تودع المملكة هذا اليوم سلطان بن عبد العزيز. هذا الإنسان الرمز..الإنسان القوة.. والإنسان الأصالة.. والإنسان الخبرة..والإنسان الحب الكبير لهذا الوطن.. لقيادة هذا الوطن.. ولشعب هذا الوطن.. نودعه بالدموع.. ونودعه بتفطر قلوبنا.. وتشوش عقولنا.. وبتكدر نفوسنا وخواطرنا. نودعه اليوم إلى مثواه الأخير.. في لحظات "حزينة" ومؤلمة.. ولكن بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره.. نودعه ونحن نذكر جهوده وجهاده من أجلنا طوال ثلاثة وثمانين عاماً.. كان يعيش بيننا ومعنا "إشراقة حياة" ووجوداً كبيراً.. ونبضاً يتحرك داخل مشاعر كل واحد فينا.. نودعه .. ونستودعه الله الذي اختار له أن يعود إليه.. وأن يغادر دنيانا بعد أن أثرى مختلف جوانب حياتنا.. وترك بصمة على كل مدينة وقرية وداخل كل إنسان فينا نودعه وكلنا إحساس بعظم الخسارة التي لحقت بنا.. بلداً.. وقيادة.. وشعباً نودعه.. ونودع معه أجمل أيام العمر.. التي قضاها معنا.. ومن أجلنا نودعه وقد ترك فينا قيمه.. أعماله.. ابتسامته وسماحته.. وحبه لوطن عشقه.. فتفانى في خدمته.. وضحى بصحته من أجله.. نودعه اليوم بعد أن اختاره الله إلى جواره .. ولكنه تركنا في رعاية ملك إنسان.. ملك عادل.. ملك صالح.. نشعر معه بالأمان.. وبالصبر.. وبالقوة.. وبالأمل في الله بأن يطيل لنا عمره.. ويبارك لنا في وجوده.. ويمتعه بالصحة والعافية.. ويعينه بأخوته وأبنائه وأحفاده الأوفياء ليواصل مسيرة العطاء.. ويحقق لهذا الوطن المزيد من الخير.. فنحن وإن كنا قد فقدنا الأمير الرمز.. إلا أن من فقده أكثر منا .. وشعر بفداحة مصابه فيه.. هو خادم الحرمين الشريفين.. فهو الأكثر حزناً.. والأكثر إحساساً بفراق أخيه وحبيبه.. فقد عز عليه أن يصل جثمان أخيه .. ويدفن.. بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى.. ولا يراه.. ولا يودعه.. فغالب ألمه.. وجراحه.. وغادر مستشفاه قبل أن يكتمل علاجه.. وقبل أن يسترد كامل صحته.. غادره لكي يكون في هذا الوداع الحزين هذه الأيام لأغلى الناس لديه.. وأحبهم إلى قلبه.. وأقربهم إلى عقله.. عافاه الله.. وشافاه.. وأنعم عليه بموفور الصحة والعافية وطول العمر.. فلأنت يا سيدي الملك.. قادر – بإذن الله تعالى – على أن تخفف من مصائبنا.. وتتحمل عنَّا الكثير من آلامنا.. فقد وهبك الله حساً إنسانياً نادراً.. وأعطاك صبراً.. هو صبر الإنسان المؤمن.. والقادر على مواجهة الشدائد والأحزان.. ولنحن أبناؤك.. وإن عزينا أنفسنا في أمير الحب .. والبشاشة .. والتسامح.. فإننا لنعزيك في عضدك.. ومعينك.. وأخيك.. ورفيق دربك.. سلطان.. بعد أن أعطى الكثير لهذا الوطن.. فدمت.. وعشت لنا كي تواصل مسيرة الخير والعطاء وتعطي للوطن.. وشعب هذا الوطن الكثير والكثير.. وتجعلنا باستمرار على تلك الدرجة من الوفاء لأمير "الفرح" و"العطاء" و"الخير" سلطان.. يرحمه الله.. وكلمة أخيرة أقولها لأبناء فقيد هذا الوطن والأمة وبناته هي : لئن فقدتم أيها الأعزاء .. أباً في الدم.. وفي الأبوة والحنان.. فإن الوطن كله.. والأمة كلها.. بل والإنسانية أجمع قد فقدته أيضاً.. ولذلك فإن مصابكم هو مصاب هذا الكون بكل ما فيه ومن فيه.. فهنيئاً لفقيدنا وفقيدكم.. بهذا الوداع اللائق بمقامه.. وإلا فإن مكانه الجنة.. فهي خير مقام.. بمشيئة الله وحوله وقوته.. والله معنا ومعكم.. والحمد لله على قضائه وقدره. *** ضمير مستتر [ تجف الدموع.. وتتوقف القلوب عندما يُصدم الإنسان بفقد إنسان عظيم بمقام سلطان ]