حالات الملل قد تصيب أي إنسان، قد يمل من العمل، من البيت من الأولاد من الأصدقاء من أي شيء، وقد تكون مؤقتة وفي أحيان أخرى تكاد أن تكون شبه دائمة. ولأن الإنسان في مراحل مختلفة يعجز عن وصفها أو تحديد أسباب حقيقية لها إلا أنه وبعزيمة فاترة يسعى لتفتيتها ليقع في دوامة متباطئة تعيده لنفس الحلقة المفرغة التي يعيش فيها . ومع أن البعض يعتقد بأن الملل لا يأتي إلا مع الفراغ، إلا أن كثيرين ممن لا وقت لديهم ليحكوا شعر رأسهم كما اعتدنا ان نقول لمن هو منغمس في مشاغله يعانون ذات المشكلة! كلمة من ثلاثة حروف تطبق على من يعيشها لتجعله أسيرا لدائرتها مهما كان عمره حتى ولو كنت تتوقعها حالة نادرة في مرحلة الشباب إلا أنها لا تعتق أحداً من همها فتراها مثيرة للمشاكل في مراحل المراهقة وثقيلة منهكة في الكبر. لكنها على الأغلب تختلف في حدتها فتبدأ مؤقتة لكنها قد تستدرج صاحبها لمراحل متقدمة منها حتى تصبح دائمة إذا هو لم ينتبه لنفسه في وقت مبكر. ومع أن العلاج الذي يوصف لمثل هذه الحالات هو الخروج من الروتين ومزاولة هواية أو نشاط مختلف إلا أن الاختيار بحد ذاته قد يكون صعبا ليملل صاحبه من التفكير فيستسلم بعد أن يعييه البحث عما يفعله مختلفاً. حكت لي امرأة عن أمها وكيف أنها استطاعت أن تنتشل نفسها من حالة الملل التي غزت حياتها بعد أن كبر أولادها واستقلوا، بانها لجأت للبستنة وأنشأت حديقة صغيرة لها تزرع فيها أشياء جميلة ومفيدة ،وكيف انها استطاعت أن تحبب جاراتها بما قامت به بعد أن وجدن في النباتات التي تحتاج لرعايتهن واهتمامهن مكانا لما اعتدن ان يقدمنه لمن حولهن من عطاء. وكم أدهشتني بعد أن ذكرت أن أمها وجاراتها يعتزمن إنشاء مشتل صغير لهن ينتج ويسوق النباتات التي يرعينها ليدر عليهن دخلا ثابتا. خصوصا بعد أن اكتشفن أن هذه الهواية المحببة لهن يمكن أن تدر عليهن ربحاً وليس الأدل على ذلك من المشاتل المنتشرة في الشوارع ويقف عليها ويرعاها أجانب. فهل سينجح مشروعهن ؟هذا ما نتمناه لهن ويكفيهن نجاحا أنهن استطعن قهر دائرة الملل التي كانت محيطة بهن وهي التي كانت ولاتزال تقهر وتنال من عزيمة الكثيرين.