استبشر أبناء المملكة بصدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - وفقه الله وحفظه - بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للداخلية. وكان قراراً مباركاً من خادم الحرمين الذي يتحرى دائماً أن يضع الرجل المناسب في المكان المناسب، لمواصلة مسيرة البناء والتنمية من جهة، وحفاظاً على مكتسبات الوطن وأمنه من جهة أخرى، وخاصة أنه جاء بعد وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله رحمة واسعة - وحينها تذكرت قول الشاعر: إذا سيِّدٌ منا خلا قام سيِّدٌ قؤولٌ لما قال الكرام فعولُ وهكذا، يتسلم الأمير نايف زمام المسؤولية الجديدة، ومهامها الكبيرة المتعددة، متمثلاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته». وفي ذلك استبشار للوطن والمواطنين، فهو صاحب مسيرة تاريخية، حافلة بالانجازات والمهات العظيمة، عبر توليه المناصب المختلفة في هذه البلاد، رشحه لذلك حكمته وحزمه في التعامل مع الأزمات والتحديات، التي حققت الكثير من الأهداف والغايات التي يستقر عليها أمر الوطن، وينشدها المواطنون، وتتجلى عناصره القيادية بما يتمتع به من: أولاً: تمثل المسؤولية ورعايتها، فهو رجل الدولة والقيادي الكبير استطاع أن يحافظ على الأسس التي قامت عليها بلاد الحرمين والمستقاة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فضلاً عن كونه صاحب المواقف الحكيمة والمسؤوليات الكبيرة، وخاصة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، واتباع منهج الترغيب والترهيب في التعامل مع تلك الظاهرة، كما يعد سموه الكريم من رجال الفكر والثقافة ويشهد على ذلك اهتمامه الكبير بأهل الفكر ورعايته للأنشطة الفكرية والثقافية ويشهد على ذلك اهتمامه الكبير بأهل الفكر ورعايته للأنشطة الفكرية والثقافية المتنوعة. ثانياً: سعة المفاهيم لدى سموه والقدرة على إيجاد التوازن المناسب بينها في الميادين المختلفة، والأزمات المستجدة، والخروج دائماً بالقرارات التي تحقق المصالح العليا للوطن والمواطن، وتحد من المفاسد والأضرار التي تهدد البلاد، وقد ظهرت هذه الحكمة في مواجهته مع الإرهاب، حيث ركز الجهود والطاقات على الجانب الفكري لمعالجة هذه المشكلة وإزالة آثارها، عبر الحوار والمناصحة، وتشكيل لجان علمية من أهل التخصص الشرعي للجلوس مع أصحاب الأفكار المغالية والمتطرفة ومناقشتهم بالأدلة الشرعية وأقوال العلماء بالحكمة والموعظة، والذي كان سبباً في رجوع أعداد كبيرة منهم إلى المنهج الصحيح المعتدل، حتى أصبحت تجربة المملكة في هذا المجال مضرب المثل لبعض الدول التي عانت المشكلة نفسها، وقد تم إنشاء كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري في جامعة الملك سعود في الرياض من أجل الحفاظ على سلامة الفكر من الغلو والتشدد، وخاصة في القضايا الشرعية جهداً متميزاً ضمن المنظومة المتكاملة. ثالثاً: حب سموه للعلم وأهله، واهتمامه الكبير للبرامج العلمية التأصيلية، فهو صاحب اليد البيضاء على كثير من المشاريع العلمية الكبيرة في المملكة، ولعل من أبرز هذه الاهتمامات رعايته الخاصة للسنة النبوية وعلومها، متمثلة في جائزة الأمير نايف للسنة النبوية والدراسات الإسلامية، التي تتطور سنوياً، وتتنوع مناشطها حتى شملت كل ما يخدم السنة النبوية من بحوث ودراسات وجهود داخل المملكة وخارجها، كما أنشئ كرسي نايف في دراسات السنة النبوية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لخدمة السنة النبوية والاستفادة منها في الحفاظ على الهدي النبوية وحمايته. رابعاً: دعمه الكبير للمؤسسات الشرعية وفي مقدمتها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من النواحي المختلفة، واعتبارها من أهم الهيئات التي تؤدي دوراً كبيراً في توجيه الناس وارشادهم إلى الطريق الصحيح، ومنع مظاهر الفساد والانحراف في الوطن، فهد بمثابة رديف لما يقوم به رجال الأمن مهام، وقد خصص كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود لدراسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة، تأكيداً على حرصه الشديد على الشعيرة التي تحقق الأمن والاستقرار والراحة للمواطنين، وتشيع القيم العليا، وتسعى للحفاظ على الثوابت الشرعية والوطنية. خامساًِ: الاهتمام بالشباب والتفاعل مع قضاياهم المختلفة، والتركيز على ترسيخ المفاهيم والتصورات المعتدلة لديهم، حفاظاً على طاقاتهم وقدراتهم من الانحراف والضياع، باعتبارهم الرصيد الضخم للعباد والبلاد، وحفاظاً عليهم من العاديات يميناً ويساراً، وقد خصص لذلك كرسي الأمير نايف لتنمية الشباب في جامعة الأمير محمد بن فهد في المنطقة الشرقية من أجل رعاية الشباب وتنمية الجوانب الفكرية والإبداعية لديهم في شتى المجالات والعلوم والفنون. سادسا: التواصل الدائم مع جميع فئات الشعب، والتفاعل مع مشكلاتهم وقضاياهم المختلفة، وتقديم الدعم والمساعدة الإنسانية لأصحاب الحوائج منهم، والتعامل مع جميع المواطنين من مسافة واحدة، وعدم الخلط بين الصالحين منهم والمذنبين، وخاصة في قضايا الإرهاب، بل إن المبدأ الذي يعمل به سموه الكريم في هذا المجال، ويردده في مجالسه الخاصة والعامة هو قول الله تعالى (ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى)، وهذا مبدأ شرعي كبير، قل من يتمثل حقاً في مختلف البلدان، ويمثل العدالة الحقة في التعامل حتى مع أصحاب الأخطاء الكبيرة المخلة بالدين أو الوطن. * * * وغيرها كثيرة الأعمال والإنجازات التي حققها صاحب السمو اللكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، بدافع المسؤولية والأمانة الملقاة على كاهله، والتي تصب في النهاية لصالح الوطن والمواطن، وتشكل سوراً واقياً لجميع التحديات التي تواجهها المملكة، من الداخل والخارج، فنعم الرجل المناسب في المكان المناسب، ونعم القدوة في المسؤولية. أسأل الله تعالى أن يمد في عمر سموه ويجعله ذخراً لا ينضب للوطن والمواطنين، وللإسلام والمسلمين، وأن يجري الحق دائماً على يديه، ويجعله مباركاً في حله وترحاله، كما أسأل الله أن يوفق ولاة أمرنا وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين لما فيه الخير والصلاح، وأن يحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. * عضو مجلس الشورى