تعتبر مكتبة الحرم المكي الشريف من أقدم المكتبات في العالم الإسلامي منذ صدر العصر الإسلامي الأول فقد بينت كتب التاريخ والتراث الإسلامي بأن هذه المكتبة أنشئت في الحرم المكي الشريف، حيث كانت هناك الكتاتيب وحلقات العلم والدرس التي تقام في الحرم المكي الشريف ويذكر ان أول نواة للمكتبة كان موجودا في بداية الخلافة العباسية زمن الخليفة المهدي العباسي عام 160 هجرية، حيث كانت هناك قبة داخل الحرم الشريف سميت قبة المحفوظات، حيث كان يحفظ بها المصاحف والكتب الدينية والتراثية وفي العهد السعودي الزاهر تم الاهتمام بهذه المكتبة وقد تم الحفاظ عليها منذ ان كانت بعمائر الإشراف بحي أجياد ثم تم انتقالها إلى عمائر مشروع الصفا عام 1383ه بعد ذلك تم نقلها إلى حي التيسير في عهد الملك فيصل رحمه الله ثم انتقلت إلى المبنى الذي تم تشييده في عهد خادم الحرمين الشريفين عام 1406ه أمام باب الملك عبدالعزيز وفي عام 1412ه أزيل مبنى هذه المكتبة بعد الأمر السامي الكريم بتوسعة ساحات الحرم المكي الشريف الجنوبية والشرقية وقد تم انتقال المكتبة إلى مقرها الحالي بشارع المنصور في مكةالمكرمة وهو احد الأحياء الرئيسية الكبرى، حيث تقع المكتبة على شارعه الرئيسي الذي يبعد عن المسجد الحرام حوالي ثلاثة كيلومترات. وتقدم هذه المكتبة التاريخية خدمة كبرى لطلاب العلم ومحبيه الثقافة والبحث العلمي من المواطنين والمقيمين وحجاج بيت الله الحرام وكذا الزوار والمعتمرين، حيث كانت هذه المكتبة في موقعها السابق امام أبواب الحرم المكي الشريف مما يسهل الوصول إليها بيسر وسهولة وخاصة حجاج وقاصدي بيت الله الحرام. ويعاني قاصدي المكتبة وروادها الأمرين في الوصول إليها في موقعها الحالي خاصة في أيام المواسم مثل الحج والعمرة وغيرها من المواسم الدينية الأمر الذي يستوجب سرعة نقلها إلى جوار بيت الله الحرام. وكما أفاد مدير مكتبة الحرم المكي الشريف الدكتور محمد بن عبدالله باجودة بأن المكتبه بصدد تهيئة وترتيب موقع لها بجوار المسجد الحرام في القريب العاجل إن شاء الله بعد أن تم تخصيص قطعة ارض لهذا العرض النبيل من اجل تقديم خدمات المكتبة العلمية والبحثية امام المكتبات والباحثين ومحبي الثقافة والكتاب، حيث يبذل المسؤولون في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام وعلى رأسهم فضيلة الشيخ صالح بن عبدالعزيز الحصين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف قصارى الجهود لنقل المكتبة إلى المنطقة المحيطة بالمسجد الحرام. وبين الدكتور باجودة بأن نسبة الإقبال انخفضاً كثيراً على المكتبة بعد ان تم نقلها من جوار المسجد الحرام ويجهل الكثير من الزوار والمعتمرين موقعها الحالي كما ان بعدها عن المسجد الحرام ساهم في صعوبة وصولهم إليها بعد ان كانت في موقعها السابق تزخر بالعديد من قاصدي بيت الله الحرام الذين يقضون جل وقتهم في البحث والمطالعة خصوصا في الأوقات بين الصلوات . وأضاف الدكتور باجودة بأن المكتبة تضم بين أقسامها المختلفة أكثر من (100) الف عنوان و(6523) مخطوطا أصليا و(358) مخطوطا غير عربي و(2314) مخطوطا مصورا إضافة إلى العديد من الأفلام المصورة. وعن أهم النوادر تقتنيها مكتبة الحرم قال الدكتور محمد باجودة ان المكتبة تضم الغيلانيات لمحمد بن محمد بن إبراهيم الغيلاني البزار أقدم مخطوط في المكتبة ويعود تاريخ نسخة إلى أوائل القرن الخامس الهجري وهو احد عشر جزءا في مجلد واحد ، والفروسية والمناصب الحربية لنجم الدين حسين بن الرماح المتوفى عام (780ه ) ومسند الموطأ للغافقي المتوفى عام (381ه ) ويعود تاريخ نسخة إلى عام (693ه). ويقول الدكتور فواز بن علي الدهاس عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى بأن مكتبة الحرم المكي الشريف تعتبر من أهم رموز الثقافة وتعتبر مؤشرا هاما في انفتاح المجتمع وسعة ثقافته وجاءت أهمية المكتبة لاعتبارها من أمهات المكتبات الإسلامية في العالم الإسلامي بوجه الخصوص وترجع أهميتها إلى أنها نشأت وترعرعت في أروقة المسجد الحرام ثم بعد ذلك مرت بمراحل نمو حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم .وطالب الدكتور الدهاس المعنيين بشؤون مكتبة الحرم إلى سرعة إيجاد مبنى لها بالقرب من المسجد الحرام حتى تعود إلى سابق عهدها عندما كانت تغص بالزوار وطلبة العلم والعلماء والباحثين وطلبة المدارس والمعتمرين والحجاج مؤكدا ان قرب المكتبة من المسجد الحرام يشجع كل من يفد إلى المسجد الحرام إلى زيارتها والاطلاع على محتوياتها والصلاة في المسجد الحرام ومن ثم العودة إليها لمواصلة القراءة والاطلاع إلى جانب سهولة المواصلات في منطقة ما حول المسجد الحرام، حيث ان جميع قاصدي بيت الله الحرام يكونون من سكان المنطقة المركزية مما يسهل الوصول إلى المكتبة وسكن الزائر والمسجد الحرام.