في إطار الدور الذي تؤديه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في الحفاظ على التراث المادي والمعنوي ، نفذت إدارة البيئة التاريخية في الهيئة خلال أكتوبر الماضي، وبالتعاون مع الفريق العلمي لجامعة ساوثهامبتون البريطانية، مشروع استكشاف التراث الساحلي لجزيرة دلما بالمنطقة الغربية حيث تم هذا العمل من خلال مسوحات جيوفيزيائية لطبقات التربة المتعاقبة، وكذلك مسوحات ساحلية للجزيرة، وذلك وفقا لما أعلن عنه سعادة محمد خلف المزروعي مستشار الثقافة والتراث في ديوان سمو ولي عهد أبوظبي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث. ويشكل هذا المشروع جزءاً من مشروع أشمل يعنى بالتراث الساحلي لدولة الإمارات العربية المتحدة يهدف بالأساس إلى تطوير الوعي العام لصونه والحفاظ عليه، وتوصيف الواجهات البحرية تاريخياً ومقارنتها بعدد من مستوطنات العصر الإسلامي لعدد من الإمارات ذات الطبيعة المتشابهة، حيث تم هذا العمل من خلال تنسيق وتعاون مع إدارة التراث بإمارة الشارقة. ومما يجدر ذكره أن هذا المسح أسفر عن اكتشاف بعض المؤشرات عن وجود بقايا لمبانٍ بالقرب من بيت المريخي تمتد حتى منطقة المزارع الحالية حيث يمكن التعرف عليها باعتبارها جزءا من منطقة السوق القديمة. وقد ظهر من خلال العمل في منطقة المقبرة في الشمال الغربي من المستوطنة التاريخية بقايا أساسات كبيرة قد تكون ذات صلة بالعصر الإسلامي الأوسط (1000-1250م) والعصر الإسلامي المتأخر الأول (1500-1800م)، والذي دلّ عليه الفخار المكتشف من المسح السابق. أما في موقع العبيد بدلما الذي يعود إلى (4500-5500) ق م، والذي كان يمثل الحافة الجنوبية للجزيرة (قبل إنشاء الامتداد الحالي) فقد كشفت المسوحات عن وجود ثقوب بالأرض وفراغات تمثل امتداداً لموقع العصر الحجري الحديث المكتشف هنالك سابقاً، هذا بالإضافة إلى العثور على رأس سهم من العصر الحجري الحديث أعتبر من أفضل الأمثلة التي عُثر عليها تدل على هذه الفترة التاريخية. ويوضح السيد محمد عامر النيادي مدير إدارة البيئة التاريخية في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث أنه تم الجمع بين الأدلة التي عثر عليها في هذا المسح الجيوفيزيائي الذي تم مع المعلومات المتوفرة التي تم الحصول عليها قبل تنفيذ عمليات الترميم السابقة، حيث جرى استعراض صور أرشيفية تاريخية لجزيرة دلما، وكذلك الرجوع إلى المقابلات الشفهية التي تمت مع أحد السكان هنالك، وهو السيد جمعة القبيسي الذي كان قادراً على تذكر الكثير من تفاصيل مخطط البلدة القديمة و مبانيها قبل هدمها في نهاية الستينيات. وفيما يتعلق بالمسوحات الساحلية فقد وثقت الفخاخ الممتدة على طول الساحل الغربي للجزيرة والتي يطلق عليها محلياً الحضرة أو المسكار، حيث من المحتمل أنها قد عاصرت مباني المستوطنة التاريخية حيث كان الهدف منها هو اصطياد الأسماك، بيد أنها حوصرت بسبب انحسار المد عنها وتحركات الرمال التي طمرت جزءا كبيرا منها الأمر الذي يقود إلى استنتاج مهم حول طبيعة الأنشطة الاقتصادية والثقافية في السابق، مما يشكل خطوة مهمة لتسجيلها تمهيدا لتوثيقها وحمايتها. رأس سهم من العصر الحجري الحديث