرة، بالنسبة لي أمر طبيعي ألا يظهر بالمستوى الممتاز لتغير الأجواء واختلاف طريقة اللعب الأوروبي عن اللعب في آسيا ككل، لكني أستغرب أن يحمل اللاعب الأجنبي وحده مسؤولية خسارة فريقه في الدوري السعودي، في أوروبا يتحمل اللاعبون كافة مسؤولية الخسارة، بينما هنا لا يتحمل اللاعبون السعوديون مسؤولية أي خسارة ويلقى باللائمة على اللاعبين الأجانب فقط، وفي الاتحاد الفريق بشكل كامل لم يظهر بمستواه المعروف. علاقتك الجيدة باللاعب ويندل، هل كانت سبباً في تعاقد ناديك معه؟ - من يعرف ويندل جيداً يدرك أنه لاعب مميز، فهو يملك مقومات النجاح كافة، لكنها طبيعة كرة القدم، ويستحيل أن تبني قرارها على رأي لاعب، أنا سئلت عن ويندل وأبديت رأيي من خلال مزاملتي له، والآن تعاقدت الإدارة معه والحكم بعد ذلك سيكون للجماهير، أما من يتكلم عن فشل تجربته مع الاتحاد فأرى أنه من الظلم أن يحكم على أي لاعب خلال تلك الفترة فبحسب ما سمعته الاتحاد يعاني من تدني المستوى وطبيعي ألا يظهر أي لاعب خلال هذه المرحلة بمستواه المتوقع. هل تجد معاملة خاصة من مدرب فريقك برودوم بحكم تجربتك الأوروبية وخبرتك الطويلة في الأندية أو حتى منتخب بلادك؟ - لا أحد في الشباب يعامل بطريقة خاصة، كلنا سواسية، هذا ما لاحظته من خلال تعامل الإدارة أو المدرب، لكن إجادتي للغة الفرنسية التي يتكلم بها مدرب الفريق تسهل تواصلي معه وأحياناً يطلب مني المدرب نقل فكرة معينة لأحد اللاعبين داخل الملعب، خصوصاً أننا نكون بعيدين عنه وقد يمنع صخب الجمهور اللاعبين من سماع توجيهاته فأقوم بهذا الدور. كيف ترى مستوى الدوري السعودي والمنافسات بشكل عام؟ - الدوري هنا مميز، والفرق قوية، ومستوى التنافس عالٍ جداً، ولا يمكن لأحد التنبؤ بما ستؤول إليه المباريات، لكنه يحتاج مساحة أكبر من الحرية التي يفترض أن يمنحها الحكام للعبة بمعنى أن توقف اللعب كثيراً من أجل التحامات بسيطة لا يساعد اللاعبين، فكرة القدم تحتاج القوة وهذه طبيعتها. تنتظر فريق الشباب مشاركات محلية مختلفة، هل ترى أنك قادر هذا العام على تحقيق إنجاز للشباب؟ - حصلت مع بوردو على بطولة الدوري، أتمنى أن يفوز الشباب بالدوري هذا العام، المنافسة على بطولة الدوري لا تزال قائمة، الفارق النقطي بيننا وبين الأهلي قليل وسنظل ننافس حتى النهاية، ويقيني بأني لن أترك الشباب إلا وقد حققنا ألقاباً عدة فنحن نملك فريقاً مميزاً. انفعلت أكثر من مرة خلال مشاركات فريقك الأخيرة، وربما تجلى ذلك أكثر في مباراة النصر التي أوقفت بعدها بقرار من لجنة الانضباط بعد اعتدائك على اللاعب حسين عبدالغني؟ - لا يمكن تعميم ما حدث في مباراة على المباريات كافة، قبل تلك الحادثة كان مطلوباً مني الوقوف أمام الحائط لحجب الرؤية عن حارس النصر، ومن ثم الحصول على الكرة المرتدة في حال صد الحارس التسديدة، وما أن التففت لمتابعة الكرة حتى اصطدمت من دون قصد بعبدالغني وأصبته بيدي، لكني لا أعرف اللاعب لكي أتعمد ضربه أو إصابته، وأحزنني جداً صدور قرار إيقافي الذي حرمني من مشاركة الفريق في لقاءات مهمة. لو ترك لك خيار التعاقد مع لاعبين للشباب، هل من أسماء معينة تفضل وجودها في النادي؟ - ميسي، (قالها ضاحكاً) لاعبون كثر مقتنع بقدرتهم على خدمة الشباب، لكني لا أستطيع الجزم برغبتهم بالاحتراف في الدوري السعودي. على عكس الكثير من اللاعبين الأجانب أو المنضمين حديثاً لأي فريق تفاهمت مع زميلك أحمد عطيف سريعاً بحكم أنه يشاركك الخانة ذاتها، ما أسباب هذا التفاهم؟ - أحمد من أفضل اللاعبين في الدوري السعودي مهارياً وبدنياً، وبالنسبة لي هو أفضل من لاعب الهلال أحمد الفريدي أو أي لاعب سعودي في هذا المركز، خصوصاً أنه يجيد اللعب من لمسة واحدة أو اثنتين كما أنه قادر على السيطرة على أي كرة تمرر له. كما أني أبحث عنه دائماً متى ما أردت تمرير الكرة، إضافة إلى ذلك فهو قائد فعلي للفريق كما أنه ودود ومحبوب من الجميع لذا لم أجد أي صعوبة في التواصل معه. تحدثت وسائل إعلامية غير مرة عن استياء أبداه لاعبو الشباب من بعض قرارات المدرب برودوم، خصوصاً الصارمة منها، ما مدى صحة تلك الأنباء؟ - دور المدرب الأساسي هو وضع الأنظمة والقوانين الاحترافية للاعبيه، وفي هذا الجانب برودوم مميز، إذ كان واضحاً مع الجميع منذ البداية، والمحترفون يدركون أن مثل هذه الأنظمة تخدم مصلحتهم قبل كل شيء، ومثال ذلك نظام وجود اللاعبين في النادي قبل التدريب بساعة للاستعداد تحسباً لعوائق الطريق، وغيرها الكثير من الأنظمة التي وضعها برودوم لخدمة الفريق، لكن لم أسمع يوماً أن أحد اللاعبين امتعض من تلك الأنظمة، أما الجوانب الفنية فبرودم مدرب مميز يجيد وضع الخطة بحسب الفريق المنافس، وربما تجلى ذلك بشكل واضح في مباراة الهلال الأخيرة في الدوري، إذ غيرنا طريقة اللعب مع نهاية الشوط الأول لتتغير أماكن اللاعبين في الشوط الثاني، وتحركنا من دون كرة فسرّعنا رتم اللعب، وهو ما حدثني به لاعب نادي الهلال عادل هرماش، إذ قال إننا عجزنا عن الوصول إلى المرمى في الشوط الأول لكن طريقة الشوط الثاني ساهمت في زيادة خطورة الفريق. بالحديث عن لقائكم بالهلال في الدور الثاني ظهرت في أفضل مستوياتك بحسب النقاد خلال تلك المباراة، ما أسباب ذلك التألق؟ - على رغم عدم رضاي عن مستواي في الشوط الأول، لكن تغيير طريقة اللعب في الشوط الثاني ومفاجأة الهلال بتغيير المراكز واللعب الجماعي والضغط على نقاط الضعف منحتني وباقي اللاعبين الرغبة في تقديم كل ما لدينا، لذلك ظهر أداء الفريق مميزاً. تلتزم بالجوانب التكتيكية داخل الملعب أكثر من بحثك عن المرمى أو التسجيل، ألا تعتقد أن طريقة اللعب تحرمك حب الجماهير؟ - لاعب الهلال السابق ميريل رادوي كان يعتمد على اللياقة والتسديد، وكان مهماً في فريقه ومحبوباً من الجماهير، في النهاية ما يعني الجماهير هو النتائج لا الحضور الشخصي والعروض الفنية التي يقدمها اللاعبون، أنا بطبعي أفضل اللعب الجماعي من لمسة واحدة مع التحرك كثيراً واستغلال أي فرصة سانحة للتسديد، لكن أكره تغليب الأداء الفردي. على رغم من التاريخ المميز الذي يملكه نادي الشباب ومنافسته الدائمة على الألقاب كافة إلا أنه لا يحظَ بمتابعة جماهيرية كبيرة، ألا تعاني من غياب الجماهير؟ - بشكل عام لاحظت هنا أن معظم الجماهير تفضل متابعة المباريات عبر التلفاز بعيداً عن الملعب، لكن حضور الجماهير يعطي أداء اللاعب قيمة أكبر، كما أنه يحفز المجموعة للظهور بالشكل المطلوب وتحقيق الانتصارات، لكنني قادر على تقديم كل ما لدي والتناغم مع أي ظرف، أتمنى أن أشاهد الملعب ممتلئاً عن آخره لكن سأقدم كل ما لدي في كل الأحوال. لو طلب منك ترشيح لاعب سعودي للاحتراف في أوروبا، من ستختار؟ - اللاعب رقم 9 بنادي الاتحاد نايف هزازي، كونه يملك كل مقومات اللعب بأوروبا يجيد اللعب بالرأس والتحاماته قوية مع المدافعين، كما أنه مميز في الجوانب اللياقية وهو عامل مساعد على الاحتراف، لكن المواهب هنا كثيرة في الشباب، مثلاً حسن معاذ، وأحمد عطيف، وناصر الشمراني، وفي الهلال أيضاً أحمد الفريدي، ومحمد الشلهوب، وغيرهم الكثير. ... ويؤكّد: المفاوض الشبابي قادني للسعودية ... وعطيف: مينغازو منح الثقة لزملائه