كشف سعادة محمد خلف المزروعي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث عن اكتشاف آثار جديدة لحقبة زمنية موغلة في القدم في إمارة أبوظبي.. جاء هذا الاكتشاف المثير من خلال مسح أجراه فريق من إدارة البيئة التاريخية نتج عنه اكتشاف موقعين أثريين جديدين في المنطقة الغربية من الإمارة يرجعان إلى العصر الحجري القديم الأوسط.. ومن هذين الموقعين تم جمع عدد كبير من الأدوات، منها أدوات قرصية الشكل مصنوعة من حجر الصوان المحلي من نوع الصناعة الليفولوازية التي بدأ الإنسان القديم يمارسها منذ العصر الحجري القديم.. وإحدى استخدامات هذه الأدوات تكسير عظام الحيوانات التي كان الإنسان القديم يصطادها ويعتمد في غذائه عليها قبل عشرات الآلاف من السنين من اهتدائه للزراعة واستئناس الحيوان. ويذكر الدكتور غانم وحيدة الذي شارك في عمليات المسح وهو أحد الخبراء المتخصصين بعصور ما قبل التاريخ والذي استدعته الهيئة للتعاون معها، بأن هذه الأدوات ترجع إلى العصر الحجري القديم الأوسط وقد تم تقدير عمرها حسب ما جاء من اكتشافات تمت من قبل نفس الفريق في العام الماضي في نفس المنطقة، بفترة زمنية طويلة تنحصر بين 35و 150الف عام.. ومما أثار الاهتمام هذا الموسم هو العثور على فأس يدوية من الحجر تشير طريقة صناعتها إلى فترة أقدم مما كان يعتقد قد تدفع بتاريخ أبوظبي القديم إلى أكثر من 150ألف عام. ويذكر الدكتور وليد ياسين مدير قسم الآثار في إدارة البيئة التاريخية بالهيئة والذي قام باكتشاف هذين الموقعين والتقاط عدد من أقسام الأدوات الحجرية على مستوى الدولة، بأن صناعة تلك الأدوات كان قد تم التعرف عليها في القرن التاسع عشر في منطقة ليفولوا (Levallois) قرب باريس في فرنسا، ومنذ ذلك الحين تم اكتشاف آثار تلك الصناعة في أماكن كثيرة من أوروبا وافريقيا وآسيا، حيث أنها تغطي حقبة طويلة من عمر البشرية ولكنها ترتبط في بلاد الشام بإنسان النياندرتال. أما مدلول هذا الاكتشاف والذي يتم التوصل إليه لأول مرة كما يذكر ياسين فهو "إضافة جديدة في عمق النشاط الإنساني على أرض أبوظبي والذي تبين بأن جذوره الأولى ترجع إلى العصر الحجري القديم الأوسط وربما إلى العصر الذي سبقه وليس إلى العصر الحجري الحديث قبل 7500عام كما كان يعتقد، وهو يعزز كذلك الاكتشافات السابقة ويضيف إليها الكثير من المواد الأثرية التي تُمكّن المختصين من استقرائها والتعرف على طرق صناعتها وبالتالي تصنيفها وتشخيص فتراتها الزمنية والتوصل إلى طرق عيش المجتمعات التي صنعتها". ونظراً لأهمية هذا الاكتشاف فقد شاركت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في ورقة تبحث في هذا الموضوع وذلك في ندوة الدراسات العربية التي عُقدت مؤخراً في المتحف البريطاني بلندن. وستشارك الهيئة في بحث خاص بالاكتشافات الجديدة سينشر هذا العام في كتاب يبحث في العصور الحجرية في شبه الجزيرة العربية.