تبحث اقتصاديات الدول والشركات عن السيولة، سواء كان ذلك في وقت الرخاء او الشدة، فهي تعتبر وقودا للتنمية والحراك الاقتصادي، فلا نمو أو تنمية بلا إنفاق مالي، إذ اصبح الإنفاق هو الأساس الذي تبنى عليه مستويات التنمية والنمو الاقتصادي، لذلك تبحث الدول عن السيولة سواء كان ذلك من قدرتها الذاتية أو بالاقتراض، وهما المصدران الأساسيان لتوفير السيولة النقدية. فالمملكة ولله الحمد تمتلك الآن سيولة ضخمة تتجاوز مع نهاية سبتمبر الماضي وفق إعلان مؤسسة النقد ما يفوق تريليوني ريال كموجودات، يضاف لها ما تمتلكه صناديق الدولة كصندوق الاستثمارات العامة، هذا الحجم من السيولة يعتبر مصدر قوة وأمانا للدولة حاضرا ومستقبلا، والاهم هو استثمار هذه السيولة لتحقيق عوائد مالية مستقبلية تضيف مصدرا جديدا للدخل تستثمرها الدولة الآن بمصادر آمنة كما أعلن، وهذا مطلب مهم لمواجهة المستقبل وما قد يحمل من تقلبات وارتفاع في حجم الانفاق. إعلان وزير المالية قبل أيام أن هنالك توجها لاصدار سندات أو صكوك لتمويل بعض المشاريع، لا يعني نقصا للسيولة أو تعثرا من أي نوع، بل هو استثمار للسيولة الفائضة في القطاع الخاص والتي تحتفظ بها البنوك الآن. حيث تجاوزت السيولة أكثر من تريليون ريال معظمها غير مستثمر، وهذا يسبب خللا ببقاء سيولة غير مستثمرة حيث يرفع ذلك نسبة التضخم، فلا يمكن أن توجد سيولة مرتفعة بدون تضخم، وإصدار السندات هو نوع من امتصاص هذه السيولة وباستثمارها يصبح صاحب المال مشاركا ومستثمرا أيضا، منها حقق عوائد ويكون مساهما بالتمويل بدلا من بقاء المال بالبنوك بلا استثمار. مع ملاحظة أن الفترة الحالية هي الادنى في مستويات الفائدة على الاقراض وهذا ما يشجع على الاقتراض عوضا عن استخدام السيولة المتوفرة. قرار وزارة المالية حين ينفذ يحقق الحراك الاقتصادي للبنوك وأموال المودعين، ويحقق الانجاز في تمويل المشاريع الكبيرة التي يحتاجها الوطن في بنيته التحتية التي تتطلب الكثير من العمل والتمويل وهو ما يتحقق الآن بدون تدخل الدولة والسحب من أرصدتها، ويصبح في منظومة الاقتصاد الوطني والناتج المحلي، وهذا هدف استراتيجي يجب العمل على تحقيقه لما يمكنه من إضافة فرص عمل وتوظيف للأموال والافراد، السيولة تصبح عبئا حين تجمد ولا تستثمر بعكس توظيفها وتنميتها بمختلف أوجه الاقتصاد ومتطلبات التنمية الضرورية بأقل التكاليف.