لأول مرة أشعر بأنني غير قادر على التعبير أو الكتابة عن شخصية فذة بحجم سلطان الخير (رحمه الله).. هذا الشعور تولد منذ اللحظات الأولى من تلقي خبر وفاة سلطان الخير - رحمه الله - نعم سأشعر في التقصير الكبير منذ الأحرف الأولى في حق شخصية فذة بمثل قامة سلطان بن عبدالعزيز.. لكن الواجب يفرض عليّ وعلى غيري أن يكون له تواجد ودور في التعبير عن المشاعر التي نعيشها في هذه الأيام العصيبة من حياتنا ونحن نفتقد شخصية تحمل كل معاني الإنسانية قبل أن تكون شخصية ذات مسؤولية تساهم وتتحمل مع قائدنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أعباء وهموم هذا الوطن بل أعباء وهموم الأمة الإسلامية.. سلطان الخير في ذمة الله.. خبر أذهل الناس جميعاً فلا راد لقضاء الله.. ولكن المحبة الكبيرة التي يمتلكها سلطان الخير في قلوب الناس كان لها الأثر الكبير عندما سمعوا بخبر وفاته فلا حول لنا ولا قوة إلا بالله (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون). إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقك يا سلطان الخير لمحزونون.. أي قلب لا يحزن وأي عين لا تدمع... عندما نشاهد سلطان الخير وهو يحتضن ابنا من أبنائه من ذوي الاحتياجات الخاصة ويقول لسلطان الخير إني أحبك.. فيرد عليه سلطان الخير بأبوة حانية أنا أحبك بعد. أي قلب لا يحزن وأي عين لا تدمع.. عندما نشاهد سلطان الخير يقسم بأن يقبل رؤوس جنودنا البواسل عند زيارته - رحمه الله - لجنودنا البواسل المصابين في أحد المستشفيات إنها والله قمة التواضع وقمة الوفاء. إنها والله مشاهد تبكي وتدمع العين. هكذا كان سلطان الخير زرع الخير بتواضعه وإنسانيته ومحبته ووفائه وعطفه فاقترن الخير باسمه. هكذا عرفه وأحبه كثير من الناس ليس في هذا الوطن فحسب بل في كافة أرجاء المعمورة.. لذا فإنه يصعب على كائن من كان من البشر أن يحصي مناقب سلطان الخير في كافة المجالات المتعددة. (خير الناس أنفعهم للناس). لقد أجمع الناس على سلطان الخير في الثناء عليه في حياته وعند مماته من خلال تعددد مآثره في الكرم والجود والتواضع وحب الخير من خلال بناء المساجد والجوامع وإنشاء مستشفيات وإسكان ودور علم ودور إيواء وإصلاح ذات البين وعتق رقاب ومساعدة المحتاجين من فقراء وأيتام وأرامل وذوي احتياجات خاصة ومعسرين. الخ. مع مناقب سلطان الخير تضطر أن تتوقف وتقول الكلمة المختصرة (الخ)... بالفعل لن يستطيع كائن من كان من البشر أن يحصي مناقب سلطان الخير المتعددة. فهذه الأعمال الجليلة بلا شك ستبقى ذكراً حسناً وستظل باقية وآثارها محمودة عند كافة المسلمين (فهم شهود الله في أرضه). إن أفضل الناس منزلة عند الله تعالى أنفعهم للناس. (مر على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة رجل من الأنصار فأثني عليها خيراً فقال: وجبت.. ثم مر عليه بجنازة أخرى فأثني عليها دون ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وجبت.. فقالوا يا رسول الله وما وجبت؟ قال: الملائكة شهود الله في السماء وأنتم شهود الله في الأرض). قال الإمام الشافعي - رحمه الله - أفضل الناس ما بين الورى رجل تقضى على يده للناس حاجات ختاماً.. أتوقف عند موقف مهيب لن يتكرر بطله قائد مسيرتنا ووالدنا خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - وألبسه ثوب الصحة والعافية.. موقف يختصر لنا كثيراً من عناء البحث عن كافة المقالات التي تتحدث عن مناقب سلطان الخير نثراً وشعراً. موقف غير مستغرب من خادم الحرمين الشريفين.. موقف يؤكد للملأ مدى محبة وتقدير أبي متعب لمكانة سلطان الخير حياً وميتاً عندما كان - حفظه الله - على رأس مستقبلي جثمان الراحل الكبير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله - بالرغم من وعكته الصحية التي ألمت به أخيراً. موقف بل مواقف ودروس نتعلمها بين الحين والآخر من والدنا وقائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - لنا دوماً. هذا الموقف الأخير ولن يكون الأخير في قاموس أبي متعب درس في قمة التلاحم والتكاتف والترابط والمحبة التي تجمعنا دائماً على الخير في السراء والضراء.. نسأل الله العلي القدير الرحمة والمغفرة لسلطان الخير اللهم اغفر له وارحمه وعافه وأعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.. اللهم وأنزل على قبره الضياء والنور والفسحة والسرور وجازه بالإحسان احساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم آمين.