أعطى تقرير اقتصادي نظرة تفاؤلية لأداء القطاع الصناعي في السعودية، مشيدا في ذات الوقت بدور الاستثمار الأجنبي في دفع عجلة التنمية الصناعية، متوقعا أن تسهم المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية في تغيير كبير في خارطة التصنيع، وذلك بتهيئة الظروف المناسبة لخلق أسواق كبيرة، وتوفير الكفاءات الإدارية والأيدي العاملة المؤهلة لإدارة وتشغيل المشاريع الصناعية، وإنشاء المدن الصناعية الكفيلة بجذب الاستثمار المحلي والأجنبي وحل مشكلة محدودية رؤوس الأموال في المدن الصناعية. وأوضح التقرير السنوي لصندوق التنمية الصناعية السعودي للعام المالي 1431 / 1432ه، نظرته التفاؤلية، أن مؤشرات أداء القطاع خلال العام 2010م، عكست نموا للاقتصاد السعودي ساعد في احتلال مراكز متقدمة في عدد من تقارير الدولية في السنوات الأخيرة حيث حافظت المملكة على صدارتها لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الذي يصدره البنك الدولي،علما أنها كانت تحتل المركز (67) قبل ست سنوات. ويعزو تقرير البنك الدولي انتقال المملكة من مراتب متأخرة لتتنافس مع دول متقدمة في مجال جاذبية بيئة الاستثمار إلى حجم الإصلاحات الاقتصادية التي جرت في المملكة بدءا من عام 2006م تقريبا وهي الفترة التي أطلقت فيها السعودية العديد من برامج الإصلاح الاقتصادي والإداري طالت العديد من الأنظمة والإجراءات ذات العلاقة ومنها انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية وإطلاق مشروع تطوير القضاء وبرنامج 10x10 لتحسين البيئة الاستثمارية ومشروع تطوير التعليم و تنفيذ العديد من مشروعات البنى التحتية والتجهيزات الأساسية. وانعكس أداء المملكة في هذا التقرير على تحسين مركزها في تقارير اقتصادية دولية كتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي حيث تحتل المملكة حالياً المركز (17) عالميا بعد أن كانت في المركز (35) قبل خمس سنوات.. و كشف التقرير أن الصناعات التحويلية غير البترولية بالمملكة حققت نموا إيجابيا في العام 2010، حيث يقدر النمو الحقيقي لها بمعدل (5%) في العام 2010 م مقارنة ب (2.2%)في العام 2009 م، مشيرا إلى تطور إسهام القطاع الصناعي في إجمالي الناتج المحلي بشكل ملحوظ مما يعكس قوة نمو هذا القطاع،إذ تقدر المساهمة النسبية لهذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 10.1 % في العام 2010 م. ومن جانب آخر، أورد التقرير أن عدد المصانع المرخصة بموجب نظام الاستثمار الأجنبي (1897) مصنعا وأن الاستثمارات الأجنبية والمشتركة تستحوذ على أكثر من (50%) من استثمارات القطاع الخاص وان هناك (113) مصنعا كانت مرخصة بموجب نظام الاستثمار الأجنبي ساهم الصندوق الصناعي بتمويلها بأكثر من 8 مليارات ريال قد تحولت إلى مشروعات وطنية بالكامل ما يعكس أهمية الاستعانة بخبرات أجنبية لنقل التجارب ولتقنية المتقدمة في مرحلة التأسيس للمشروعات الصناعية من جانب آخر ساهم القطاع الصناعي بشكل كبير في زيادة صادرات المملكة من السلع غير البترولية،حيث بلغت الصادرات السلعية غير البترولية في العام 2010 م حوالي 124 مليار ريال بارتفاع قدره (14%) عن ما تم تصديره في 2009 م. وعمل معدو التقرير،على تحليل البيانات المتوفرة في قاعدة البيانات الصناعية للعام 2009 م، حيث اتضح أن الأجور والمرتبات تمثل الجزء الأكبر من إجمالي مكونات القيمة المضافة للصناعة السعودية ولقطاعاتها المختلفة بمعدل (35.6 %)، تليها الأرباح بنسبة (30.5%)، ثم الاستهلاكات بنحو (28.2%)، فالفوائد بنسبة(3.9%)، وأخيراً الإيجارات بما معدله (1.8%). وأضاف التقرير أن ذلك يدل أيضاً على إسهام الصناعة بالمملكة في زيادة الدخل القومي من خلال تحقيق قيمة مضافة تغطي أجور ومرتبات العاملين وتزيد على ذلك لتساهم في توسع طاقاتها الإنتاجية. أما بالنسبة لمؤشر نسبة العمالة الوطنية لإجمالي العمالة في الصناعة، فاعتبره التقرير أيضاً من المؤشرات ذات الأهمية المتزايدة على صعيد الاقتصاد السعودي،حيث أظهر التقرير النسب المئوية للعمالة الوطنية من إجمالي العمالة في القطاعات الصناعية الرئيسية في العام 2009 م، حيث تصدر قطاع المنتجات الكيميائية القطاعات الصناعية الأخرى بنسبة عمالة وطنية تبلغ (37%)، يليه قطاع المنتجات المعدنية بنسبة (26%) ثمّ قطاع مواد البناء بنسبة (25%). أما في القطاع الصناعي ككل، فتبلغ نسبة العمالة الوطنية لإجمالي العمالة حوالي (26%) والتي تعتبر متواضعة، حيث ما زالت العمالة الأجنبية تشكل الجزء الأكبر من هيكل العمالة في القطاع الصناعي. ولفت التقرير إلى أن صندوق التنمية الصناعية حافظ على نهجه الثابت في التحقق والتأكد من الجدوى الاقتصادية للمشاريع المقترضة من المنظور الاقتصادي العام والخاص لتعزيز فرص نجاح المشاريع من خلال التوظيف الأمثل للأموال المستثمرة وتحقيق عائد استثماري جيد وقيمة مضافة محلية مناسبة وتعزيز الصادرات غير النفطية وتحقيق التكامل الصناعي وخلق الفرص الوظيفية للسعوديين واستغلال المواد الخام المحلية واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية ونقل وتوطين التقنية ومراعاة سلامة البيئة، في حين يعد كل ذلك دون التركيز على قطاعات صناعية بعينها أو مناطق جغرافية دون غيرها.