قد يكون مواجهة الواقع صعب بالنسبة للبعض، وتختلف درجة الصعوبة من شخص لآخر، كما تختلف طريقة التعامل مع هذه الصعوبة أيضاً من فرد لآخر، وفي هذا المقام سنتحدث عمن يوجه الصعوبات والعقبات بأحلام النوم.. الهروب إلى النوم، حلم النوم هو المتنفس لدى البعض، يركضون لتفسير الحلم الذي يعتقدون أنه رؤيا لا تحتاج سوى وقت لتحقيقها، وبناء على بشرى هذه الأحلام والتفاسير تقف الحياة من الحركة والمبادرة والسعي، وأن حصلت الحركة والسعي كانت ضعيفة ومتواضعة إلاّ أن فاعلها يرى أنها حثيثة ومضنيه.. التقينا أناسا اعترفوا بتأثير الأحلام على حياتهم ومسارها، وكيف ينظرون للأحلام ويتعاملون معها؟. تباشير الأحلام يقول «يوسف زيدان» -يبلغ من العمر 33 عاماً، ويعمل موظفاً في قطاع خاص براتب سبعة آلاف ريال- «أنا غير راضٍ عن عملي منذ أكثر من خمس سنوات، وأشعر أن دخلي المادي قليل مقارنة بجهدي وعمري، وبحثت في عدة أماكن أخرى لكن لم أجد ما أبحث عنه، وأتوقع أن الفرج سيأتي يوماً ما ولو بعد حين، وأحلامي وتفسيراتها تؤكد ذلك، فالأحلام رسائل من الله، وأحياناً يأتي الفرج من باب وطريق لم يكن يخطر ببال، ولدي العديد من القصص التي تثبت أن الأحلام كانت مؤشرا ومبشرا للفرج». ويشاطره القناعة «عادل» -42 عاماً- من أن الأحلام مبشر للفرج ولو بعد حين، وقال:» الأحلام التي تأتيني في المنام حافز لتحمل الحياة، ومتنفس عما أواجهه من ضغوطات، فالأحلام تؤكد لي أن الفرج سيأتي، ولقد أتى الفرج للنبي يوسف بعد أربعين سنة من رؤياه، أي إن الأحلام التي يرتاح لها الإنسان وهي الطيبة تتحقق ولو بعد حين، وهذا ما تناقله التراث والقصص منذ زمن الأنبياء، عندما أتعثر في أمراً ما يأتيني حلم يطمئنني أني سأجد ما أتمنى، فتطمئن نفسي». صعوبة الواقع «نورة» فتاة تكثر من النوم لما تجده من متعه ورضا نفسي مع الأحلام التي تحلم بها، وتقول:»رغم كل الصعوبات التي تواجهني الجأ للنوم، وعندها أرى ما يفرج همي، وأنا لا استطيع أن أصارع الواقع، والواقع صعب وقاس لذا أجد الأحلام أكثر رحابة وارتياحا، وأحرص جداً على تفسير أحلامي التي أشعر أنها صالحة وجيدة على أيدي مفسرين معتبرين، وأبحث طويلاً في كل وسائل الاتصالات عن معبري الأحلام المقنعين، ورغم الوقت الطويل الذي استغرقه في البحث ومن ثم في الاتصال إلاّ أني أشعر في نهاية المطاف بالراحة عندما أسمع تفسير حلم سينهي كل الصعاب التي أواجهها». وبعد مضي عشرين عاماً تأكدت «وسمية» أن الحلم الذي تراه دائماً وبصور مختلفة لم يتحقق، فبسبب الحلم الذي تراه والذي يبشرها بأنها ستحصل على مبلغ كبير سيمكنها من شراء منزل يروق لها، وبناء على هذا الحلم كانت تصرف دخلها في أمور أخرى مقنعة نفسها أن هذا المال ليس هو ما يأتيها بشراه في الحلم، فمال المنزل سيأتي دفعة واحدة!، وكان هذا الحلم صمام أمان بالنسبة لها، ومريح من خوف عدم تملك منزل، وبعد مضي كل هذه السنوات اكتشفت أن الحلم ليس له دخل في الواقع. وقالت:»هذا الحلم غريب دائماً يأتيني في المنام، وكان شراء المنزل حلم يراودني في اليقظة، وحلم حياتي، وللأسف لم أسع فعلياً لتحقيقه انتظاراً لتحقيق ما أراه في المنام، وعرفت أن الأحلام ما هي إلاّ انعكاسات لما يدور في نفوسنا، وأن الواقع يعتمد على سعي الإنسان وجهده، صحيح أن هناك أحلاما تتحقق ولكن علينا أن لا نخطط حياتنا بناء على حلم منام!». أوضاع الحلم وعلّقت «د.مريم الفهيد» -اخصائية علم نفس ومدربة معتمدة للتنمية البشرية- أن الأحلام واقع حقيقي، وقد حدّث عنها النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها الرؤيا الصالحة، ومنها الأحلام التي تختلف ما بين حديث نفس - أحداث اليوم التي تواجه الإنسان- تطلعاته وأحلامه (أضغاث أحلام). وقالت:»كثير من الأحلام خاصة في الوقت الراهن -وقت السرعة- هي تنفيس عما يواجهنا في يومنا الذي نعيشه، وأحياناً تكون الأحلام كوابيس بناء أيضاً عما نعيشه في اليوم، وبعض الناس يدخلون في حالة اكتئاب وحزن بسبب حلم سيئ رأوه في المنام فينتظرون وقوعه». وأضافت:»أستقبل من خلال العيادة والدورات التي أعقدها الكثير من الناس الذين يعتمدون على أحلامهم في شؤون حياتهم، ويبقون سنوات طويلة ثابتين في أماكنهم أو تكون حركتهم بسيطة، حيث يعتقدون أن النقلة في حياتهم ستأتيهم من السماء بناء على ما يأتيهم في أحلامهم التي يصنفونها بالرؤية الصالحة». وأشارت إلى أنها قابلت أناس نفسياتهم وتعاطيهم مع الحياة تتبدل حسب ما يرون من أحلام، وحسب ما تفسّر لهم هذه الأحلام، وهناك من ينتظر تغيير في حياته؛ لأنه رأى رؤية قبل عدة سنوات تشير إلى تغير في حياته، وهناك أناس ينامون من أجل الأحلام، ولديهم إحساس ما سيحلمون به، وحقيقة أنهم يبرمجون عقولهم ونفوسهم لما يودون أن يروه، وبالفعل يحلمون به، ثم يقولون إنها رؤية صالحة. وقالت «د.مريم»:»إن الناس الذين يتخذون من الحلم مفراً لهم؛ هم الناس العاجزون عن تحقيق أحلامهم في الواقع؛ فيأتيهم الحلم ليطمئنهم أن حلمهم سيتحقق في يوما ما، وللأسف أن قصة النبي يوسف عليه السلام مع حلمه اتخذها البعض شماعة ومبرراً أن الحلم سيتحقق ولو بعد حين، وهؤلاء الناس منهم الكسالى التي تعتبر الأحلام أحد الأعذار التي يعطيها لنفسه، ومنهم من يسعى قليلاً ثم يعطي لنفسه العذر حتى لا يواصل السير، ومبررات الناس كثيرة قلة من يواصل السير ويتحمل ويصبر؛ لذا لا نتفاجأ عندما نرى أن الحالمين بالمنام هم الأكثر، ولا نتفاجأ عندما نرى الزحام على المفسرين ومعبري الرؤى».