هذه هي المملكة العربية السعودية .. وهذا هو نظامها .. وهذه هي قيادتها .. قيادة تعيش وسط شعبها .. وشعب يلتف حول قيادته. لقد أنعم الله علينا في هذه البلاد .. أن جعل النظام لدينا (ملكيا) .. واختار لنا إماماً حكم بشرع الله .. ووحد وطناً كان شتاتاً. ذلكم هو الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل (طيب الله ثراه) .. أقام دولة .. وأرسى حكماً .. وصنع رجالاً .. وجعل دستورها قرآناً. وطن هذه صفاته .. وهؤلاء رجاله .. وهذا دستوره .. هو وطن متفرّد .. لا تشبهه الأوطان .. وليس له مثيل في هذا الكون. ذلك أن الله أكرم هذه البلاد المباركة بوجود بيته العتيق وكعبته المشرفة .. ووجود مسجد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. ولأننا أمة ارتضت القرآن الكريم دستوراً .. وسنة الرسول الكريم منهجاً وتشريعاً .. وأكرمنا الله بقيادة بارة .. أحبت شعبها .. فبادلها الشعب حباً بحب. كل تلك المعاني .. تتجلى في هذه الصور التي يرسمها ملك هذه البلاد (حفظه الله) .. وليس هناك صورة أكبر .. ولا أجمل .. من تلك التي شاهدناها وتابعنا تفاصيلها في مطار قاعدة الملك خالد الجوية بالرياض. إنه -عبدالله بن عبدالعزيز- الملك الإنسان .. رأى أن الموقف أكبر من نصائح الأطباء باستكمال علاجه في قصره العامر .. قرر أن يكون في استقبال أخيه وحبيبه وولي عهده. أبكانا خادم الحرمين الشريفين .. ألقى النظرة على أخيه .. جاء ليودعه .. وهو الذي كان في وداعه يوم غادر لرحلته العلاجية الأخيرة. أيها الملك الصالح .. في كل يوم تقدم لنا الدروس .. في كيف يكون الوفاء .. وكيف تكون الأخوّة .. وكيف يكون تحمل الآلام والمصائب؟ أيها الملك الغالي .. من يستطيع تحمل خبر وفاة شقيقه وولي عهده .. وتحمّل آلام ومتاعب العملية الجراحية في وقت واحد .. وتحمّل مشاهدة أخيه في نعشه هذه المرة .. غيرك أنت؟ أيها الملك الحبيب .. أحسن الله عزاءك في أخيك .. فإن سالت دمعتك .. فقد سالت دموعنا .. كنا ننتظر وصول جثمان الفقيد الكبير لنلقي عليه نظرة الوداع. كنا خلف الشاشة ننظر بعين إلى تلك اللحظات الحزينة لوصول جثمان فقيد الوطن .. وننظر بالعين الأخرى لنرى وجهك الذي يرتاح الشعب لرؤيته .. لكنك بدوت حزيناً .. فحزن كل الوطن لحزنك .. ولفراق سلطان. إنك -يا سيدي- شخصية يندر وجودها في هذا الزمن .. قائد ملهم .. وملك صالح .. وإنسان جمع كل صفات التواضع والإنسانية .. إنك (ملك استثنائي). حفظك الله من كل سوء .. وجعل كل ما تحملته من متاعب وآلام في موازين حسناتك .. وألبسك الله ثوب الصحة والعافية .. وسيبقى وطننا بخير ما دمت أنت بخير. اللهم أحفظ الوطن .. وأحفظ مليك الوطن.