ظاهرةٌ جماهيرية كوميدية، هي تلك الليالي التي عاشها جمهور مسرح (الدوخلة) مع المسرحية الكويتية «خمس بيبان»؛ والتي سجلت حضورا جماهيرياً كبيرا بلغ «1500» متفرج ومتفرجة يوميا، خلال الخمسة الأيام الأولى من عيد الأضحى المبارك وذلك ضمن فعاليات مهرجان الدوخلة السابع بمنطقة السنابس في محافظة القطيف. إذ لم يمنع هبوب الرياح الشتائية الباردة؛ جمهور العرض المسرحي من التدفق إلى خيمة المسرح المطل على البحر، لملاقاة نجوم المسرح الجماهيري الكويتي: محمد العجيمي وخالد البريكي ومحمد السلمان وإسماعيل سرور في المسرحية التي شارك فيها المغني السعودي الشاب عباس إبراهيم وأخرجها خالد السعدون؛ وروت خمس حكايات لخمس شخصيات تجتمع في بيت يضم سكنا مشتركا للعزاب، بعد أن لجأ صاحب البيت بوسعد (أحمد السلمان) إلى ترك أبنائه بعد وفاة أمهم وتأجير غرف البيت الخمسة على مواطنين (محمد العجيمي وخالد البريكي) ومقيمين اسماعيل سرور (سوداني) وعباس شيوخ (يمني)؛ ليتضح فيما بعد أن نواف (محمد العجيمي) يعمل في بيع وترويج الكحول وذلك في إطار قالب كوميدي برع فيه العجيمي وهو يتقمص «كركتر» شخصية الرجل الثمل، باقتدار وعفوية، مطلقا «أوفيهات» ضاحكة عبر قدرة ولياقة عالية في التفاعل مع الجمهور، خصوصا وان المسرحية اعتمدت على «الكوميدية الارتجالية» لانتمائها إلى هذه النوعية من عروض الأعياد والعطلات التي لا تجد وقتاً كافيا للبروفات وحفظ النص، كون النجوم قد جاءوا من الكويت، علما أن برفات «خمس بيبان» بدأت في الكويت وفق ما أشار منتج المسرحية الصحفي حسن قريش، والذي وفِق إلى حد كبير في خوض أول تجربة إنتاجية له، عبر اختيار أكثر من ممثل قادر على خلق النكتة ببديهية وهو ما شاهدناه عند محمد العجيمي الذي حلق بالجمهور بعيدا عبر حواراته وحركاته الخلاقة والضاحكة في آن، إلى جانب إسماعيل سرور الممثل الكوميدي الذي يجيد اللعبة الجماهيرية وهو الذي بقي مرابطا في المسرح الجماهيري على حساب الدراما التلفزيونية التي لم يتلاءم معها، حسب ما عبر ل»الرياض». المسرحية كذلك اقتربت من هموم الطبقات المتوسطة والفقيرة ومشكلات الإنسان السعودي والخليجي، فيما يخص مشكلات الغلاء أمام معدلات التضخم المتصاعدة وهو ما عبر عنه العجيمي بأسلوب ارتجالي ساخر عندما أعلن انحيازه إلى متفرجي الصفوف الخلفية (تذكرة «50 ريالا)؛ مازحا وهو يخاطب متفرجا في الصف الأول أنه مع أولئك (الصفوف الخلفية) وسط تشجيع الجمهور الذي وجد تشجيعا نسائيا أيضا عند التطرق لموضوعات المرأة وخاصة المرأة السعودية؛ حيث أظهر النجوم الكويتيون قدرة على استلهام المشكلات الاجتماعية والتفاصيل المحلية السعودية (الصحة والزحام وقيادة المرأة..الخ) وحتى «الشرقاوية» (من اللهجات القطيفية إلى عصفور البلبل الأحسائي)؛ معيدين إنتاج هذه المفردات كوميدياً في عرض خلا من السخرية الزائدة والإسفاف، إلا في بعض الحوارات التي لم تكن لائقة فيما يخص المرأة وهو الأمر الذي لم يعجب «متفرجات» كون المسرحية رجالية ولا تتضمن «صوتاً» نسائيا يعبر على هموم المرأة على خشبة المسرح. كما شهدت المسرحية وصلات غنائية جماعية ارتجالية على الإيقاع، برفقة الجمهور وبصوت الممثلين عباس ابراهيم وأحمد السلمان الذي غنى بعض أغاني الفلكلور العراقي القديمة، في أجواء من البهجة والفرح العارم. المسرحية قدمت كوميديا دون اسفاف المسرحية التي حققت فرجة مسرحية ضاحكة ونجاحا لافتاً على المستوى الجماهيري، وعبرت عن موضوعات اجتماعية خاصة وألمحت إلى الأحداث السياسية الإقليمية (الثورات العربية والشخصية اليمنية)؛ لم تخلُ من بعض الضعف على المستوى الفني، ليس على مستوى الفكرة (وهي تذكر بمسرحية «بيت خمس بيبان» العراقية ومسرحية «عزوبي السالمية» الكويتية) وإنما لسبب المبالغة في الخروج من الحالة الدرامية وعدم الالتزام بالحكاية (إدخال شخص غير موجود في القصة المسرحية) فضلا عن الحوار المكتوب والذي لم يكن موجودا على الخشبة المسرحية؛ إلى جانب وجود المتلازمات المرضية المعروفة والقادمة من المسرح التجاري الكويتي، عبر تكرار بعض الألفاظ غير المستحسنة (كنداء الشخصية السودانية بالأسود و..الخ) ووجود بعض المواقف غير اللائقة في ظاهرة لا تخص مسرحية «خمس بيبان» وإنما نمط ما يقدم من مسرح كويتي تجاري سائد؛ إذ يمكن القول إن مسرحية خمس بيبان فيما قدمت من كمية الكوميديا العفوية والساخرة، تتفوق على كثير من المسرحيات الجماهيرية الخليجية الموجودة. أحمد السلمان في لقطة من المسرحية أما حول انطباعه النهائي عن تجربة العمل قبالة جمهور مسرح الدوخلة، علق الفنان محمد العجيمي ل»الرياض» قائلا: «كانت تجربة جميلة وغير متوقعة أتمنى أن تعاد مرة أخرى. واصفا جمهور عروض مسرحية «خمس بيبان» بالذكي والمتفاعل والذي يفهم التلميحات جيداً. وحول إصرار الشارع تذكر مسرحيات قديمة شارك فيها العجيمي، مثل مسرحية «لولاكي» و «انتخبوا أم علي» مقارنة بما يقدمه اليوم، يشير الفنان الكويتي معلقا: «الجمهور يحتفظ في ذاكرته بأعمال كثيرة. مضيفا: « قبل أيام لولاكي جنا شواذي (ضحكة) الآن أصبحنا نغلب الكلمة على الحركة ولكن أيضاً الحركة موجودة». خالد البريكي محمد العجيمي