قرأتُ أن أمريكا - وهي من هي - اكتشفت أكثر من قطعة غيار مزيفة تزييفاً محترفاً وجيداً لأداة كانت سوف تستعمل في اختبار إحدى سفن الفضاء واكتشفت أيضا قطع غيار مزيفة في أحد عقود صيانة أنظمة إطلاق صواريخ (لانس) . فماذا سنجد نحن في أسواقنا؟ أسألك الستر يا رب. من أن تكون مسببات انزلاق حافلة تحمل أطفالًا هي قطع غيار مقلدة كما حدث في انجلترا أخيرا. ثم إن عندنا في الشرق العربي ثقافة نسيان وترك المسمار الرابع . وهي أننا اعتدنا على قبول الآلة بثلاثة مسامير ، بدلا من أربعة مسامير يتحتم وجودها مجتمعة وبوضع سليم في الآلة . لكن ... إذا كان الأمر " يمشي " بثلاثة مسامير فالصيانة تبخل بالوقت والجهد لإتمام العمل وتركيب المسمار الرابع . وإذا كان فكر المواطن هشاً استهلاكياً. ومشكوكاً في خبراته الثقافية والاجتماعية، ولم يبن شخصيته الاقتصادية بعد فهو هنا مهيأ لهيمنة البضائع والأدوات وقطع الغيار المقلدة وعديمة الفائدة والتي ما أن يفكر في البدء في استعمالها للغرض الذي اشتراها من أجله حتى يكتشف أن ما اشتراه لم يكن إلا خدعة او ألعوبة من إنتاج منظمات دولية هدفها الإثراء. وإذا لم يكن المستهلك واعياً ثقافياً واستهلاكياً فإنه سيكون مستعداً للانسياق وراء تلك البضائع رغم أنها لا تسد حاجته، ولا تفي بغرضه وبنفس الوقت تذهب مدخراته إلى جيوب زعماء قرصنة التقليد.. والملاحظ عندنا في أسواق الخليج أنه يصعب كسب المواطن إلى جانب أي عمل إرشادي تقوم به أجهزة الرقابة أو أجهزة التوعية الإعلامية، فالمواطن لا يقبل الإعلانات القائلة إن شراءه قطع غيار مقلدة لفرملة سيارته او لعجلة القيادة قد يكون ثمنه حياته او حياة مرافقيه او حياة مستعمل الطريق، لا يقبل تلك الإعلانات لأن في ذهنه شيئاً آخر وهو التوفير النقدي لأن القطع المقلدة ارخص بكثير من القطع الأصلية. تربية المواطن استهلاكياً امام هذا الطوفان الجارف لابد ان تنبت في البيت والمدرسة ووسائل الاعلام والهيئات الاستهلاكية والغرف التجارية.. لو كان الأمر يتعلق بروائح عطرية وساعات وأقلام وأحذية لهان الامر وأمكن تقبله او تركه لذوق المستهلك وحكمه ولكن الموضوع تعدى ذلك الى قطع غيار فرامل السيارات والرافعات الهوائية وقواطع التيار الكهربائي. وعلى الأقل ما دمنا عاجزين عن مكافحة تلك البضائع المقلدة ومطاردة مورّديها فإنني أقترح إقامة متحف لعرض الخطر منها! وحبذا لو وضعنا إلى جانب كل بضاعة بطاقة باسم المورد..!! ويكون هذا المعرض جناحاً دائماً يرافق كل معرض للصناعات الوطنية او الأجنبية التي تقام في المملكة بين حين وآخر. رؤوس مفكرة في وزارة التجارة والغرف التجارية إلى جانب الوكلاء المعتمدين حتماً ستخرج باقتراح أو أكثر للقضاء على هذه الظاهرة التي جعلت من أسواقنا واجهة لقراصنة التجارة. يجرّون الذيول على المخازي وقد مُلئت من الغشّ الجيوبُ