رغم مرور سنتين على الأزمة المالية العالمية إلا أن آثارها وأعراضها ظهرت بشكل واضح على أنشطة وأعمال القطاع الخاص العقاري والتي تباطأت أو توقفت في بعضها. ورغم أن الحكومات عندما يمر العالم بأزمة فإنها تتبع سياسة التقشف، إلا أن الحكومة لدينا تفوقت وزادت استثمارها في المشاريع التنموية خلال السنتين الماضيتين وكذلك في خطة الدولة للخمس سنوات القادمة من خلال زيادة الاستثمار في مشاريع التنمية والبنية التحتية مثل الجامعات والطرق والخدمات وقد تم افتتاح عدة مشاريع وهناك أخرى تحت التنفيذ وعلى وشك أن تنتهي. القطاع العقاري الخاص يعيش في سبات عميق سواء المطورين أو جهات التمويل مثل البنوك مع عزوف المستثمرين ورجال الأعمال عن الاستثمار في مجال المشاريع السكنية رغم أن الكثير من شركات التطوير السعودية والأجنبية التي دخلت السوق السعودي قد أعلنت قبل ثلاث سنوات عن نيتها لتطوير عشرات الآلاف من الوحدات السكنية ورغم ذلك لم نرَ شيئا. البنوك لازالت تتمادى في منح القروض الاستهلاكية وتروج لها مثل السيارات والبطاقات الائتمانية والأثاث على حساب القروض السكنية، يشاركها المواطن في ذلك! المشكلة لم تعد تملك مساكن رغم أنها في أعلى القائمة أو الحصول على قروض سكنية، بل تطورت في أهم أضلاع التملك وأصبحت أسعار الأراضي عند سقف يفوق القدرة الشرائية للمستفيد النهائي وغالبيتهم من ذوي الدخل المحدود الذي يحتاج إلى ثلاثين سنة ليشتري قطعة أرض فقط شرط توفير نصف الراتب ومثله لبنائها بدون فوائد! لو عدنا إلى الوراء قليلا وحللنا ما حدث لسوق العقار من نكسات خلال السنوات الثمانية الماضية ومقارنته بما يحدث اليوم فان السيناريو يتكرر ولكن بشكل مختلف بسبب تضخيم الأسعار من قبل التجار والوسطاء لدفع المستفيد النهائي للشراء بأعلى قيمة. تضخيم أسعار الأراضي حاليا والتضخيم الذي حدث لأسعار الأسهم قبل أكثر من أربع سنوات وجهان لعملة واحدة!! والأسعار مرشحة للزيادة من واقع الحال وفي ظل انعدام القوانين التي تحد من ذلك رغم أنها ارتفاعات غير مبررة حيث أصبح سعر الأرض يفوق قيمة بنائها بضعف أو ضعفين. في جدة مثلا لا يوجد مشروع استثماري سكني يتجاوز خمسين وحدة سكنية رغم الحاجة الماسة والطلب الكبير هل يعقل ذلك؟ وفي المقابل هناك المئات من الأفراد التجار ومعظمهم يمتلك شركات عقارية تقدر ثرواتهم بعشرات المليارات من الريالات ولا يبادر احدهم للاستثمار في المشاريع السكنية والبقاء على سياسة المتاجرة في الأراضي واحتكارها. في الرياض والشرقية أيضا شركات أعلنت عن مشاريع سكنية كثيرة تحولت بقدرة قادر إلى أراضٍ تم تخطيطها وتقطيعها وبيعها كقطع أراضٍ وبلوكات وبأسعار عالية! وأخيرا لازالت بعض أمانات المدن لا تفرق بين مشروع سكني ريادي يضم مئات الوحدات السكنية وبين مشروع فيلا أو فلتين فالإجراءات واحدة ومن يقيمها هو نفس الموظف أو الإدارة! وللحديث بقية وكل عام وأنتم بخير..