سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وزير الشؤون الأوروبية الفنلندي ل «الرياض»: أزمة اليورو لا تعني أننا على وشك الانهيار ستوب: لا يمكن فرض الديمقراطية قسراً من الخارج.. وعلى الدول العربية ترتيب بيتها من الداخل
في الوقت الذي كان ألكسندر ستوب وزير الشؤون الأوروبية والتجارة الخارجية الفنلندي يحزم حقائبه استعداداً للسفر الى دول الجوار، حيث يعاني الاتحاد الاوروبي أزمة مالية حقيقية، خص الوزير ستوب «الرياض» بمقابلة جرت على عجل في سيارته التي اقلته الى المطار حيث يجول الوزير كثيراً في سماء اوروبا لعقد اجتماعات هنا وهناك. في هذه المقابلة قال الوزير ستوب إن مصير ما يحدث في الوطن العربي من تغيرات سيكون متبايناً ومختلفاً، فالبعض من هذه التغييرات سيكون عنيفاً والبعض الآخر سيكون هادئاً. وأضاف «اعتقد أن معظم التغييرات سيكون مختصاً ومرتبطاً بالرفاهة الاقتصادية وتوفر فرص العمل وحرية التعبير.» وتطرق إلى عملية الناتو في ليبيا، مشيراً إلى انها لم تخلُ من المشاكل والسلبيات، وأن العمليات العسكرية لا مناص منها في بعض حالات انتهاك حقوق الانسان مع عدم تفضيله لهذه العمليات ودعوته للحل السلمي. وتحدث الوزير الكسندر عن الأزمة المالية الاوروبية مؤكداً أن الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن يعاني من أزمات ومشاكل، وأن هذا لا يعني انه على حافة الانهيار أو على وشك الافلاس. وأعرب عن اعتقاده بأنه «لا بد لنا من المساعدة والتعاون والتكامل وفتح الحدود» . وحول انضمام تركيا للاتحاد كعامل مساعد في خضم الازمة رحب الوزير ستوب بذلك، مشدداً على أن المشكلة القائمة ان هذا الأمر استغرق وقتاً طويلاً ما تسببت في تراكم الاحباطات على الجانب التركي وهي احباطات لها ما يبررها في بعض الأحيان. وقال «لا أريد ان أرى تركيا وهي تدير ظهرها للاتحاد يوماً ما.» وهنا نص الحوار: تركيا تلعب دوراً مهماً وهي من بين الدول الخمس الأكثر أهمية في العالم.. وأتطلع لرؤيتها عضواً في الاتحاد الأوروبي ربيع عربي متباين ** ما هي رؤيتكم للوضع الحاصل في العالم العربي؟ - أعتقد اننا نشهد حدثاً جديداً تاريخياً فقد عملت على تصنيف الربيع العربي وتقسيمه إلى ثلاث مجموعات جغرافية: شمال افريقيا والشرق الأوسط والخليج، لدينا حسب هذا التصنيف عشرون بلداً تقريباً يشهد تغيرات ولن ينتهي الأمر بها إلى مصير متشابه بل سيكون مصيراً متبايناً ومختلفاً، البعض من هذه التغييرات سيكون عنيفاً والبعض الآخر سيكون هادئاً. اعتقد أن معظم التغييرات سيكون مختصاً ومرتبطاً بالرفاهية الاقتصادية وتوفر فرص العمل وحرية التعبير واعتقد أنه في أفضل سيناريو ممكن - سيناريو يعتمد على الاحتمالات - سيكون الناتج في بعض الدول ديموقراطية عربية مثل تونس وستكون هنالك ملكية برلمانية مثل المغرب. في مصر وسورية لا نعرف كيف ستكون النتائج والنهاية وكذلك الحال في اليمن، بالتأكيد هنالك تحركات باتجاه التغيير. إن العالم يتجه إلى اختيار النظم المثلى التي تناسبه وان الدول تنظر إلى الأمثلة والممارسات الجيدة وتعمل على محطاتها ومن خلال وسائل الإعلام الاجتماعية كأداة ستكون الاحتمالات لا نهائية. حجم العلاقات مع المملكة ليس كبيراً ونحن بحاجة إلى التعاون في مجالات التعليم والطاقة النظيفة وتقنية المعلومات عملية ليبيا شابتها سلبيات ** كيف تقيمون تدخل الناتو في ليبيا؟ - عملية الناتو في ليبيا لم تخلُ من المشاكل والسلبيات، المهمة الأساسية لقوات الناتو في ليبيا هي تطبيق حظر نطاق الطيران فوق ليبيا، وقد نجحت القوات في ذلك ووفرت دعماً ومساندة للثوار وانجزت المهمة بنجاح في كافة الجوانب العسكرية والمادية وتقليل الخسائر في الأرواح والممتلكات. المهم هو ليس الناتو بل ان المشاركة لم تقتصر على دول الناتو بل كانت هناك جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي وقد شكلوا جميعاً تحالفاً عريضاً وقد اقتنع الجميع بأن وقت التغيير قد حان في ليبيا فكان لهم ما أرادوا.. وكانت نهاية القذافية. ** هل فوجئتم بنهاية القذافي؟ - لا، ليست هنالك مفاجأة بالنسبة لي في عملي هذا. زعماء يأتون وزعماء يغادرون، البعض يأتون بالقوة والبعض يغادرون بالقوة (على أسنة الرماح). البعض يأتي بهدوء عبر صناديق الاقتراع ديمقراطياً والبعض يغادرون بهدوء وسلام. لا لست متفاجئاً وعندما تنظر لأكثر من واحد وأربعين عاماً من الحكم لا يحتاج الأمر لكبير عناء لتدرك ان الرجل لم يكن مهتماً بالأمن والاستقرار ولا بتأمين نظامه حينما ترى أفعاله وتصرفاته. التغيير يجب أن يأتي من الداخل ** هل تعتقدون أن الحل العسكري هو الحل في حالات انتهاك حقوق الانسان؟ - أنا لا أحبذ الحلول العسكرية ولا أدعو لها، أنا مع الحل السلمي، على سبيل المثال اعتقد بأن السلام في أوروبا لم يتأت من خلال أدوات عسكرية بل من خلال الاقتصاد والتكافل الاقتصادي. ولكن في بعض الحالات تجد أن لا مناص من التدخل العسكري لوقف انتهاك حقوق الإنسان، لا استطيع ان ارسم خطاً فاصلاً بين التدخل السلمي والعسكري لأني لست خبيراً ولكن يمكنني القول بأن التغيير يجب أن يتم من الداخل وليس من الخارج. فحينما يحدث التغيير من الداخل يكون عادلاً وينجح ويكون ناجحاً. وليس أدل على ذلك من التغيير الذي حدث في تونس ومصر فقد كان شأناً داخلياً محضاً وكذلك الحال في ليبيا وإن كانت هناك مساعدة خارجية. لا يمكن ان تفرض الديمقراطية قسراً ولكن يمكن ذلك في بعض الحالات فالديمقراطية في العراق فرضت بقوة السلاح ولكن العواقب كانت وخيمة. ثورات الربيع العربي جاءت من الداخل وقد أتت ثمارها. أوروبا ليست على وشك الافلاس ** كيف يمكن لأوروبا أن تساعد «الربيع العربي» وهي تواجه أزمات؟ - حسناً، لا أحد بلغ درجة الكمال في هذا العالم وبالتأكيد الاتحاد الأوروبي لم يبلغ درجة الكمال ولهذا عليك ان تقدح زناد فكرك لتأتي بالقرار السليم، بالطبع يواجه الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن أزمات ومشاكل، ولكن هذا لا يعني ان أوروبا على حافة الانهيار أو أنها على وشك الافلاس. اعتقد بأنه لابد لنا من المساعدة والتعاون والتكامل وفتح الحدود وإزالة العوائق أمام التجارة حتى ننعم بالرفاهية والرخاء. ترتيب البيت العربي من الداخل ** كيف يمكن لأوروبا وفنلندا ان تجني الثمار من استقرار الدول العربية؟ - يمكننا المساعدة من خلال التعاون مع الدول العربية التي يجب عليها أولاً ان ترتب «بيتها من الداخل»... وحتى نستطيع ان نجري حواراً مع الاخرين ينبغي لك في المقام الاول أن تكون لك سياسة خارجية عادلة وغير منحازة وغير عدوانية، واعتقد ان فنلندا نجحت في ذلك بتوليفه مكونة من السياسة القائمة على مراعاة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والديموقراطية الليبرالية، وقد نجحت هذه السياسة. ويمكننا التعاون مع دولة المنطقة وعلى سبيل المثال مع المملكة او أي دولة أخرى. أؤيد انضمام تركيا ل "الأوروبي" ** يوجد عدد من الدول في اوروبا الشرقية التي يعتقد أن انضمامها للاتحاد الاوروبي سيشكل دعماً للمنظومة الاوروبية، ماذا عن تركيا ؟ - أنا من المؤيدين لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، اعتقد ان تركيا من بين خمس دول الأكثر أهمية في العالم بحكم موقعها الاستراتيجي ومساحتها وحجمها وثروتها الاقتصادية ومعدل نموها. كل هذه الامكانات مجتمعة لصالح انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، دور تركيا في السياسة الخارجية عريض وممتد ولها تأثير ونفوذ كبيران في الشرق الأوسط ولديها نفوذ في افريقيا وهي عضو في الناتو، ولديها تحالف مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي ولهذا عندما شغلت منصب وزير الخارجية بدأت برنامج وساطة سلمية مع وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، وعليه تركيا دولة مهمة واتطلع لرؤيتها عضواً في الاتحاد الأوروبي يوماً ما. ** هل تعتقد ان ذلك سيكون قريباً؟ - لا أريد ان احدد تاريخياً لذلك لكن أبواب التفاوض تبقى مشرعة والمهمة ليست سهلة وآمل ان أرى تركيا عضواً في الاتحاد يوماً ما. المشكلة القائمة الآن هي ان هذا الأمر استغرق وقتاً طويلاً ما تسببت في تراكم الاحباطات على الجانب التركي وهي احباطات لها ما يبررها في بعض الأحيان. لا أريد ان أرى تركيا وهي تدير ظهرها للاتحاد يوماً ما. ** هل تعتقد بأن تركيا بحاجة للاتحاد الأوروبي أم ان الاتحاد هو من يحتاجها؟ - العلاقة تكافلية كلاهما يحتاج إلى الآخر. تركيا سوف تستفيد من الاتحاد الأوروبي والاتحاد سوف يستفيد منها بدوره . الكفتان متعادلتان. ** عوداً على الأزمة المالية الاوروبية ، هل تعتقد ان العملة الموحدة أهم قضية في الاتحاد الاوروبي ؟ - اعتقد العملة الموحدة هي من القضايا المهمة. اليورو والسوق الواحدة وحرية حركة الأفراد جميعها مسائل مهمة وكذلك سياسة الاتحاد الأمنية الخارجية المشتركة. هناك الكثيرون داخل وخارج منظومة الاتحاد الأوروبي لا يعرفون ان قوانين الاتحاد فوق قوانين الدول الأعضاء وان سياسة الاتحاد النقدية يمليها البنك المركزي الأوروبي وان مصالحنا لا تصنعها الدول الأعضاء بل الاتحاد، ولهذا يمكنني القول بأننا قفزنا قفزات عملاقة باتجاه تكامل الدولة والأمة. العلاقات مع المملكة.. وبُعد المسافات ** مامدى تقييمك للعلاقة التجارية بين المملكة وفنلندا؟ - حجم هذه العلاقة صغير في الوقت الراهن ويمكن لها أن تكبر وتنمو، فنحن بحاجة إلى التعاون في مجالات التعليم والطاقة التقنية النظيفة وتقنية المعلومات، نحن نعيش في عالم واحد ومن هنا أوجه الدعوة للشركات السعودية والفنلندية للتعاون فيما بينها، وأرحب بدعم الدولة في هذا المجال ان كان ذلك بالامكان. ** أين ترى الصعوبات في هذه الجزئية من العلاقات؟ - لا توجد مشاكل جوهرية باستثناء البعد بين البلدين فهناك مسافة كبيرة تبعد بيننا. ونحن في فنلندا ملزمون ومحكومون باتفاقات وقوانين الاتحاد الأوروبي. ** لكن في هذا الوقت لم تعد المسافة عائقاً فالولاياتالمتحدة والمملكة شريكان اقتصاديان كبيران برغم المسافة؟ - صحيح أن المسافات ينبغي ألا تشكل عائقاً بين بلدينا.. لدينا 55% من تجارتنا مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي و60% مع شركاء أوروبيين و50% مع آسيا و80% مع الولاياتالمتحدة و6 بالمائة مع آخرين. ** هل تعملون على توقيع اتفاقيات مع الجانب السعودي؟ - أنا من أنصار الاتفاقيات التجارية المتعددة الجنسيات، وليس لدي علم باتفاقيات تنتظر التوقيع بين المملكة وفنلندا. ** ماذا عن الاتفاقية الاقتصادية بين الاتحاد الاوروبي ومجلس التعاون الخليجي التي استغرقت وقتاً طويلاً جداً؟ - الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي قديمة ولا بد من تطويرها بالنظر إلى أهمية المجلس إلى الاتحاد الأوروبي وبطبيعة الحال العكس صحيح.