تعد "الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الفُصام" الوحيدة المتخصصة في الشرق الأوسط، وتضطلع بتقديم الخدمات لمرضى الفصام والدفاع عن حقوقهم، وتسهيل متطلبات المريض، من خلال عرض بطاقة العضوية للجمعية التي تضم عدداً من الاتفاقيات بين الجهات الحكومية وغيرها لدعم المرضى. ونبّه "د. إبراهيم الخضير" نائب رئيس الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الفُصام، أهالي المرضى بعدم تعنيفهم، أو توجيههم بشكل سلبي، مؤكداً أن الايجابية في التعامل معهم يساعدهم على تجاوز حدة المرض. وقال إن مريض "الفُصام" يلجأ أحياناً إلى العزلة؛ بسبب العادات السلوكية المزعجة من الآخرين مثل التدخين، والهلاوس الصوتية التي قد تباغت المريض ويرد عليها بصوت واضح تثير غرابة الآخرين ونفورهم منه، مطالباً الأهالي بحماية أبنائهم المرضى بالفصام قانونياً، وتقديم الرعاية الصحية، مطالباً بتسهيل الإجراءات الحكومية للمرضى، وتأمين عامل خادم للأسر ذات الدخل المحدود والتي يعاني أحد أفرادها ذات المرض، إضافة إلى فتح مراكز اجتماعية تحتضن مرضى الفُصام، تخفف العبء عن أهالي المرضى. "الرياض" ألقت الضوء على أهالي مرضى "الفُصام" لتنقل معاناتهم وحاجتهم إلى المزيد من الاهتمام بأبنائهم وتوفير متطلباتهم. قصص مأساوية وصلت إلى محاولة الانتحار وإيذاء الآخرين سلوك عدائي شكت "أم محمد" حال بناتها الثلاث المصابات بالفُصام بنبرة حزن قائلة: "إحدى بناتي المريضات وجهت (طعنة) إلى كتف والدها العاجز عن الحركة، وأخرى تربصت لأخيها المريض ب "التوحد" حتى استطاعت أن توجه ضربة قوية على رأسه، أردته طريحاً فاقداً الوعي، ومن بعدها أصبح يتعرض لإغماءات مفاجئة"، موضحةً أن بناتها تراوح أعمارهن بين (24-30) عانين المرض منذ سن المراهقة، فجميعهن أصبن بمراحل متأخرة من الفُصام، فيما تعرض ابنها الوحيد لمرض "التوحد"، مشيرة إلى ان زوجها والد المرضى هو سندها الوحيد - بعد الله-، رغم أنه أصيب برعشة أفقدته القدرة على الحركة، حتى بات ملازماً الفراش من دون عمل أو أي دخل مادي، واصفةً حياتها بالجحيم الذي لا يُطاق، لكونها في حالة ترقب دائمة؛ خوفاً من أي انتكاسة أو نوبة مرضية لبناتها اللاتي رفضن العلاج، متوجسةً من تعّلق إحداهن بالأدوات الحادة في حالة هذيانها، وتفريغها غضبها على والديها وأخوها التوحدي، عكس شقيقتها الأخرى المصابة هي الأخرى، التي يشتد بها المرض فتحاول الهرب من المنزل، قبل أن تعود إليه بعد بحث مُضني من الشرطة، ثم الإسعاف الذي ينقلها إلى مستشفى الأمل، لتتلقى علاجاً مؤقتاً، وما أن تعود إلى المنزل وتتحسن؛ إلاّ وتعود لترفض تناول الجرعات العلاجية، ثم تعاودها نوبات المرض، بشكل أشد مما سبق. وأكملت "أم محمد" حديثها عن ابنتها الثالثة والمصابة بالفُصام، مشيرةً أنها تكرر الكلام من دون وعي وإدراك، فقد تعيد جملة واحدة لمدة أسبوع دون أي تعب، وعندما تطالبها والدتها بالسكوت أو محاولة نقاشها، ترفض وتعترض بعنف، وقد تلجأ إلى ضربها لإجبارها على السماع منها، كاشفةً أنها أصبحت تعاني اكتئابا ومرض القلب، وعدة أمراض، حتى أصبحت تتناول أكثر من 20 قرصاً علاجياً في اليوم الواحد، موضحة أنها تحمل على عاتقها حمل أسرتها بعد تدهور حالة زوجها الصحية، ولا يعولهم سوى "الضمان الاجتماعي" وأهل الخير. عزلة تامة وتروي "أم أحمد" معاناة أحمد البالغ من العمر (27 سنة) قائلة: "ابني يعاني عزلة تامة، لدرجة انه لا يلتقي أخوته، وصار مدمناً على شرب الشاي والتدخين، ولا يزال رافضاً استخراج أوراقه الثبوتية الخاصة به والمثبته لهويته"، موضحة أنه إذا انتابته حالة الغضب، وهي أحد أعراض مرض الفُصام، يبدأ يصرخ بأعلى صوته، ويضرب ويكسر ما يعترض طريقه، ولا يجدون طريقه لإيقافه سوى الاتصال بالشرطة والاسعاف، والهلال الأحمر لنقله إلى المستشفى، كما استعانت ذات مرة بعمالة أجنبية لنقله إلى المستشفى بالقوة مقابل اعطائهم مبالغ مالية، منوهةً ان بقاء ابنها وهو في تلك الحالة يشكل خطراً على جميع أفراد الأسرة. محاولة انتحار وقال "عبدالله صالح" أن شقيقه المصاب بالانفصام حاول الانتحار بالذخيرة الحية، حيث أخذ يصرخ مهدداً بالانتحار في ساعة متأخرة من الليل، واستمر مهدداً حتى أذان الفجر، مشيراً أنه استطاع استدراجه حتى ترك السلاح، وزال الخطر من أفراد الأسرة، لكون محاولات شقيقه بالانتحار كانت في سطح المنزل، وأي محاولة بالعبث في السلاح، قد تعرض أهل المنزل أو الجيران للخطر. تشافى تدريجياً وإذا كانت الروايات الماضية سلبية وأعنف مما يُتوقع، فإن هناك تجارب إيجابية لا تقطع بصيص أمل المرضى بالشفاء، حيث تروي "أم فهد" عن ابنها الذي بدأ في التشافي جزئياً من مرض الفصام، حيث تكللت رحلتها بالبحث عن علاج ابنها بالنجاح بعد أن قرر الطبيب صرف "حقن طبية" بدلاً من الجرعات الدوائية، عن طريق زيارة منزلية من قبل مستشفى الأمل للتأكد من أخذها الحقنة في موعدها المحدد كل أسبوعين، حتى استقرت حالة ابنها بفضل الله كثيراً، وأصبح يمارس حياته بشكل أشبه الطبيعي، مع أعراض خفيفة ملازمة للمرض، مثل حديث النفس بصوت عال، ونوبات الغضب المعقولة، والعزلة وغيرها.