تناقش الدراسات يوماً بعد يوم التحديات التي تواجهها المنشآت عند تطبيق استراتيجيتها، وتقترح الحلول الممكنة لذلك. وقد اطلعت على دراسة لحالة احدى المنشآت السعودية ارسلها لي بعد ان شارك في تقديمها الاسبوع الماضي الاستاذ ذعارالمطيري مدير إدارة التميز التنظيمي في الجهة محل الدراسة. ناقشت الدراسة واقع التحديات التي تواجه تطبيق الإستراتيجية في أحد أهم المنشآت السعودية ذات الدورالريادي في الاقتصاد السعودي وفي نقل وتوطين التقنية. ولم أذكر اسم الجهة بشكل محدد، كما هي العادة في هذه الزاوية، حتى لا ننشغل بالاسم عن الهدف الأساس وهو الاستفادة من نتائج الدراسة الواقعية التي يمكن أن تنطبق على كثير من المنشآت السعودية وهكذا هي طبيعة مثل هذه الدراسات. لقد أجمع أكثر من (70%) من مفردات البحث في تلك المنشآت على وجود سبعة تحديات رئيسية تواجه تطبيق الإستراتيجية. وقد توصلت الدراسة إلى أن أهم تلك التحديات هو عدم تطوير نظام للحوافز يدعم عملية تنفيذ الإستراتيجية. وهو دليل أن الإعداد الجيد للاستراتيجية ليس كافيا لتنفيذها، ما لم يجد العاملون ما يشجعهم على التنفيذ، حتى وإن كان ذلك جزءا من واجبهم الوظيفي، وهو ما قد ينافي المثل السائد أنه لا شكر على واجب، وقد بينت في مناسبات عدة أهمية شكرالعاملين على أداء مهامهم الوظيفية إذا أردنا منهم أداء أفضل. أما التحديات، التالية لنظام الحوافز، التي توصلت اليها الدراسة فقد توالت على الترتيب الآتي: عدم وجود نظم معلومات لمتابعة عملية التنفيذ، ثم عدم كفاية التدريب والتعليمات المقدمة للموظفين في المستويات الإدارية الأدنى، وعدم كفاية التعريف بمهام وأنشطة التطبيق الرئيسية، تلا ذلك عدم قياس أداء الموظفين لتنفيذ الإستراتيجية، وجاء بعده عدم وضوح التغيير في الأدوار والمسؤوليات للموظفين الرئيسين وأخيرا عدم وجود آلية فعالة للاتصال خلال عملية التنفيذ. وعلى الرغم من بداهة هذه الاسباب إلا أنها من الاهمية بمكان لبيان أن من القشة ما يقصم ظهرالبعير فما بالك بأنظمة وبرامج وأنشطة ضرورية وأساسية لمساندة تطبيق الإستراتيجية؛ وقد ذكرت في المقال السابق، بعنوان الإستراتيجية المنتج، كيف ان بعض المنشآت تتعامل مع الاستراتيجة كما لو كانت منتجا أقصى ما تحتاجه هو إعدادها؛ لتتذرع بعد ذلك بأن إستراتيجيتها لم تطبق دون الالتفات لمثل هذه التحديات. وقد توجت الدراسة مهمتها بسرد عدد من التوصيات المتعلقة بكل تحد من تلك التحديات أجملها بما يلي: إحداث التوازن بين حجم المهام والمسؤوليات والحوافز، مع توفيرالمعلومات اللازمة لمتخذي القرارات في الوقت المناسب، إضافة إلى أهمية عقد الدورات التدريبية حول كل مايتعلق بالتخطيط الإستراتيجي والتعريف بأنشطة التطبيق الرئيسية من خلال رسم خارطة طريق لتطبيق الإستراتيجية مقسمة إلى مراحل وبرامج ومشاريع يمكن إدارتها، مع إشراك الموظفين في مهام وأنشطة التطبيق، اضافة إلى توفيرآليات واضحة لقياس أداء الموظفين بشكل مستمر مع ربطه بأهداف الإدارة. ومما لاشك فيه أن الأخذ بمثل هذه التوصيات مع الإعداد الجيد للإستراتيجية كفيل بأن يساعد في إنجاح التنفيذ وتحقيق الأهداف. إن وجود الدراسات الميدانية للمنشآت المحلية والنتائج التي تتوصل اليها ستؤدي على المدى البعيد إلى وجود منشآت متعلمة يستفيد بعضها من تجارب الآخرين؛ إضافة الى أن هذا النوع من الدراسات حلقة من الحلقات المفقودة بين التعليم والممارسة التي تحتاج إلى الدعم والتشجيع من المنشآت نفسها ومن الجهات التنظيمية والتعليمية على حد سواء. * إدارة إستراتيجية وتسويق كلية إدارة الأعمال – جامعة الملك سعود