تحركات نشطة هذه الأيام بهدف تطوير الأراضي البيضاء وإيصال الخدمات لها من قبل مالكيها، هذا مؤشر طيب يشير إلى أن تجارة الأراضي البيضاء والمضاربة فيها قد بدأت تنحسر إلى حد ما. وهذا التطوير هدفه لا يخرج عن ثلاثة احتمالات الأول بسبب ضعف الطلب على الأراضي الخام ووصولها لأسعار فلكية، الثاني وسيلة لجذب المستهلك النهائي وترغيبه في شراء أرض مجهزة بالبنية التحتية، الثالث التخوف من تطبيق القرارات الخاصة برسوم الأراضي البيضاء. لو نظرنا إلى الجانب الايجابي من الموضوع فهذا من العوامل التي تساعد على التملك وتزيد نسبة المعروض من الأراضي القابلة للبناء ويسهم في تخفيض الضغط على السوق، شريطة أن تكون الأسعار معقولة وتناسب القدرة الشرائية للمواطن. وللعلم فان معظم هذه الأراضي التي تشهد حركة التطوير قد تم تملكها بأسعار منافسة قبل أن تصل لسعر اليوم مما يعطي المستثمر هامش ربح جيد. المشكلة لم تعد في تملك مسكن جاهز أو وجود مصدر تمويل أو الحصول على قرض من الصندوق العقاري بل أصبحت أكبر، وهي الحصول على أرض بسعر مقبول بعدما شهدت سلسلة من الارتفاعات منذ عام 2006م، والجميع يتفق على أنها ارتفاعات غير مبررة ولم نشهد لها مثيلاً سوى ما حدث من تضخيم لأسعار الشركات في سوق الأسهم عام بين عامي 2005م و2006م.. فهل يعقل أن تصبح قيمة الأرض وفي موقع معقول وليس في أفضل المواقع تساوي أو تتجاوز تكلفة بنائها؟ بينما وحسب المعدل العالمي فإنها بين 30 إلى 50 بالمائة كحد أقصى. تضخم أسعار الأراضي حاليا والتضخيم الذي حدث لأسعار الأسهم قبل ست سنوات وجهان لعملة واحدة!! وارتفاع أسعار الأراضي لاعلاقة له بانخفاض قيمة الدولار واهتزاز سعر اليورو إنما هي فرصة استغلها التجار والمستثمرون كبديل للكساد الذي أصاب سوق الأسهم عملوا عليها ونجحوا ووجدوا من يقبل ويتجاوب معهم في تسابق محموم على الشراء وكأن هذه الأراضي لم تكن متاحة قبل عدة سنوات وبربع القيمة وأقل!! عموما الأسعار التي وصلت إليها الأراضي حاليا هي عند الحد الأعلى ولازال هناك فئة من المستفيدين النهائيين تبحث عن مخرج وكأنه في سباق مع الزمن هذا يعني أن الاندفاعية والاعتماد على آراء الآخرين دون بحث أو تمحيص جزء من ثقافتنا التي لا زالت تكلفنا الكثير. الوضع الحالي يجبر الكثيرين على التوقف لتجاوز الأسعار حدود القدرة الشرائية لديهم مهما عملوا ولعلها بداية الصحوة للكثيرين وان كانت إجبارية ومتأخرة. إذا وصل السوق لحالة ركود بسبب ارتفاع الأسعار فالجميع خاسر لأن العمل يتعطل ولن يستفيد المستثمر ولا المطور ولا المستفيد النهائي وهذا ما يحدث حاليا.