تتم هذه الحلقة الرابعة والأخيرة حديثاً موجزاً عن الملحن أحمد باقر (1933-2011) يبرز الضوء على منجزه الثقافي للدراما الغنائية التلفزيونية حين قدَّم اسكتشي " مداعبات قبل الزواج(1975)، وشهر العسل (1978)"، وأوبريت " بعد العسل (1989)" وما بينهما من أعمال للمسرح. لعل الذاكرة الخليجية لا يمكن أن تنسى ما قدمه بالاشتراك مع المخرج فيصل الضاحي وكل من الثنائي الجميل حسين عبد الرضا وسعاد عبد الله، وهي دراما غنائية ظهرت في شكل الاسكتش عبر جزأين الأول "مداعبات قبل الزواج 1975"، والثاني "شهر العسل 1978" . ففي الأول وضع حواراً طريفاً وظف فيه نمطاً لحنياً اعتمد صيغاً من الرقصات ذات الحيوية بين الدزة والفوكس تروت والسواحلي ليعبر عن الأماني والتفاؤل كما أنه في الثاني رغم اعتماده على إيقاع واحد سيطر على معظم الاسكتش الثاني غير أنه برع في تنويع الحالة الحوارية بين توترها وتصاعدها موظفاً بعض موتيفات غنائية موروثة مع الوتريات والمؤثرات الصوتية فيها بالإضافة إلى براعة التلوين الصوتي لكل من الممثلين. وقد وضع ألحان أوبريت "ميلاد أمة"(1980) التي اشترك في وضع نصوصه يعقوب السبيعي وخالد الزيد وخليفة الوقيان، أداها ومثَّلها نخبة فنانين من مصر عبدالله غيث، محمود ياسين، سميحة ايوب. ومن الكويت خالد النفيسي، سعاد عبدالله، محمد المنصور، حياة الفهد و مريم الصالح وهيفاء عادل. كما أنه اشترك في وضع ألحان "العيد العشرين(1981)" بالتقاسم والملحن غنام الديكان لسناء الخراز والكورال، وكشف عن براعته في وضع أغنيات تصاحبها رقصات متنوعة من فنون التراث المختلفة كالخماري والسامري والدزة والفريسني، وكانت ألحاناً رائعة حفزت المنافسة مع الديكان الذي سوف يرد على كثير من الألحان عبر أوبريت "صدى التاريخ"(1986). وقد وضع لحن مقدمة ونهاية مسرحية "فرسان المناخ 1983" كما وضع لحناً اشترك فيه حسين عبد الرضا واستقلال أحمد"الحب المناخي". ونظراً لاهتمام باقر بالموروث الشعبي ، لا الغنائي فقط ، فقد أنجز للتلفزيون الكويتي وعرض في رمضان مسابقات بعنوان "أمثال وغطاوي 1986" لحسين عبد الرضا وسعاد عبد الله في ثلاثين حلقة. كما أنه وضع لحن وكلمات الأغنية الاستفتاحية لذروة المسرح السياسي الكويتي، وهي "هذا سيفوه"(1988) وقد أداها كل من الممثلين حسين عبد الرضا وخالد النفيسي وسعد الفرج وداود حسين: "هذا سيفوه وهذي خلاجينه/ واحنا يا ناس لا رحنا ولا جينا كل من قاضب مكانه أو يحط ولده ويقوم علمه يجاري زمانه والجماعة في هموم هالكفاءات الكثيرة كلهم عيالج ياديرة والادارة بالبصيرة ماهي بالثروة الكبيرة ولا بنعيش لا رحنا ولا جينا" وقد عاد ليضع أوبريت"بعد العسل 1989" ويكمل به الجزء الثالث من بعد الاسكتشين السابقين حين طرح مرحلة ما قبل الزواج وشهر العسل، وأكمل في هذا الأوبريت بإضافة شخصية ثالثة بعد حسين عبد الرضا وسعاد عبد الله جاءت انتصار الشراح، وطرح الأوبريت موضوع العاقر والضرة، والمفارقات التي تحدث بينهما بالإضافة إلى استفادته مما حققه في الاسكتشين السابقين من التعامل مع هذا النمط الدرامي الغنائي. ولا يمكن أن ننهي أن باقر صائغ المواهب حيث اكتشف موهبة عالية حسين التي رغم اعتزالها الغناء تجارياً وبقائها في المعهد محاضرة تخرج أجيالاً معه فهي شهدت اكتشافه للملحن عبد الله الرميثان ورعاية صوت نوال ونبيل شعيل وفتاة سلطان بالإضافة إلى أجيال من المحاضرين والباحثين مدة عمادته للمعهد بين عامي 1972-1983 وحين عودته إليه مستشاراً منذ عام 1990 حتى وفاته. كما أنه قال كلمة خالدة في حق صوت محمد المسباح: هذا الصوت الذي انتظرناه سنين طويلة! وقد كرمه المسباح بإعادة غناء "يا ساهر الليل" من فن الدواري التي أسعدته كثيراً غير أن أكثر ما يمكن أن يسعده هو تأسيس الفرقة الموسيقية الوطنية التي حملت اسمه وقامت بأول عروضها بعد وفاته بأيام فيما تنادى أولاده ومحبوه لإنشاء متحف خاص بأبي الأغنية الكويتية الخالد..